حجم النص
أربع عشرة مادة سنّها المشرع قبل عامين، كان يأمل خلالها معالجة احدى الجرائم الحديثة على المجتمع العراقي، لكن التطبيق العملي واجهته مطبات تتعلق وحسب اوساط قضائية بغموض وتداخل مع قوانين اخرى. "الاتجار بالبشر"، عديدة هي صوره، بعضها يمارسه المحترفون بالتحايل على القانون رقم (28) لسنة 2008 الذي لم ينصف شريحة الضحايا بعقوبات رادعة، ما يحتاج الى تدخل تشريعي تسبقه ارضية يوفرها اصحاب الرأي العام من صحفيين ومنظمات مجتمع مدني. ورغم تأكيد قاضي تحقيق الكرخ باهر نجم عبد الله على سن قانون خاص بمكافحة الاتجار بالبشر منذ العام 2012 لكنه يشكو "عدم معرفة الشارع ببنوده لسبب قلة الوعي القانوني". ويطالب بأن "يكون للإعلام دور في اشاعة هذا القانون بين الاوساط الشعبية واهمية وجود مكافحة للإتجار بالبشر بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني". ويرى ان خطورة هذا الملف في العراق ترتبط بـ"ما يجري مع الدول المحيطة كجرائم الاتجار بالفتيات التي تتم بين العراق والاردن او الخليج وصولا الى تركيا وجورجيا". ويصف عبد الله الجريمة بـأنها "دخيلة على المجتمع العراقي لكن تحتاج الى معالجة مدروسة حتى لا تبلغ مرحلة الظاهرة". ويشرح عبد الله ابرز بنود قانون الاتجار بالبشر ويقول انه "مكون من 14 مادة، الاولى منها عرفت الجريمة ورسمت حالاتها كتجنيد الاشخاص تحت تأثير الاكراه ايا كان نوعه، بالإضافة الى الخطف والخداع والاحتيال". ولفت الى أن القانون عالج ايضا "موضوع استخدام السلطة او الولاية على الاشخاص بهدف استدراجهم الى اعمال الدعارة او الاستغلال الجنسي او السخرة والاسترقاق والتسول او المتاجرة بأعضائهم او لأغراض التجارب الطبية"، مبيناً ان "كل تلك الحالات التي أشار اليها القانون الجديد هي جرائم منصوص عليها في قانون العقوبات العراقي". كما ان بعض جرائم التهديد التي ترد الى المحاكم يتضح في وقت لاحق وحسب عبد الله ان الغرض منها الاتجار بالفتيات وعاملي الخدمة وكذلك ما يعرف بـ(السخرة) من دون اجر وهو يشمل كلا الجنسين، ويمارس هذه الافعال من له ولاية على الضحية". ومن بين النقاط السلبية التي يوردها القاضي عبد الله على قانون الاتجار بالبشر، وجود مفردات قال انها دخيلة على التشريعات العراقية، ومن بينها كلمة الضحية، بينما عبد الله إن "قوانيننا لم تعرف هذه المفردة بل تتحدث عن المجنى عليه". اما عن اللجنة التي نص عليها القانون فأن عبد الله يؤكد غموضاً يشوب عملها ومكوناتها، وقال "كان من المفترض أن تُشكّل كما هي لجان دوائر الدولة الاخرى والتي من بينها لجان؛ بيع وايجار اموال الدولة وقانون التضمين وانضباط موظفي الدولة"، مشددا في الوقت ذاته على "وجوب وجود ممثلين عن دائرة رعاية القاصرين او وزارة العدل او التربية وغيرها من الجهات ذات العلاقة او يتم تحديد من رئيسها واعضائها". واعرب عن اسفه كون "هذه البنود جميعها اغفلها القانون واقتصر على وزارة الداخلية اضافة الى تمثيل من مجلس القضاء الاعلى او رئاسة الادعاء العام". ونصت المادة الثامنة من القانون على "تشكل لجنة في وزارة الداخلية تسمى بـ(اللجنة المركزية لمكافحة الاتجار بالبشر) مع ممثلي الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم والوزارات والجهات ذوات العلاقة تتولى تحقيق اهداف القانون". وعلى صعيد ذات صلة أفاد عبد الله بوجود "استغلال من نوع آخر للشباب اخذ مداه في الشارع لاسيما ممن هم دون الثامنة عشرة من العمر، فهم يقعون فريسة شركات التوظيف بسبب العوز المادي"، واكد ان "هذه الشركات تستدرج الشباب للعمل ومن ثم تجبرهم على بيع بعض اعضائهم كالكلى". وافاد بأن المشرع العراقي افرد قانونا خاصا لبيع وتجارة الاعضاء البشرية ونص على عقوبات عدها عبد الله "غير رادعة" كونها لا تتجاوز الحبس لمدة سنة. لكنه عاد ليبين ان بيع الاعضاء البشرية للشباب من قبل شركات التوظيف "أدرجت ضمن قانون الاتجار بالبشر وحددت العقوبات وفق ما نص عليه المشرع". عبد الله يذهب الى ابعد من ذلك بالقول ان "الشركات المسؤولة عن بيع اعضاء الشباب البشرية يقومون بوسائل تتضمن تزوير الاوراق الرسمية من اجل اخفاء عمليات البيع هذه ولا يستطيع المجني عليه رفع دعوى للحصول على حقه". وفي السياق ذاته، تطرق عبد الله الى العمالة الاجنبية التي انتشرت بشكل لافت في العراق خلال السنوات الاخيرة، وقال ان بعضها يمكن ان ينطبق عليه جريمة الاتجار بالبشر، موضحا ان "هناك حالات عديدة وردت الى المحاكم من بينها الاعتداء على العاملات من جنسيات غير عراقية واجبارهن على ممارسات غير قانونية"، لافتا الى ان "بعضهن ممن يعملن في المقاهي كنادلات وهناك عراقيات ايضا ينسحب اليهن هذا الامر وخصوصا من عائلات النازحين وهنا تقع المسؤولية عن عاتق وزارة الهجرة والمهجرين في متابعة هذا الملف". ويرهن قاضي تحقيق الكرخ، نجاح العراق في محاربة الاتجار البشري بدراسة تجارب الدول القريبة لوجود عوامل مشتركة بين هذه المجتمعات وما يجري هنا". وأشار عبد الله إلى إن "الوقائع كفيلة بتحديد القانون الذي سيحكم الجريمة سواء كان ضمن قانون العقوبات او الاتجار بالبشر"، مضيفا ان "العديد من الدعاوى ترد المحكمة على انها اتجار ومن ثم يتضح من خلال التحقيق انها تندرج ضمن قانون العقوبات". ويشكو قاضي التحقيق "تدخلاً في قانون الاتجار بالبشر"، مطالباً "بفك الاشتباك الوارد في العديد من فقراته ولا سيما في موضوع احالة بعض الجرائم على قانون العقوبات من خلال تشريع موحد"، مستدركا "يجب ان يحتوي القانون الموحد على عقوبات مشددة ليس كما هو الوضع حالياً"، مبينا ان "بعض الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، جرى تخفيف جزائها في قانون الاتجار بالبشر". اما بخصوص الجرائم ذات الطابع الدولي التي لم ينص عليها قانون الاتجار بالبشر انتهى عبد الله بالقول ان "نطبق في هذه الحالات قانون العقوبات وهو امر ينسحب على الجرائم المنظمة والتي تبدو للوهلة الاولى انها تندرج ضمن مفهوم الاتجار بالبشر لكن لم ينص عليها قانون (28)". إيناس جبار
أقرأ ايضاً
- عشرات الدعاوى القضائية ضد "شبكة التنصت" في بغداد
- المجلس الشيعي الاعلى في لبنان: السيد السيستاني الداعم الاقوى والاكبر للشعب اللبناني في هذه المرحلة المصيرية(فيديو)
- شملت الاطفال والنساء : وفد العتبة الحسينية في سوريا يوزع وجبة ثانية من الملابس الشتوية على العائلات اللبنانية