حجم النص
د. سليم الجصاني يلحظ المتتبع التغيير في سير حركة داعش التي اندفعت نحو مساحات باتجاه بغداد بعدما وجدت بعض الحواضن لها على الأرض رحبت ـ بدءاًـ بحركتها على اثر إيهامهم بالخلاص المزعوم من السلطة المركزية الحاكمة في بغداد، وكون الأمر لا يتعدى سوى أيام قلائل حتى يتم الإعلان عن إزاحة حكومة بغداد والبرلمان العراقي على الرغم من انتخاب العراقيين له متجاهلين إرادة الشعب. وبعد التصريحات المتعددة من ان الهدف هو بغداد والحكم فيها، مطمئنين الكورد وباقي الأقليات كالمسيح والايزيديين بان المعركة ليست معهم وانما هي مع الشيعة التي ينعتونها بالرافضة، غير ان دهشت العراقيين وتأثرهم النفسي الذي لا ينكر بسبب ما حصل لم ينسهم عظيم الخطر الذي أحاط بهم فراحوا يتوحدون من اجل صده وزاد في توحدهم ورفع في معنوياتهم ما جاءت به المؤسسة الدينية المتمثلة بأعلى هرمها وهو مرجعية النجف الاشرف الداعي إلى الجهاد الكفائي ومن على منبر كربلاء وفي حضرة الحسين(عليه السلام) وما يحمله المكان من أهمية تعزز الهمم في نفوس الناس. والسؤال هنا: لم تركت داعش توجهها نحو وسط وجنوب العراق لينحرف اتجاهها باتجاه الشمال بعد ان أوهمته بالصداقة أو الهدنة في اسوأ تقدير. والجواب ان المتتبع لحركة داعش يلحظ انهم على الرغم من قسوتهم وما يوهمون الإعلام به من انهم يتوقون الى الموت أو ما يصطلحون عليه بالشهادة ويقدمون من اجله الانتحاريين او ما يسمونه الاستشهاديين كما يقولون إلا انهم في الواقع عندما يجدون قوة تفوق قوتهم سرعان ما ينحرفون باتجاه الحواضن أو المناطق الرخوة، وقد وجدوا في الشيعة خلاف ما كانوا يعتقدون من انهم ضعفاء لايصمدون أمام تقدمهم متناسين أو غير مطلعين على الامتداد التاريخي لقدرتهم القتالية في مواجهة كثير من التيارات والأحزاب المتطرفة والمنحرفة على امتداد القرون التي عاشها الإسلام وشهدتها ارض النهرين حتى غابت كثير من المسميات وانطمس حضورها في ظل الحروب والاقتتال ولم يغيبوا. وبعد ذلك هم قد وجدوا في الشمال (كوردستان) مناطق يسهل اختراقها بعدما بثوا الرعب في الموصل وما يمرون به من أقليات، وقد بان لهم ان هذا الضعف موجود فيما مروا به من القرى والنواحي الكردية حتى وصل إلى مسامعهم ان نزوحا جماعيا قد لحق سكان دهوك، ولكن سرعان ما ضعف هذا التوجه أمام الضربات العراقية(ضربات القوة الجوية وطيران الجيش وتقدم جاد لقوات البيشمركة بعدما أدركوا أن المَدَنية التي يتغنون بها صارت عرضة للزوال وان التهديد هو تهديد وجودي)، فضلا عن الضربات التي وجهها سلاح الجو الأمريكي لحفظ مصالحه الذي على الرغم من أثره وقوته إلا انه لا يرقى إلى تقدم القوات(البيشمركة العراقية) وإحساسها بالمسؤولية تجاه الأرض. والأمر الآخر الذي نلحظه من تغيير المسار هو ان داعش لا يعنيها أمر حتى أناسها الذين يؤيدونها فهم يريدون خلافة أيا كان مكانها لجني الغنائم وتوزيعها على أمراء حروبها، وهو ملحوظ في نقضهم لوعدهم المذكور فضلا عن الدمار الذي تسببوا به للمدن التي حلوا بها، فلم يقدموا لهم سوى أوهام قادمة من جوف الصحراء راحوا يطبقونها كالسبي وختان البنات وإغلاق محال الحلاقة والخياطة ورفض الفنون الإنسانية وهدم المعالم الثقافية والدينية والحضارية كما حدث في الموصل ومناطق من سوريا فكان الانتباه لخطرهم والندم على إسنادهم في وقت لا ينفع الندم إذ مضى أوانه ودبت شريعة الغاب وانقلب الأذى على مؤيديه وضاع باقدامهم كثير ممن لا علاقة له.
أقرأ ايضاً
- يرجى تصحيح المسار يا جماهير الكرة
- لولا السلاح (الفلاني) لما تحقق النصر على داعش في العراق
- مَن يرعى داعش في العراق؟