- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الاحزاب العراقية مشروع دولة ام مشروع سلطة
حجم النص
بقلم - علي فضيله الشمري
ان لمسالة تعدد الاحزاب وكثرة القوى والرموز المؤثرة في البلد ارهاصات واثار لم تكن مالوفة لنا - نحن العراقيين فمن حكم الصنم الواحد ودكتاتوريته الى ظهور الهه صغيرة على المسرح السياسي في العراق عاش العراقيون بين اخيلات السراب ومرارة الواقع اياما عصيبة اضطربت بها على الايديولوجيات راسا براس وراغت بنا الاقدار ضربا باليمين - نعم سقط هبل - وماذا بعد ثم قبلنا دولة الاحزاب بعد ان امنا بانها سمة ناصعة في جبين الديمقراطية المنشودة ولكن ماحصل وما هي اثار تلك الدولة وانتاجاتها -
فقد تبين لنا انسيابية تلك الاحزاب التي اعتمدت على رصيدها الانتخابي وغير الانتخابي كانت سياسة ركيكة وسياسة مداهمةومصانعة طالما انها تعبر عن وجهات نظر غير متكاملة وتسبح في افق ايدولوجياتها هي فقط
فمهما كان هدف هذا الحزب اوذاك فانه ولحسن الحظ لايمكن لها ان تذهب باهدافها ختى النهاية خوفا من المستقبل المبهم الذي قد يؤدي الى صراع قاحل وخوض حرب شعواء يكون بها الغالب شر من المغلوب ولايعرف بها من هو الرابح
فبعد الافرازات التي نتجت من الانتخابات الاخيرة برزت تلك الاحزاب على المسرح السياسي تصول وتجول وكانها هي التي رفعت حيف العراق ووضعت يدها على جرحه النازف واخذت تتخلى عن بعض مبادئها الثابتة التي كانت تعتنقها في المهجر بل هي نفسها المبادى التي حوربت وطوردت من اجلها بل راحت تتقاسم قيم التفاهم عن طريق التسويات والتسامح بعد ان ايقنت ان الطريق الوحيد واتخاذ موقع القيادة والرؤية العامة للفوز بتاييد العراقيين تكمل في التحالفات العريضة خلف الستار وهذه مافرضه نظام الدائرة الانتخابية الواحدة والقائمة المغلقة السابقة
ان الدولة العراقية في هذه الوضعية من التركيبات الحزبية التي تتميز بتعددية القناعات وتباين الاهداف والمصالح تواجه صعوبة في تكوين وتجسيد سلطة خاصة الاتلك التي تمارسها الاحزاب العراقية فان الدولة تصبح غطاءا للاحزاب الفائزة والمتمثلة في الجمعية الوطنية والمشكلة للحكومة وبعد هذا وذاك فلا علينا ان نسعى جاهدين لتامين استمرارية الجسم العراقي في الرد بتدابير مناسبة على مظاهر وقوى التفرقة التي تصيبه من الداخل والخارج وهذه مهمة الاحزاب العراقية التي من المفترض تحمل مشروع دولة وليس مشروع سلطة
اما الاحزاب المعارضة في تنظير اية الله محمد صادق الكرباسي في كتاب مشروعية الاحزاب في الاسلام يبين لنا عن الاحزاب المعارضة علنيا اوسريا وتدخلها مع السلطة فالمنافسة عمل مشروع بحد ذاته قد خلف كل الفعاليات والتكتلات واصبحت اجهزة منظمة في هذا الصراع
وهناك صراع داخلي في نطاق دولة معينة بين السلطة والشعب المحكوم والاحزاب السياسية والدولة ةوالاحزاب السياسية نفسها وبين الافراد انفسهم - اما الصراع الخارجي الذي يتمثل بين دول العالم من اجل السيطرة والنفوذ هذا ليس موضوعنا
واضح اية الله الكرباسي حول الصراع السياسي يتخذ اشكالا متعددة منها صراع فردي وصراع جماعي وصراع افقي وعمودي وعلني وسري لذلك يمكن ان نجعل اهم الاسباب لهذا الصراع من حيث اختلاف السن والتجربة واختلاف التكوين الاجتماعي والاختلاف الديني والعنصري واختلاف العقلية والثقافة واختلاف المصالح
هناك في كل مجتمع طبقتين مالكة وهي قلة من الناس وطبقة مملوكة وهي الاغلبية اما الطبقة الوسطى فهي اما تميل للاولى اوللثانية
اما الاختلاف السياسي واضح بين اولئك الذين يملكون واولئك الذين لايملكون وعليه فان التكوين والمقع الاجتماعيين يلعبان اخطر الادوار في تقرير المواقف السياسية فالذي نشا وعاش في اسرة مترفة وغنية يشب غالبا ارستقراطي لالنزعة محافظ والراي لايؤمن بالتغيير بل يقاوم كل تبديل وتحويل قد يقضيان على ماهو منعم به من حياة باذخة رفهة وترف شامخ - والذي نشا في طبقة فقيرة يشب غالبا شعبي النزعة ثوري الهدف والراي لايؤمن بواقعه الاجتماعي ويسعى جادا ومجتهدا الى تغييره لان التغيير سوف يكون قطعا احسن حالا مما هو من فاقه وعوز
اما الاختلاف الديني والعنصري فالعوامل الدينية والعنصرية اثارا قوية على السياسة ولذلك فهي تتسم والى حد كبير في الخلافات السياسية - فكم حروب قامت في لبنان مثلا بسبب الاختلافات الدينية والعنصرية في الشرق والغرب على حد سواء ان الدين اصلا واساسا يقوم على الايمان به جملا وتفصيلا وهذا عامل بحد ذاته يدفع المؤمنين به اوبالاديان الاخرى وكذلك النتمين الى قوميات مختلفة الى التصارع والدخول في الاختلافات السياسية واخيرا نتحدث عن اهم الاسباب المؤدية الى الصراع الا وهو اختلاف المصالح واننا لاننكر للمصالح دور خطير وكبير في تصرفات الانسان وعلاقاته بالاخرين فكم صديق باعد صديقه بحكم مصالحه الخاصة وكم عدوا اصبح صديقا لعدوه
ان هذا الامر ليس مقصورا على الافراد وانما ينطبق على الانظمة السياسية وتنظيماتها بحيث ان المصالح اقوى تاثيرا من المبادى نفسها اوكما قال ثوسيرس في كتاب الصراع بين الامم / ان وحدة المصلحة هي اوثق صلة بين دول الافراد/ وبهذا يكون طغيان المصالح على اعتبارات العقيدة من الوضوح والقوة بحيث لايحتاج قولنا الى دليل
وفي هذا المعنى كتب ماكس فيبر ايضا في كتاب الصراع بين الامم / تسيطر المصالح المادية والمعنوية الا الافكار سيطرة مباشرة على اعمال الناس وتتحكم فيها ومع ذلك فان صور العالم التي تخلقها هذه الافكار كثيرا ماتعمل كمحولات تقريبا تقرر الطرق التي تعمل فيها دينامية المصالح على ابقاء اعمال الناس هذه ماضية في حركتها/
ان ةقوة المصالح كفيلة بان تجعل الثقافة عاملا في خدمتها وتكون طوعا بيد المصلحة تستخدمها الاخيرة لتحقيق اغراضها
وان الانسان ليعاني صراعا نفسيا حادا بين مثله العليا من جهة وبين مصالحه من جهة اخرى ولكن هذا الصراع رغم طول المعاناة ينتهي غالبا بانتصار المصالح ولهذا فان هذه الصراعات ماهي في حقيقتها وجوهرها الا صراع مصالح
وعليه يمكن القول ان مجموع هذه الاسباب هو الذي قد يؤدي في نهاية المطاف الى الصراع السياسي فيما بين احزاب المعارضة وبين السلطة الحاكمة وكل ذلك ينصب في رافد واحد الا وهو ايضاح الاختراقات والانحرافات التي تقوم بها الدولة ومن ثم جعل الحلول المناسبة امام تلك الخروقات وبعد تاكيد مطالب الشعب بحقوقه المشروعة وما الى ذلك
وبذلك نكون قد ضمنا ان الحزب اوالتكتل اذا لم يدخل في اطار المؤسساتي للدولة كمافي ذكرناها فانه سيكون العين الساهرة ايضا لتطبيق القانون والمطالبة بالحقوق ولكن بشكل حزب معارض سري اوعلني
واخيرا فان اهداف هذا البند كلها في الواقع تعد جزءا من العلاقة الخامسة من العلاقات الست التي ذكرناها والتي اشار اليها المصنف لدى بيانه للعلاقات التي تحكم الانسان في حياته الا وهي علاقة الانسان بالدولة والتي لابد للانسان ان ينظم علاقته بالدولة التي يحكمه اذ انها ضرورة انسانية بالاضافة الى انها اسلامية
أقرأ ايضاً
- المجتهدون والعوام
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- الأخطاء الطبية.. جرائم صامتة تفتك بالفقراء