- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ميثاق عهد وإصلاح ..... بين يد الإمام الحسين .
قد ندبنا سوء حالنا إلى ان أقنعنا أنفسنا بأن هذا البلد قد حُكم عليه بمقت الله وغضب الأقدار ، حتى بات موطنا للشر والأشرار ، ومنّفرا لما بقي منا من أخيار، مما دعانا أن نركن أحلامنا على رف القنوط ، وأن نطلق سراح الآمال بعفو بلا قيد أو شرط وإلى الأبد ، فحُكم على الجميع بالإعدام ، وعلى كل جنين وإن لم تلج فيه الروح بالتهجير أو المرض أو التشظي ، كما حُكم على رؤية المستقبل بالسكون لخلوها من المبتغى والهدف ، رغم تسابق كل إيديولوجيات العالم في تطور مبتغاها ، وأطفأ بصيص الضوء عند أخر النفق دون أن يسعى أي منا لإضاءته ولو بعود ثقاب ، حتى استسلم الجميع إلى اليأس دون التواصي بالحق والصبر..... بتنا نستصرخ ضمير الإنسانية نبحث عن أي مسمى من مسميات الكائنات الحية بما لها من أدنى حقوق .....نستمطر السماء قطرة ماء تنعش ظمأ شعب يكاد يقف بالاستعداد والتحية لليأس ، بعد أن وقفت سفينته على جرف الإحباط مستنجدةً كل الرموز والمرجعيات بمختلف أطيافها لمشروع إصلاح لما آل من سوء حال ، ومقام لا يختلف عن صورة امرأة عجوز تترقب يومها الذي تُحمل فيه على أعواد خيزران الخزي على أكتاف عبيد إلى مثواها الأخير ، لتسكن في قبر يعلوه تراب الذل قد خلت صخرته من النقش فلا تاريخ ولا حضارة ولا نسب بل ولا خط لسورة الفاتحة .
نعم قد ندبنا سوء حالنا بما فيه الكفاية حتى خجلنا من أنفسنا ومن تراب أرضنا التي ندعي الانتماء إليها والتي أنجبت الحضارة الأولى وأترعت كل الرسالات بالمخلصين والعارفين ، وكل النظريات بمراجع الفكر ورواد العلم ، وكل الميادين بعمالقة الرجال ، وقد توجنا برسالة السماء التي لم تترك أي جزئية من شاردة وواردة ألا أحصتها بما فيها خدش خد ، وكليات من جزر ومد .
ولكي نكفكف تلك الدموع وتهدأ النفوس عن الندب والعويل ، ما علينا إلا أن نرقّع ثيابنا ، ونقّوم أدائنا ، ونستنّطق هممنا ، ولو باستذّكار إحدى قصص رجولة الأطفال عسى أن تسعفنا بما تعلمناه من تلك العجوز التي أثقلتها السنون والتي تخشى أن تموت بلا عقب ، وأن نتأمل قولها أن كسر عود لوحده يسير ، وكسر أعواد متراصة أمر عسير ، وأن استذكارنا لكل المعارف والحكم ليس كافيا قطعا لافتقاره إلى الأهم وتقدمه على المهم وهو السلوك الأدائي للصراط المستقيم .
لذا كان لزوما على جميع رجالاتنا وبلا استثناء ؛ رجال دين وفكر وأدب وفن ، رجال سياسة ودولة وأعلام ، أن يردموا الهوة الحاصلة بين ما يرغبون وبين ما عليهم من عمل وسلوك بالسعي لإشعال عود ثقاب في ليل أليل عسى أن يُضيء ما حولنا ، كي نضع أقدامنا على الجادة التي تقودنا إلى أضعف المبتغيات ، إن لم نستطع أن نحدد عظائم القضايا ، للخروج من أزمة تفتقر إلى الرجال .....رجال مخلصون ..... فلا حياة ولا فكاك من أسر ولا حلحلة لأزمة بلا رجال.
نعم هنا تكمن أزمتنا ، والتي لا مناص منها ، فكلنا شركاء وبلا استثناء فيما اقترفناه من جرائم على أنفسنا ، ولأننا أحياء أموات علينا أن نعزم السير خطوة إلى الإمام بجد وجد في تشخيص ماهية العلة لأهميتها في جدولة التغير كخطوة اولى للنهوض بثورةٍ ......ثورة لوقف نزيف الدم الذي لم يقف إن لم تكن هناك ثورة توقف عجلة الفساد التي طالما أخذتنا يمينا وشمالا كذرة رمل في وسط صحراء ،أو قشة بين أمواج بحر متلاطمة ...... ثورة للحط من فسادٍ ، كل همه بناء صرح الذات والأنا ، وما يسعى من جاه لمملكة على دوحة خضراء ، أو لما يكتنزه من بيضاء وصفراء ، ثورة على كل من ينخر بجسد هذا البلد ليجمع فتافيت الرقيق ويهد به صرحا طالما بنته لبنات من دماء .
فما الفساد الإداري والمالي إلا آفة كبرى هد كياننا وهو يطرق بيده ألاثمة جميع مؤسساتنا المجني عليها ، فنال القيم والمفاهيم والأفكار ليمسخها إلى عصا ركنت على جدار مائل ليس إلا ، قد يتكأ عليها البعض يوم العوز في مسيرة عرجاء من أيام الانتخابات أو المنازعات أو المناظرات .
هذا الفساد الذي طال القانون ، كما طال بعضا ممن تربع على قمة جبل الإباء الذي لم يبقى منه إلا أحجار متناثرة هنا وهناك ، بل طال البصيرة ليبتلى الناظر بعمى الألوان ، ويلتبس عليه الأسود من الأبيض فتنهار المؤسسة بكاملها وينهار الإنسان .
فالدعوة إلى جميع منابر الدين بطوائفهم المختلفة ، ومنابر الساسة بعدد أحزابهم ، ومنابر الإعلام بمختلف وسائلهم ، ومنابر الفكر بألوان فنونهم ، وللجميع بكل قومياتهم ..... دعوة لمشروع إصلاح لاجتثاث الفساد ووقف نزيف الدم والمال ...... مشروع انطلاقته عامنا الهجري القادم الذي نستقبله بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام إمام الشهادة والإصلاح ......دعوة لجعل عام 1433 هـ عام إصلاح كما كان إعلان الإمام من قبل ، وان ُيبايع فيه الله والوطن وهذا الشعب الجريح والحسين ، لأن يكون هذا العام عام مشروع الحسين ضد كل أنواع الفساد وأجندته وفروعه المختلفة ، ويكون في كل فرع لنا كربلاء .
نعم سادتي علينا أن نعد العدة ونقرع طبول الحرب لاجتثاث الفساد وضعف النفوس ، علينا أن نعزم على المسير رغم علمنا بمرارة الحرب ، ومعوقات ترجمة القول إلى فعل ، وصعوبة التوازن بالضرب على يد الشر وهو يعلن دولته علنا على رزايا وجراحات شعب ضاق الأمرين حتى بات لا يعرف طعم الحلوى ، فالدعوة مفتوحة لكل حر أبي يروم العيش على ضفاف الكرامة بالسير خطوة أو خطوات نحو الاتجاه الصحيح ، مبتدأين بأنفسنا في استقباح القبيح منطلقين لمشروع ضد الفساد وألوانه ليكون علامة استقباح وجناية لا تغتفر ، وذلك بان نأخذ بيد المحسن ونثمن عمله ونثيبه ، ونوقف تمادي المسيء ونعاقبه ونبتر يد الجور، فيكون الثواب والعقاب أحد آليات انعطافنا إلى بر الأمان ، متوجا بتوجيهات منابر الدين والدولة والإعلام موضحة عظيم وجسيم الأثر السلبي للفساد والمفسد ، الذي يجب أن يصور على حقيقته كجريمة تجاوز على الوطن والشرف والأخلاق وغيرها من المصاديق الأخرى .
إنها دعوة للجميع بلا استثناء لإعداد آليات تنجح هذا المشروع وتديم بقائه من أجل الإصلاح .