- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
القضاء العراقي .. ووثائق ويكليكس!!
حجم النص
بقلم:فالح حسون الدراجي ثبت مادياً، وشرعياً، وأخلاقياً، سلامة القضاء العراقي من كارثة (ويكليكس)، فهذه الكارثة، أو هذا الزلزال الذي ضرب البنية القيمية، والأخلاقية السياسية والحكومية في العراق بالصميم كسر ظهر العملية السياسية، سواء شئنا ام أبينا ذلك، على الرغم من (تغليس)، ولا مبالاة الجميع، وأقصد الجميع: حكومة وشعباً وما بينهما من دهاليز مظلمة! وإذا كان أعظم الزلازل في التاريخ قد حدث في بلاد الإكوادور يوم الحادي والثلاثين من كانون الثاني عام 1906بقوة بلغت تسع درجات على مقياس ريختر، فتولدت عنه أمواج (تسونامي)، التي أودت بحياة أعداد كبيرة من السكان، بحيث لم يستطع أحد إحصاءها حتى اللحظة، كما أزالت مدناً كاملة من الخارطة.. أقول، إذا كان كل هذا قد حدث بسبب زلزال قوته تسع درجات، فماذا ستكون الخسائر الناتجة عن زلزال (ويكليكس) التدميري، الذي قوته سبعين ألف درجة، على مقياس الداهية جوليان أسانغ.. (يعني درجة لكل وثيقة عراقية)؟! والجواب الحسابي لهذه المعادلة الإفتراضية سيكون واحداً، سواء أكان الحساب يدوياً بالأصابع، ام محسوباً بالقلم، والمسطرة، ام ألكترونياً من خلال الكومبيوترات، والحواسيب المعقدة! بمعنى ان كل الأجوبة ستلتقي عند حل واحد، حل يقول، ان الخسائر ستكون حتماً باهظة، وثقيلة، ليس في الميدان السياسي والحكومي العراقي فحسب، بل وفي مجمل الحياة العراقية أيضاً.. ألم يكن لبعض رجال الإقتصاد والإعلام والعشائر ورجال الدين وثائق مخزية في بنك (ويكليكس) المخزي؟! ولكن للأسف، لم يحدث أي شيء من هذا.. فلا سياسيون سقطوا، وخرجوا – بعد ورود أسمائهم في وحل ويكليكس عن ساحة العمل السياسي، ولا وزراء إعتزلوا كراسي الحكم، كتعبيرا عن أسفهم لما فعلوا، ولا نواب فيهم بعض الحياء إستحوا، فإعتذروا لنا، ولا رؤساء عشائر إعترفوا امام الناس عن دناءتهم ورخص سعرهم وتآمرهم على العراق، والعراقيين فخففوا عن وجعنا بهذا العار الذي ثلم كرامتنا الوطنية.. والمصيبة أن الأوضاع ظلت هادئة بعد الزلزال، وطبيعية جداً، بحيث لم يختلف أي شيء عما كانت عليه قبله.. صحيح ان اللي اختشوا ماتوا..!! أحد الأكاديميين الإقتصاديين العراقيين الكبار في واشنطن كتب تغريدة في تويتر، بعد ساعات قليلة من ظهور فضائح (ويكليكس)، يقول فيها: (المالكي، هو الشخص الوحيد الذي سينام الليلة في العراق مطمئناً، ومرتاح البال).. وهي إشارة واضحة لا تحتاج قطعاً لشرح، أو تفصيل.. ولكني كتبت في مكان آخر تعليقاً قلت فيه: (ليس المالكي وحده من السياسيين، والحكوميين، والشخصيات المسؤولة في المجتمع العراقي من ينام الليلة مطمئناً، ومرتاح البال.. إنما هناك سياسيون آخرون كثيرون، من بينهم الشيوعيون، الذين سينامون وضمائرهم ناصعة مثل أياديهم.. وهناك عدد غير قليل من رؤساء العشائر النجباء الذين ما خضعوا لسلطة الرشى والمال السعودي الوهابي الحرام.. وهناك رجال دين، ظلت عمائمهم طاهرة كطهر أيمانهم، وامامي حشد من هؤلاء الأتقياء.. وهناك نواب فيهم من يستحق ان تصفق له بقلبك وروحك قبل ان تصفق له بيديك.. وهناك اعلاميون رفعوا رأس المهنة، وبيضوا وجهها، بعد ان سخمه أعلاميو الثلاجة، وسقطة ويكليكس.. وقبل هذا وذاك.. وهذا المهم عندي، بل هو الذي أفرح قلبي كثيراً.. ان القضاء العراقي خرج من هذا الزلزال سليماً معافىً، وخرج من الكارثة مرفوع الرأس.. فحمدت الله وشكرته لأن القضاء العراقي برأيي (آخر الحبال التي بها نعتصم) فلو قطعت هذه الحبال لا سمح الله، لما بقي للعراقيين امل بالنجاة من هذه الكوارث.. لقد أتهم بعض قضاتنا بتهم، هم براء منها والله، فهذا النائب يريد قضاء مصالحه على حساب العدل، وحين لايستجيب القضاء له، ولمصالحه، يخرج على شاشة التلفاز، فيدلي بتصريح ظالم يقلب فيه الحق باطلاً، والباطل حقاً.. وذاك الإعلامي يختلف مع هذه الجهة القضائية او تلك، فيكيل لها بما يشاء من أباطيل.. وهكذا السياسي، وشيخ العشيرة، فكل يغني على ليلاه، ومن اجل ليلاه فحسب.. لكن الحق الذي اطاح بحشود السياسيين والنواب والمسؤولين في الوحل السعودي، بعد ان فضحهم (جوليان أسانغ) في موقع ويكليكس، بيَّض وجه القضاء العراقي، وبيَّض وجوه العراقيين بهذا القضاء المفخرة.. ومن اجل ذلك، سننام جميعنا الليلة وكل ليلة مطمئنين ومرتاحي البال، لأن (صمام الأمان) لكل العراقيين سليم، ومستقيم، وشغال بقوة.. نعم سننام مطمئنين لأن في العراق قضاء عظيم، له تاريخ وحاضر نبيل، ولأن فيه قضاة لايبيعون شرفهم القضائي لو دفع لهم (خادم الحرمين) كل اموال النفط السعودي. إن قضاءً وطنياً يقود مجلسه الأعلى مدحت المحمود، وينطق بلسانه عبد الستار البيرقدار، ويرأس بعدالة إستئناف رصافته جعفر محسن الخزرجي، ويدير شؤون محاكمه حشد من القضاة النزهاء أمثال شهاب أحمد ياسين، ومحمد سلمان، وراضي علي الفرطوسي وغيرهم من عشرات القضاة لا يمكن إلاَّ ان يكون عادلاً ونزيهاً وشريفاً.. فشكراً لويكليكس الذي أسقط المرتشين الفاسدين، ورفع الشرفاء النزهاء..
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً