حجم النص
الدكتور يوسف السعيدي عشرات الشهداء..ومئات الجرحى.... ليسوا امبرياليين ولا صهاينة... ولا من المحافظين الجدد.... ليسوا من اعداء الاسلام بل هم من دعاته ومن المؤمنين به، والمؤتمنين على رسالته، وكان اليوم جمعة، وكانوا يجتمعون لاداء فريضة الصلاة... لم يكن اي منهم اجنبيا كان كل واحد منهم عراقي من بشرة الجلد حتى نخاع العظام.... كان بعضهم عربيا، والاخر كرديا، وبعض ثالث من التركمان... جمعتهم في المكان المعلوم فريضة الصلاة... جمعتهم كما كانت تجمعهم دائما خير العبارات (لا اله الا الله، محمد رسول الله) فاي فكر متعفن هذا الذي خطط لقتل هؤلاء؟ واية روح شريرة تلك التي خططت ووجهت؟ واي مجرم هذا الذي قبل ان يفجر نفسه ليغرق عشرات المصلين بشلال الدم، وليمزق الدشاديش البيض والطاقيات ويجعلها تختلط بتراب الارض؟. من اية زاوية نتناول الموضوع فاننا لا نجد فيه عملاً سياسيا، ولا عملاً جهاديا، ولا عملا بطوليا، ولا واجبا دينيا شرعيا، ولا فعلاً وطنيا... فلم يمله الدين ولا القومية ولا الوطنية ولا محاربة الكفر... بل ان هذه المفاهيم الجليلة مجتمعة تأنف من عملية القتل الجماعي التي يمارسها البعض... وهي تاتي بنتائج معاكسة حتى لو افترض البعض حسن النوايا مع انه ليس وراء القتل نية شريفة او حسنة.... ولكن هل يجيد هؤلاء البرهنة على ان العراقيين لن يعيشوا بسلام بدون جنود الولايات المتحدة ودباباتها؟ هل يريد هؤلاء ان يقولوا للعالم باننا قوم همج ووحوش يقتل بعضنا بعضا؟ هل يريد هؤلاء ان يقولوا للعالم بان الاسلام والعروبة مذهبان للقتل بينما الاسلام دين الرحمة والعروبة ليست سوى دعوة للاخوة بين الامم؟ ان الاحزاب والحركات السياسية ايا ما كانت عقائدها يجب ان يكون هدفها صيانة الحياة لا تدميرها، وجعلها جديرة بالعيش وليس ميدانا للصراع الدموي... ان واجب الاحزاب، اذا كانت ذات عقيدة فعلاً، واجبها اسعاد الناس، توفير احتياجاتهم، اقرار حقوقهم، درء الاذى عنهم، حماية دمائهم، واعراضهم، وممتلكاتهم، احترام معتقداتهم، رفع الظلم عنهم، اقرار العدالة بينهم.. اما ان يكون واجب الحزب، اي حزب، ينحصر في شاحنة مليئة بالبارود تتوجه لبيت من بيوت الله لتجتث ارواح المصلين فهذا ليس حزبا ولكن عصابة، ولن يؤدي واجبا دينيا بل يحاول الاجهاز على الدين وقيمه... وليس هنالك مبرر واحد حتى لو كان بحجم الذرة يجعل من هذه الجريمة ومثيلاتها مقبولة عند الله او العباد.... ما كان عدواً فاعلاً ابداً بعدوه كما نفعل، نحن العراقيين، بانفسنا... مئات الالوف هجروا من بيوتهم ليعيشوا في العراء... خمسة ملايين معظمهم من ذوي الكفاءات الذين تعبت البلاد، ودفعت من المال والجهد ما دفعت لتجني ثمار علمهم، فاذا بهم شتاتاً في اصقاع الارض... عوائل تعاني ضنك العيش.... شوارع صارت ساحات للاغتيالات والخطف، وامهات يبحثن عن اجداث ابنائهن في ثلاجات الموتى، ومحظوظ من يعثر على جسد فقيده ليواريه الثرى... هكذا كان الناس عندما يغزوا بلدانهم الطاعون. وفي العراق اليوم يعم الطاعون لكنه طاعون لا تولده الا جرثومة الشر المستقرة في بعض النفوس.. لترسم لنا بانوراما شريعة القتل..محاطة بكل الوان الاحقاد..المستوردة من عواصم الارهاب اليعربي..وغير اليعربي...
أقرأ ايضاً
- وزارة التجارة تغش الفلاحين .. معجزة عراقية بذور القمح تنتج العدس
- بذور الاستعمار انتج ثمار اسمها الاستهتار
- حتى لا تموت البذور