حجم النص
عباس المرياني هذا ما كنا نراه منذ زمن، ورآه العالم بعد احداث الموصل من ذوبان هذه الدولة الورقية في ليلة وضحاها لولا فتوى المرجعية بالجهاد التي انقذت الموقف وحفظت ماء وجه السلطة الفاسدة، وما حصل لم يكن بالامر المفاجيء الغريب بل هو نتيجة منطقية لاخطاء وفساد متراكم عبر ما يزيد على التسع سنوات، ويمكن اجمال اسباب ما حصل بما يأتي: الاول: الفساد المالي والاداري المستشري في جميع مفاصل الدولة، والاخطر منه ما هو منتشر في المؤسسات الامنية كالدفاع والداخلية وغيرها من الاجهزة الامنية، حيث تتم التعيينات اما بالصفقات السياسية او بالمحسوبيات الحزبية او الجهوية او او الصهرية والنسبية، او بالرشاوى، فنادرا ما تجد منتسبا قد دخل هذه المؤسسات بلا رشوة او محسوبية. الثاني: وصول قيادات الى مراكز القرار او الادارة غير كفوءة، وبلا خبرة نتيجة ما ذكرنا من فساد. الثالث: عودة القيادات البعثية الى مراكز القرار والادارة بحجة الخبرة او المصالحة الوطنية او الصفقات السياسية او المحسوبية. الرابع: انعدام مراكز وبرامج الاعداد والتدريب الرصينة والمهنية للمنتسبين والموظفين، والاقتصار على الامور الشكلية والبروتوكولية. الخامس: استغلال القادة والضباط والمتنفذين لمناصبهم وانتشار الفساد الاخلاقي والمالي بينهم، من ليالي حمراء وشرب للخمر والحفلات وفرض الاتوات على الجنود وغيرهم، فكثير من الجنود لا يلتحق بوحدته الا يوم الراتب، لاتفاقه من الضباط بعدم الدوام على ان يعطي نصف مرتبه، وغيرها الكثير. السادس: عدم تسليح الجيش واهماله، وضعف الاهتمام بهذه المؤسسة وعدم توفير الدعم المادي والاعلامي والمعنوي لها، مع عظم التحديات وخطورة الموقف، علما انه بامكان الحكومة التسليح من اي جهة وباسعار تصل الى نصف الاسعار التي يتم بها شراء الاسلحة الامريكية، مع وجود ميزانيات خيالية انفجارية. اضافة الى الفساد الذي نال ما تم من صفقات الاسلحة او اجهزة كشف المتفجرات. السابع: غياب التخطيط ورسم البرامج وعدم تطوير الاساليب والقدرات مع سراشة العدو وتنامي قدراته القتالية واساليبه الحربية. الثامن: عدم اخذ الامور بمحمل الجد وغياب الاخلاص والمهنية، والروتين الاداري والاساليب الاكلاسيكية في الادارة. التاسع: الانانية والاهتمام بالمصالح الحزبية او الشخصية الضيقة على حساب مصلحة البلد ومصيره. العاشر: ضعف الجانب الرقابي للبرلمان الذي هو نفسه قد عشعش فيه الفساد، وضعف او غياب غيره من المؤسسات الرقابية. الحادي عشر: استغلال موارد الدولة لحساب اشخاص او جهات او احزاب، مع انتشار البذخ وهدر المال من قبل السياسيين، حتى وصل الامر ان يشتري (حجلة طفله) من ميزانية البلد. الثاني عشر: عدم ايمان اكثر المشاركين في العملية السياسية بها، فالبعض ركب موجتها ليصل الى الحكم وعدم تنازله عنه وكي يحقق مكاسبه الحزبية والشخصية، والآخر دخل ليخرب هذه العملية ويمنع خصومة من التفرد بها، او يقوم بتخريبها من الداخل او ليستغل منصبه للعبث والتخريب. الثالث عشر: ان شعبنا قد مر بحروب وحصار وفترة مظلمة اعقبتها فترة ارهاب وانفلات، مما جعل الفقر والجهل ينتشر فيه، وهذا ما ولد ضعف الوعي لدى الفرد والناخب مع امتلاك بعض الفاسدين لامكانيات مادية واعلامية، ومنها امكانيات الدولة للتأثير عليه، مما اثر على اختيار الناخب، وسمح بصعود الفاسدين، بل وصل الامر به ان يمجد الظالمين والمفسدين، بدليل: انك ترى المواطن ضجر منتقد للحكومة وسياستها، ويسخط لعدم توفر الامن والخدمات، ثم اذا جاءت الانتخابات مضى وانتخب هؤلاء الذين كان بالامس يشتمهم. الرابع عشر: انتشار الفقر كما اسلفنا ((لو كان الفقر رجلا لقتلته))، وتفشي البطالة جعل البعض لقمة سائغة للتلاعب به، وقنابل موقوتة استغلها المغرضون، فجندوهم وجعلوا منهم وحوشا كاسرة. الخامس عشر: ان عدم اهتمام الحكومة بالشعب وعدم توفر الخدمات له، فالمواطن يجد نفسه يدفع اجرة الارض التي ينام عليها ويدفع اجرة الوقود والنقل والكهرباء والماء والاتصالات، ويشتري اكله وملبسه ويعاني الامرين في سبيل ذلك، ولا يمتلك شبرا في هذا البلد، بالمقابل يجد بطون المسؤولين تنتفخ ورصيدهم يصعد، مع ثراء فاحش وبوقت قصير، كل ذلك اضعف الحس الوطني لدى المواطن، وجعله يشعر بالغربة في وطنه ((الفقر في الوطن غربة)). السادس عشر: ارتفاع معدلات الشحن الطائفي والعرقي والقومي والحزبي وهذا ما عكسته الانتخابات الاخيرة، وكل ذلك بسبب هؤلا السياسيين. السابع عشر: التفرد بالسلطة والقرار واقصاء الخيرين واهل الخبرة والمشورة والمخلصين من ابناء هذا البلد، كل ذلك بسبب الانانية السياسية والمصالح الشخصية، على حساب البلد ((ما خاب من استشار)) و((من استبد برأيه هلك)) و((من شاور الناس شاركهم في عقولهم)). الثامن عشر: ما يقوم به البعض من التصعيد الطائفي والقومي واستفزاز الخصوم اصحاب السطوة وخلق الازمات. التاسع عشر: عدم الاستفادة من التجارب او اكتساب الخبرة وحساب الامور بل، كانوا ابناء لحظتهم، بلا تخطيط او حذر، فالازمة السورية في عامها الرابع ومن الطبيعي ان تجد انعكاساتها على الوضع في العراق مع وجود حدود مشتركة بين البلدين، فكان من المفروض مسك الحدود، ونشر قوات ضاربة ومدعومة عليها، وهذا ما لم يحصل. العشرون: وجود مخططات لتفتيت المنطقة وجعلها دويلات متناحرة، وتشويه الاسلام عبر دعم هذه الفئات والحثالات الارهابية، خدمة لبعض الجهات، وهذا مل لم يحسب له المسؤولون حساب. كل هذا وغيره الكثير الكثير الذي لو احصيناه لطال المقام، كله جعلنا نقول: انها دولة من ورق.
أقرأ ايضاً
- كربلاء دولة الإنسانية والحسين عاصمتها
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة
- إضحك مع الدولة العميقة