- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تدويل البقيع .. وفرصة البناء السانحه
حجم النص
بقلم: عقيل الحمداني يطالعنا الثامن من شوال من كل عام بذكرى عظيمة لفاجعةٍ أليمة على المسلمين عامة، وقلوب أتباع أهل البيت عليهم السلام خاصة، ألا وهي ذكرى هدم أضرحة آل بيت النبي (ص) في بقيع الغرقد على يد جلاوزة النظام السلفي الوهابي في مملكة آل سعود، والذين اتكأوا في الإقدام على هذه الجريمة العظمى على فتاوى فاسدة العقيدة والرأي لفقهاء الفتنة والضلال وعلى رأسهم محمد بن عبد الوهاب النجدي الشارب من كأسٍ صديد سقاه إياه إبن تيمية الحراني وابن قيّم الجوزية وباقي علماء السلف الطالح. إبن عبد الوهاب هذا، هو الذي عقد تحالفاً مشؤوماً مع محمد بن سعود آل مقرن مؤسس الدولة السعودية الأولى وأمير منطقة الدرعية في الحجاز آنذاك، وكان فحوى هذا الاتفاق هو إنشاء دولة قبليّة ترتكز على الفكر الديني السلفي في تطبيق الشريعة الإسلامية من أولى أولوياته نشر الفكر التوحيدي ونبذ مظاهر الشرك، واقتفاء أثر السلف الصالح بزعمهم!!، وتوسيع رقعة المملكة بابتلاع الإمارات والقبائل المجاورة بمباركةٍ من اللوبي اليهودي- البريطاني.. وكان من النتائج المؤلمة لهذه الحملة البربرية الشعواء تدمير المئات من قبور ومقامات وبيوت آل بيت النبي وذراريه عليهم السلام وصحابته الاجلاء رضوان الله عليهم، والتي كادت أن تطال قبر رسول الله (ص) وقبّته الشمّاء في تحدٍ سافرٍ لشريعة الله ومشاعر عباده المسلمين، لولا ردود الأفعال والتظاهرات والاستنكارات التي عمّت الدول العربية والإسلامية.. إزاء هذا السفر الأسود الحافل بالهمجية والعِداء للإسلام والمسلمين ورموزهم ومقدساتهم، نقف اليوم أمام تحدٍّ حقيقي تجاه هذه النكبة الإسلامية الفادحة وتقييم الجهد - الإسلامي عامة (والشيعي) خاصة – المبذول لإعادة بناء أضرحة أهل البيت عليهم السلام المقدسة، ورفع أعلام ما طمسته أيادي الوهابية من آثارٍ إسلاميةٍ مشرَّفة. والحقيقة الصادمة هي لا وجود لجهدٍ معتدٍّ به إزاء هذا الحدث الجلل والشرخ الكبير في جسد الامة الإسلامية الذي لو كبح جماحه في حينه لما إجترأت علينا الوهابية بهذه الجرائم المتعاقبة الى يومنا هذا!! ولكن.. بإمكاننا ترميم هذا الصدع إذا ما توكلنا على الله وعقدنا العزم للنهوض بخطةٍ مدروسةٍ شاملة بهذا الشأن، وعدم الإكتفاء بالمجالس التأبينية وبضع مؤتمراتٍ خجولة هنا وهناك.. نحتاج الى وقفةٍ جادةٍ وتنسيقٍ عالٍ بين الدول الإسلامية وما ينضوي تحتها من وزارات خارجية وثقافية وأوقافٍ وتعليمٍ عالٍ وشباب ومؤسسات مجتمع مدني ونقابات وإتحادات ونوادٍ فكريةٍ وأدبيةٍ وإجتماعية ؛ لجمع اكبر عددٍ ممكنٍ من التواقيع والعرائض من كافة شرائح المجتمع وطبقاته على اختلاف مذاهبه الإسلامية المعتدلة، وتقديمها كحجةٍ دوليةٍ دامغة امام لجنة التراث العالمي في وكالة اليونسكو التابعة لمنظمة الأمم المتحدة كحراكٍ قانوني بروتوكولي ضاغط على هذه المؤسسة التي تنضوي تحت قبتها أكثر من (190) دولة. كما لا نغفل الحراك الاجتماعي وتنويع آلياته ووسائله ومنها على سبيل المثال لا الحصر: - تنظيم تظاهرات مليونية دولية تتوحّد فيها لغة الخطاب وساعة الإنطلاق لتكون نشاطاً أممياً يذهل العالم ويوقظه من غفلته. - إقامة الندوات والمؤتمرات الدولية الدورية للتعريف بهذه الجريمة وعرض أبعادها الدينية والقانونية والإنسانية. - إرسال الوفود الى الجهات والمؤسسات الدينية والثقافية والإجتماعية وأصحاب التأثير في الراي العام من مختلف دول العالم. - شحذ الماكنة الإعلامية بأدواتها المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة والإستفادة من إمكاناتها الهائلة على أتم وجه. - الإستفادة من الفنون الجميلة وخطابها العابر للدين والقومية واللغة ؛ كإقامة المسرحيات، وندوات الشعر ومعارض الرسم والصور الفوتوغرافية، وإقامة النُصُب والمجسمات التي تجسد جريمة البقيع ومثيلاتها. - الإستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي ونفوذها الإعلامي الهائل. كل هذه الإجراءات وغيرها ستساعدنا في إفهام العالم بان بقاء هذه الرموز الإسلامية على ما هي عليه من الهدم والطمس لهو مساسٌ بمقدسات ومشاعر أكثر من مليار ونصف إنسان مسلم في العالم، تدعمنا بذلك فرصة إفتضاح النهج الدموي لحكومة آل سعود وزبانيتها الوهابيين وأذرعها الإرهابية في العراق وسوريا واليمن والبحرين، وإيغالهم بدماء المسلمين وأبناء الديانات الأخرى ذبحاً وتفخيخاً. كما لا نغفل عن تقديم الأدلة الوثائقية لما قام به الوهابيون من نظائر بشعة لحادثة البقيع في العراق وغيره من البلدان الإسلامية ؛ كتفجير قبّة الإمامين العسكريين عليهم السلام في سامراء، وتهديم قبر نبي الله يونس عليه السلام في الموصل،وتفجير المئات من المساجد والحسينيات في العراق وسوريا والكويت والبحرين واليمن بمصلّيها، وتخريب الإرث الحضاري الإنساني الكبير عندما أقدموا على تخريب متحف الآثار العراقية في الموصل وما يحويه من نفائس تأريخية أثرية عظيمة لا تقدر بثمن..... والقائمة تطول. لا وجود للمستحيل .. مع إيمانٍ راسخٍ وإرادةٍ صُلبة في تحقيق ما يصبو إليه الإنسان من هدفٍ أو رغبةٍ ما.. فما بالك إن كان هذا الهدف دينياً.. إنسانياً.. أممياً، يهدف الى إحترام الإنسان ومقدساته، وكفالة حرية الرأي والإعتقاد وطوي صفحة التكفير وإباحة الدماء، وحصر شذاذ الآفاق والقتلة – أفرادا كانوا ام حكومات - في زاوية الإدانة وفضحهم وتعريتهم أمام الملأ وإنهاء العالم من شرورهم.. فقط لنترك الندب.. ونشحذ الهمم.. ولنعمل. {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105]
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً