كنا إلى زمن قريب لا نعي معنى الحصانة الدبلوماسية التي تمنح لبعض المسؤولين في دولة معينة أو إلى بعض الشخصيات المهمة فيه، وبعد سقوط النظام الصدامي المقيت وارتقاء من يسمون بالقيادات الوطنية سدة الحكم في العراق رحنا نفهم بعض المصطلحات السياسية التي كانت غائبة عن أذهاننا وخاصة بعدما سعت أقدامنا لا مبالية بالأخطار المحدقة بنا لتخط أيدينا أسباب نجاح الانتخابات، وتؤدي لإدخال ممثلينا إلى قبة البرلمان ليساهموا ويسعوا ببناء مستقبلنا ومستقبل أبنائنا على المدى البعيد.
وبعد فترة من الزمن رحنا نسمع مرة أخرى بتلك الكلمة المبهمة لدينا إلى حد ما والمسماة (بالحصانة الدبلوماسية) والتي تعني نوع من الحصانة القانونية والسياسة المتبعة بين الحكومات تضمن عدم ملاحقة ومحاكمة الدبلوماسيين تحت طائلة قوانين اية دولة من ضمنها الدول المضيفة. وتذكر المصادر بان الإتفاق على الحصانة الدبلوماسية كقانون دولي تم في مؤتمر فيينا للعلاقات الدبلوماسية الذي عقد في 1961. اما الحصانة البرلمانية فتعني الحرمة المعطاة للبرلمان بشخصية أعضائه وذلك كي يستطيع النائب أن يؤدي مهامه ويضطلع بصلاحياته ضمن مناعة قانونية استثنائية. هذه الحصانة متصلة بأصولها التاريخية بطبيعة النظام البرلماني
وما دامت تلك الحصانة من حق النائب وإنها توفر له مسحة من الحرية وسرعة في التنقل لأداء واجباته بعيدا عن العراقيل والقوانين والروتين القاتل في المؤسسات قلا يسعنا كشعب إلا القول بوجوبها خصوصا إذا ما كان النائب يعمل من اجل مصلحة الجماهير التي انتخبته، وفي المقابل على أي شيء حصل هذا الشعب؟
ربما يقول البعض بان الشعب لم يحصل على أي شيء وان الانتخابات أفرزت أناسا نفعيين لا يشعرون بأي حاجة تمس المواطنين ومما لاشك فيه أن كلامهم هذا فيه من الصحة الشيء الكثير ولكن في المقابل ومن باب الإنصاف والابتعاد عن عملية سلب الناس حقوقهم لا بد من القول أن هناك شيئا مهما قد حصل عليه الشعب العراقي – إن لم يكن أهم شيء في حياته الجديدة خاصة- ألا وهو الحصانة اللبنية.
قد يقول قائل بعد سماع هذا المصطلح الجديد كما يقول المثل الشعبي (كنا بواحدة صرنا باثنين) حيث أننا لا زلنا في دوامة معرفة معنى وجوانب مصطلح الحصانة الدبلوماسية حتى يظهر لنا مصطلح الحصانة اللبنية؟!
نعم: إنها حصانة وأية حصانة!
لقد حصل الشعب العراقي على هذه الحصانة بجهود أعضاء البرلمان وذلك بسبب سعيهم الدءوب من اجل زيادة مفردات البطاقة التموينية أو من خلال تكريس اهتمامهم بتوفير بعض المفردات حتى ولو أدى هذا الأمر إلى الإخلال بالبعض الآخر، وهكذا كان، فقد كرس الأعضاء جهودهم في سبيل توفير مادة مهمة وأساسية في تحقيق الحصانة اللبنية للشعب ألا وهي مادة الحليب، وذلك لكونها العنصر الأساسي في صناعة اللبن في العراق وبدونها قد تضمحل منتوجات العراق منه، مما قد يضطر العراق إلى استيراده من دول الجوار ، و قد يكون المستورد غير مطابق لمواصفات اللبن العراقي الذي يعتبر الأكفأ في تحقيق أعلى مراتب تلك الحصانة.
إلى الآن لا يزال الكلام مبهما، والكل يتساءل عن معنى الكلام أعلاه من أوله إلى آخره، أو ما علاقة الحصانة باللبن فنقول:
إن الدبلوماسيين ومنهم أعضاء البرلمان قد أثبتنا حاجتهم إلى الحصانة الدبلوماسية، أما الشعب العراقي فهو لا يحتاج إلى مثل تلك الحصانة ولكنه بحاجة إلى حصانة من نوع خاص به، وتتماشى مع متطلباته الحياتية ألا وهي الحصانة ضد الأمراض التي راحت تفتك به مع تردي مستوى المؤسسة الصحية في العراق وتحولها إلى مؤسسة تجارية بحتة لا يفكر أعضاؤها إلا بالربح المادي فقط، مما حدا بالشعب العراقي إلى البحث عن بدائل.
وهنا نصل إلى حل هذا اللغز المحير وهو معنى الحصانة اللبنية التي تحققت للشعب العراقي، حيث ورد خبر مفاده أن هناك دراسة طبية -أجنبية طبعا- قد أثبتت أن اللبن يمنح الفرد حصانة كبيرة ضد الكثير من الأمراض الشائعة والسائدة!!
ولو انعمنا التفكير بجوانب هذه الحصانة نجدها تحقق للشعب اكثر من مكسب فمن جهة سيحصل على وقاية من الامراض، ومن جهة اخرى، سيحصل على مردودات مادية تجعله يبتعد عن انتقاد الرواتب الكبيرة لاعضاء البرلمان حيث سيقلل اللبن من مصروفات العائلة العراقية التي تذهب الى جيوب الاطباء الجشعين منهم خاصة، فهنيئا للشعب العراقي هذا المكسب الكبير وهذه الحصانة اللبنية العظيمة.
أقرأ ايضاً
- الحصانة البرلمانية
- الحصانة.. سلاح ذو حدين
- بعد اصطياد سمكة الفساد سهى خليل .. الشعب ينتظر رفع الحصانة عن الحوت مثنى السامرائي