- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قوةُ البلدانِ بأبنائِها ...حقيقةُ مؤكدة
بعد عام 2003 وسياسة القمع الصدامية التي تجاوزت اكثر من ثلاثة عقود ونصف،أصبح العراقيون يمتلكون حرية في التعبير عن رأيهم حتى ولو باضعف الايمان ،فأصبحنا ننتقد الدولة والمسؤول واصبحنا نتكلم بحرية حتى على رئيس الدولة الذي اذا كان المرء عندما يهمس بين نفسه في الحديث عنه ،كانت شياطين الطاغية تتبوأ للمتحدث في مخيلته مقعدا في سجونه التي فيها ابشع انواع التعذيب والوحشية ..فاصبحنا نتظاهر واصبحنا نكتب وننتقد ونشجب بدون ان نتعرض لملاحقة رجال الامن والشرطة السرية التي كانت تستقطب اقرب افراد العائلة في عهد النظام المقبور ،فوقع الاب عن طريق ابنه وبالعكس ،وقصص سجون صدام شاهد على ماأقول ..
ولكن هل ان حرية التعبير عن الراي بالمفهوم الذي طبقانه لايمتلك قواعد واساليب في الدول الديمقراطية ام ان المسالة هي مجرد طرح للرأى سواء كان ايجابيا ام سلبيا ..اعتقد ان كل شيء في هذا العالم سواء كان سماويا ام دنيويا يخضع الى قوانين خاصة ،لذلك هذه المسألة اذا لم تطبق وفق قانون معين ولاأقصد قانون الدولة اوالعشيرة ولكن اقصد قانونا يضع آلية لطرح الرأي حتى لاتختلط الاوراق ،وبالتالي لانميز بين صاحب الحق وبين المسيء ..
نلاحظ في الاونة الاخيرة كثرة المطالب من الدولة ،والتي وصلت حتى الى المسؤول الذي هو احد اعضائها ،الفقير يطالب الدولة والغني والموظف البسيط وحتى المدير ،يطالب الدولة ,ولو سأل هذا المدير وهذا المسؤول الحكومي نفسه من يطالب لو وصل بالنتيجة الى انه يطالب نفسه ،المطالبة بحد ذاتها ليست غير صحيحة ولكن ان نرمي اخطاءنا على شماعة الدولة في ابسط مستلزمات الحياة التي نعيشها فهذا الخطأ بحد ذاته..
فنحن نرمي الاوساخ في الشوارع ،رغم وجود مكان مخصص لذلك ونطالب الدولة بتخليصنا من النفايات ،ونطالب بتوفير المياه ،ونلاحظ المبذرين لهذه النعمة الكبيرة في كل مكان على الرغم من ان شحة المياه مسألة عالمية ،ونطالب بتوفير الكهرباء ،رغم ان بعض الدور فيها اكثر من جهاز تبريد يعمل في وقت واحد عندما تاتي الطاقة الكهربائية،ونطالب ونطالب ،ولكن هل رجعنا الى انفسنا عندما نطالب ،هل ان المشكلة التي نطالب بحلها نحن جزء منها ام لا ،فاذا كانت ليس لنا يد في حلها فلنرفع اللافتات ولنصدح باصواتنا والى ابعد من ذلك فلنعتصم حتى تنفذ الدولة مطالبنا ،واذا كنا جزءا من حلها فلنتعاضد فيما بيننا للوصول الى حلها حتى لاندان بالتالي ،بافواهنا ..
ان قصة العصي التي كان يقصها لنا اباؤنا ،حقيقة مؤكدة لان مجموع العصي لايمكن قهرها وكسرها وعندما نفرقها يمكننا كسر الواحدة تلو الاخرى بيسر وسهولة ،وبالتالي يوصلنا هذا الى ان الشعب يجب ان يؤمن بقدراته من خلال تكاتف ابنائه فيما بينهم من اجل الوصول الى المستقبل الواعد الذي اصبح حقيقة لشعوب أخرى ، فالقوة في الكثرة والغلبة بالتفرق..
الحديث عن هذا الموضوع ليس ضربا من الخيال ولايمكن تحقيقه في العراق الذي
انتج امثلة حية من هذا القبيل فتجربة الانبار وما آل اليها من استقرار امني بعد ان كانت من اكثر المحافظات سخونة ،حديث له ارتباط بالذي نريد ونقصد ،فالانبار كانت الى وقت قريب مضطربة امنيا من خلال وصول القاعدة اليها ،وغرسهم مفاهيم مضللة بين الاهالي،غرر بالبعض منهم والاخر هاجر المدينة لان صوته اصبح غير مالوف وغير مسموع ،ولكن بعد فترة طويلة وعندما اصبح القتل والتهجير والتفخيخ يطال ابناءها انفسهم واصبح الدم هو الرائحة التي تسود المدينة ،همّ ابناؤها (من غير ان يطالبوا اي فرد او مجموعة) وانتبهوا الى انفسهم من مأساة حالهم ومستقبلهم المجهول ،فاسسوا تلك الصحوة التي اوصلتهم الى واقعهم الجديد ...اذن فهذا المثال ليس خيالا ولا فيلما ينتهي نهاية سعيدة بفوز البطل ،ولكنه حقيقة مؤكدة بان واقع الشعوب لا تتغير الا بالارادة الصادقة ومشاركة الاهالي فيما بينهم للوصول الى نتيجة اوصلت بلدانا متحضرة الى واقع جميل ومتطور..
واخيرا لاننسى ماجاء في دستور المؤمنين من قصة اهل نينوى الذي ارسل الله لهم نبيه يونس عليه السلام ليثنيهم عن عبادة الاوثان ،وبعد عدم انصياعهم الى امر الله خرج يونس عليه السلام ودعا عليهم بالعذاب ،ولكن الله جل وعلا بعد ان تاب القوم
وتكاتفوا فيما بينهم خوفا من نزول العقاب امر جل وعلا ان يرفع عنهم العذاب ..
aaa_ [email protected]