- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مناسباتنا المليونية .... خطط لم يستفد من نتائجها
حجم النص
عبد ألأمير الصالحي
لسنا بصدد الحديث عن اهمية وروحية الزيارة في ادبياتنا الاسلامية والشيعية بالتحديد التي اولت احياء الشعائر اولوية خاصة استنادا الى ما روي عن النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) وأهل بيته ( عليهم السلام) من تراث في هذا الصدد.
انما الحديث عن مناسبات دينية تشهد ملايين من الزائرين والوفود وهو يلبون نداء سماوي محمدي لإحياء شعائر منصوص عليها ، يريدون بذلك وجه الله سبحانه وتعالى ، لم يحدهم ويوقفهم في ذلك اصوات الإنفجارات او ازيز الرصاص الذي يلوح به الارهابيون المتربصون لأتباع اهل البيت ( عليهم السلام).
فهم يسيرون وأرواحهم على الاكف وكل يدعو بالشهادة في هذا الطريق ، ولا نريد ان نسرد اكثر فالمشاهد ماثلة للعيان ، ولكن.
ان نفوس مثل هذه النفوس وأبناء بررة لمذهبهم ومعتقدهم الا يستحقون ان يقدم لهم الغالي والنفيس من خدمات ترقى للروحية التي يحملونها ! الا يستحق هؤلاء المتسابقون لإحياء شعيرة اسلامية توفير المكانة المناسبة اللائقة من مقر ومستقر بعد عناء السفر وشد الرحال ، لماذا لم نجد الى هذه الساعة محلا واحدا يشعر فيه الزائر الاحترام والتقدير والمكانة التي يستحقها من خلال توفر البنى التحتية المستحدثة بما يتلائم والمكانة العالية للمناسبات الدينية.
طبعا ليس الكلام موجها للخدمة المخلصين من اصحاب المواكب والهيئات والمؤسسات الخدمية الاخرى التي لها الاحترام والتقدير لتسابقهم في الكرم والضيافة وتهيئة الاجواء الطيبة للزائر بقدر مستطاعهم وإمكانياتهم ملئهم التفاني والتآلف والتسابق في الخدمة وهم يضربون بذلك اسمى المثل بالتعاون والإيثار قربة الى الله تعالى وارضاءا للائمة الاطهار ( عليهم السلام) ، ولاسيما مايقدمه القائمون على العتبات المقدسة حصرا.
الحديث هو عن خطط وبرامج الدولة في حفظ كرامة الزائر وبيان تقديرها واحترامها لتلك الشعائر بعد مرور اكثر من عشر سنوات على تنفس المؤمنين لتلك المعتقدات ومزاولتها بعد عقود محاربة وتقتيل مارستها السلطة البائدة.
الحكومة اليوم تضع خطط امنية لحماية الزائر وكيفية رجوعه بعد اداء المراسيم ، ولكن اين الخطط في بنى تحتية ومرافق مستحدثة يشعر الزائر من خلالها بان حكومته ذات (الصبغة الاسلامية) مهتمة براحة الزائر للعتبات مثلما تهتم بإنشاء وتطوير الفنادق والنوادي الترفيهية وتطوير الطرق التي يمر منها الوفود الاجنبية والعربية ذات الطابع السياسي والفني .
هل الفنانين وترتيب راحتهم افضل من زائري العتبات المقدسة ، على ان من بين الوافدين للعتبات عرب ومن بلاد اسلامية وقد تحدثوا وسمعنا منهم قلة الخدمات التي تحول دون مجيئ ابنائهم وإخوانهم بأعداد اكثر لسوء البنى التحتية ونقص في المرافق العامة .
نعم ، مما يهون علينا المصاب ان شيعة العراق تحديدا امتزجت معهم المتاعب ونالوا منها في حياتهم الشيئ الكثير وهم يبتهلون بان تكون العاقبة على خير ، وان (الاجر على قدر المشقة) ، كل هذا نعم ، ولكن اين خطط الدولة في تحسين الواقع ، وهل كتب للزائر ان يصل متعبا مغبرا سالكا جميع الطرق الرئيسية والثانوية حتى يزور امامه ومبتغاه!.
كثيرة هي الخطط الامنية والخدمية التي تشرف عليها الحكومات المحلية فيها النجاح وفيها الاخفاق ، ولكن هل من استفادة لنتائج مستقبلية تترتب على هذه الخطط للاستفادة من الصحيح وتطويره وتلافي الاخفاق وعدم الوقوع فيه ، ام انها للأرشيف الاداري فقط.
لم يشاهد الزائر ذاك التطوير المؤمل له .
تحدث امام جمعة كربلاء المقدسة السيد احمد الصافي في خطبة الجمعة الاخير عن نقل الزائرين واستجابة وزارتي الداخلية والدفاع حيث سخرت قافلة عجلاتها ، الا ان الوزارات المخاطبة الاخرى لم ترفض ولم تستجب ، وقالوا ليس لديها الرصيد المالي للقيام بواجبها الخدمي في نقل الزائرين ، قد يكونون محقين في ذلك ، ونرجع الان الى الدولة ما هو دوركم في مثل هذه الحالة.
كثيرة هي الحلول التي يطرحها الزائرون اثناء ذهابهم وإيابهم ، وهم في حنق على ما يعانوه في الوصول والرجوع الى ديارهم ، وكل يقول الى متى.
بعض الحلول يمكن تحقيقها وبعضها الاخر لا يمكن ، لا لعدم إمكانية الدولة ، بل لان الدولة ليس من اولوياتها توفير هذا ، وهذا مما يؤسف له ، تصرف الملايين لمهرجانات ومنتديات وتجمعات ، ولا يرصد مبلغ لإنشاء ساحة لوقوف السيارات مكسوة ومسقفة ومجهزة بنقل يحفظ كرامة الزائر.
نعم اليوم افضل من امس ، وكلنا يعلم كيف كان الزائر لايجد مكان لقضاء حاجته ، ولكن نطمح الى ابعد من ذلك ، العتبات اليوم قبلة المسلمين وقبلة للسياحة الدينية ولا يمكن ان تبقى الى ما لانهاية على هذه الاوضاع.
هناك مقترحات عدة تناولها بعض الزائرين لتامين ( سياحة ) دينية افضل لأهل البلد والقادمين من الخارج ، نسطرها عسى ولعل ان نجدها يوما على ارض الواقع ، بعضها ممكن التحقق ومنها ممكن على المدى البعيد ، اذا ما رأينا افقاً قريبا لذلك البعيد ، ووجدت الاذن الصاغية والواعية والحريصة على خدمة ابنائها ، من ذلك :
• توفير ساحات وقوف للسيارات مكسوة بمادة الأسلفت وعدم الاكتفاء برش الماء على الطين ، مع فتح طرق جديدة تستوعب العجلات المتزايدة.
• توفير سيارات كافية ومجهزة بوسائل الراحة للزائر تحفظه صيفا وشتاءا ، مهمتها النقل من والى اقرب نقطة للعتبات المقدسة .
• العمل على انشاء مجسرات وأنفاق تسخر لأصحاب المواكب والهيئات الخدمية الاخرى من اجل ايصال الاحتياجات الضرورية والحالات الطارئة من وسط كربلاء الى خارج مدينتها القديمة ، وعدم الزج بالعجلات وسط الزائرين ، ولاسيما في المنطقة المحيطة بالحرمين في كربلاء المقدسة ، فوجود نفق يسهل حركة الدعم اللوجستي للمواكب والوحدات الصحية والطبية والبلدية المتمركزة فوق يوفر انسابية للحشود المليونية من الزائرين.
• ربط المحافظات القريبة من محافظات العتبات وما جاورها بمحطة قطار حديثة تمر بالمحافظات الواحدة تلو الاخرى حتى وصولها الى المدن المقدسة.
• تشجير الطرق المؤدية الى المدن المقدسة ولاسيما تلك الصحراوية التي يسلكها الزائرون ومنافذ المدن لتساهم في خلق بيئة مناسبة فضلا عن القضاء على التصحر .
• الحرص على توفير الاجواء البيئية للزائر ، من خلال رفع المستوى الثقافي وإشعاره بمسؤوليته كونه ليس زائرا فقط بل مساهما في توفير الراحة ونظافة الاماكن ورمي الاوساخ في اماكن مخصصة لذلك والتي نفتقدها اليوم.
• ضرورة ايجاد مؤسسة حكومية تتكفل وترعى المناسبات الدينية على غرار هيئة الحج والعمرة ، وهو ما طرحه السيد احمد الصافي امام جمعة كربلاء في خطبته الاخيرة ، وحبذا لو يكون اعضائها من خدمة الامام الحسين ( عليه السلام ) من ابناء اصحاب المواكب وتلافي المحاصصات والمحسوبية والمنسوبية .
• العمل على توسعة المراقد المقدسة في النجف وكربلاء بعد تعويض اصحاب العقارات المجاورة ليتمتع الزائر بمتنفس اوسع حول المراقد المقدسة.
• العمل على ايجاد لجان خاصة لاستقبال الزائرين العرب والأجانب في المطارات العراقية بغية تسهيل وصولهم الى المراقد والفنادق المناسبة.
• ضرورة ادخال منتسبي السيطرات الخاصة بتفتيش الزائرين لدورات تثقيفية حول اساليب التعامل مع الزائر في ظل الاجواء الحارة والاستثنائية ، وعدم خلق المشاكل بالتعامل الجاف والغير اللائق للبعض الذي يسببه الارهاق والعمل لساعات طويله.
ولا نتحدث عن المنافذ الحدودية للبلد فأمرها نار على علم ، ولو وجد ذرة خجل لدى المسؤولين لما تركوها عارية تتزاحم فيها الكلاب البرية مع الوفود الزائرة ، طبعا المسؤولين في الدولة لا يعلمون بحال المنافذ الحدودية كونهم لم يجعلوا الطريق البري وسيلة لسفرهم الى الخارج.
قد يكون بعض هذه المقترحات كبيرة على الدولة ، او بالأحرى ان رجال الدولة كبير عليهم تنفيذ هذا ، ولكن هي همسة في اذن الخيرين من ابناء بلدنا ليشدوا من ازرهم وينهضوا ولا تاخذهم في الله لومة لائم في تحقيق ما يصبوا اليه المواطن وسط زحمة فساد وترهل و...وارهاب.