حجم النص
بقلم:لطيف القصاب مفهوم جدا أن يتدافع الركاب في (كراجات) الباب (الشرجي) و(النهضة) و(علاوي الحلة)، وغيرها بغية الحصول على مقعد شاغر في إحدى وسائط النقل،ومن اجل أن يصلوا "ساعة قبل " إلى منازلهم بعد يوم حافل بالمتاعب ليس أولها شدة الازدحامات المرورية التي تنشأ عن سيطرات التفتيش التي تعمل كل شيء إلا التفتيش. أنا لا اسمح لنفسي مطلقا أن انعت هؤلاء المتدافعين في (الكراجات) بكونهم قليلي تحضر كما يردد ذلك صديقٌ لي مترفٌ لا يعي حقيقة أن عدد الحافلات..عمومها وخصوصها.. جيدها ورديئها لا تكفي جميعا لاستيعاب حشود المتعبين وأكياس متاعبهم... وأنا أفهم أيضا أن تكتظ الجموع بآحاد وعشرات الآلاف حول شخصية سياسية نافذة يقولون إنه جاء يتفقد المواطنين.. فليس من المعقول أن يفوّت ذوو الحاجات والعاهات وأصحاب الآمال والمشاريع فرصةً على هذا المستوى أو كذبة من هذا النوع.. من ينكر علي شاب عاطل عن العمل محاولته في الخروج من العالة إلي رحابة الإنفاق , ومن لا يتوقع من عجوز سقيم امرأة كانت أم رجلا أن يستقتلا بما بقي لهما من "حيل" على أمل أن تمتد إليهما يد حكومية بيضاء فتنتشل ثمالة عمرهما من براثن الفاقة والمسكنة لاسيما أولئك الذين لا تعرفهم أو (تستعرفهم) قواعد البيانات في سجلات دوائر التقاعد أو الضمان الاجتماعي الرسمية ونحوها من الهيئات الخيرية. وبأقل القليل من الجهد تستطيع أن تتفهم استبسال بعض الوصوليين والطفيليين لنيل صورة تذكارية تجمعهم بشخصية ممتلئة قد تسد فراغا هائلا من خواء سيرهم الذاتية.. كل ذلك وأكثر منه بكثير يمكن أن تلتمس له من غير ما عناء شديد مبررات تفي بعناصر التفسير والتأويل ؛ بيد أن ما يستعصي على الفهم حقا أن يحتشد جمع من الصحفيين على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم الفكرية حول مدراء مكاتب بعض السياسيين لنيل هبات بائسة تتراوح أقيامها المادية من (كارت موبايل فئة أبو العشرة إلى كارت موبايل فئة أبو الخمسة) , مع العلم أن غالبية الصحفيين لا سيما المراسلين منهم يدركون جيدا بأن الكثير من هؤلاء السياسيين (الأسخياء) ينظرون إليهم نظرة دونية، ولا يعاملونهم معاملة الند للند كما هو الحال في المجتمعات الواعية. في سفر الصحافة العظيم هناك وصية لا بد لكل مشتغل في هذا المجال أن يعيها جيدا إذا ما أراد أن تكون علاقته مع السياسيين علاقة الند للند. هذه الوصية تقول: أعظم ما يكون الصحفي عندما يكون كلب حراسة للحرية وأسوأ ما يكون عندما يتحول إلى كلب أليف في حضرة السياسيين.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً