نظرت امرأة من أهل البادية في المرآة وكانت حسنة الصورة وكان زوجها بشع الوجه قبيح، فقالت له والمرآة في يدها: إني لأرجو أن ندخل الجنة أنا وأنت فقال: وكيف ذلك؟ فقالت: أما أنا فلأني ابتليت بك فصبرت، وأما أنت فلأن الله تعالى قد انعم عليك بي فشكرت، والصابر والشاكر كلاهما في الجنة.
ولكي يواجه المواطن العراقي ما يعيشه في جو سياسي مشحون ومكهرب من كتل سياسية تفتقد غالبا إلى الثقة المتبادلة فهو قد ابتلى بها ولا يزال بحاجة إلى التحصن بالصبر لكي يتخطى مرحلة التقاطعات السياسية بين الكتل أملا في الوصول إلى حكومة منسجمة يكون ولاءها للعراق فقط، وكذلك قد أنعم الله تعالى عليه بالحرية ما يحتم عليه التحلي بالشكر والامتنان له تعالى بأن خلصه من الديكتاتورية، وهو يعيش في نظام ديمقراطي كفل حريته وكرامته وصناعة قراراته بيده بعيدا عن املاءات القوى الظالمة والمستعمرة.
هدفه من الصبر على تخبطات الكتل السياسية والشكر على الحرية، هو الوصول إلى دولة كريمة تضمن الحقوق وتوفر الخدمات وتبسط الأمن والرفاه، هذه الأمور صعبة مستصعبة في الأجواء المشحونة التي نعيشها حاليا ولكنها ليست بمستحيلة، وتحقيقها ولو بالتدريج بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لنيل ما يصبو إليه الصابر والشاكر من طموحات مشروعة التي طالما يسعى المخلصون للوصول إليها، وفي هذا الشأن نبقى نكرر ما قاله الشاعر أحمد شوقي:
وما نيل المطالب بالتمني*** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قوم منال*** إذا الإقدام كان لهم ركابا