بينما إنا واقف في وسط طابور طويل جدا ..لاستلام منحتي التي منحا لنا دولة رئيس الوزراء نور المالكي بمناسبة عيد الأضحى المبارك..وكان مقدار المنحى (100000 ) إلف دينار التي منحا للمهجريين وانأ من المهجريين الذين هجروا من محافظة بغداد إلى محافظة كربلاء ألمقدسه ,في تلك الساعة كانت حرارة الشمس لا تطاق ,حيث كنا نقف في ساحة مفتوحة في إحدى دوائر الزراعة في كربلاء ألمقدسه ,وإذا بسيارة فخمه دخلة إلى الساحة ..ومرتجل منها رجل طويل وانيق يرتدي (قاط) نيلي وجاء يتبختر نحوا الطابور واضعا سبابته داخل حلقة مفاتيح سيارته (السويج)ويقلب فيه يمينا ويسارا ,فقال للشرطي الذي كان ينظم الطابور إنا الأستاذ (م) صحفي في كربلاء ومستعجل جدا ..ارجوا إن تجلب ليه المنحى بسرعة ,فقال له الشرطي بكل برود قف أخر الطابور (حالك حال الناس) حينها انزعج الأستاذ (م) بينما إنا فرحة كثيرا في داخلي وقلت بين نفسي إن الديمقراطية العراقية بدأت تنتعش ,ثم قال الأستاذ (م) أين المدير ..فقال الشرطي هناك في تلك الغرفة ..فذهب الصحفي فسحبني فضولي إلى الغرفة ,كنت اتمنا إن أتكلم مع هذا الشخص ,لأنني كنت احمل في جيبي هوية تخرجي من الدورات الشاملة للصحافة المضغوطة ..وكنت اتمما ان أتعين في اي مجلة او جريدة ولكني لا اعرف إي احد في كربلاء ألمقدسه ,فذهبت ووقفت قرب باب ألغرقه ..حتى رأيت السيد المدير يقوم ويسلم على الأستاذ (م) ثم طرب حرص الباب فدخل الشرطي إلى الغرفة ..ثم خرج الشرطي وهو يحمل بيده هوية الصحفي وذهب إلى الطابور ثم عاد مهرولا وهو يحمل الهوية مع المال ,حيتها حزنت بداخلي وأحسست ان الديمقراطية العراقية مازالت مخنوقة ,وتعجبت كثيرا هل من الصحيح ان المدرس لا يطبق الكلام الذي يعلمه للطالب ,بينما الطالب يلتزم ويطبق ...؟ المسئله عكسية في عراقنا الحبيب ,ثم خرج الأستاذ (م) وهو ينفض سترته ..فسلمت عليه وقلت له وبكل جسارة إنا متخرج من الدورات الشاملة للصحافة وأريد إن أتعين (الغر كان يجلب بكشافيه) فبدأت أتكلم عن طموحي ومبادئي وأحلامي ولكن الأستاذ (م) قد تعجب من كلامي وأوقفني عن الكلام وقال لي (أنت بطهران)..ثم أكمل كلامه ..وقال خذها مني نصيحة إذا أرت إن تكتب (ويصير براسك خير) اكتب في مجال الأعمار (امدح مقاول ثكلي بمقال واحد تحصل ورقتين...؟)هسه ذولي أهل (الخبزة) كل بابه يا مبادئ يا طموح (هيه سمجة وخايسة من الرأس) حينها وفي تلك ألاحظه كرهت نفسي وكرهه الدنيا كلها وكرهت الأستاذ (م) وكل شي ,ورجعت إلى البيت وانأ مكسور الخاطر ,فقلت مع نفسي كما يباع الشرف والضمير فان الأقلام أيضا تباع .
وبعد فترة من الزمن بينما إنا أصلي في حرم الإمام الحسين (عليه السلام) وبعد إن أكملت صلاتي دخلت إلى قسم الإعلام في الحرم الحسيني الشريف وهناك التقيت بشاب وسيم كان يعمل في قسم الإعلام ,وطرحت عليه فكرة التعيين ..ودخنا انا والأستاذ (ج)في حوار طويل حول ألصحافه والطموح ..وفاجئني الأستاذ (ج) بالخلاق التي يحملها والثقافة العالية جدا والمبدأ الشريف الذي لديه وحلاوة الكلام والنصائح الجوهرية التي تعلمتها منه ,إنا لا أقول هذا الكلام من باب التملق والدليل على كلامي إن الأستاذ (ج) لم يعينني ولكن الحق يقال ,إنا تعلمت من هذا الإنسان العزيمة والإصرار والسير من جديد وان احمل قلمي مرة أخرى وبعد عودتي إلى البيت وانأ مجبور الخاطر جعلت الأستاذ (م) والأستاذ (ج) في مقارنه شفوية (وشتان ما بين الاثنان) ورأيت إن الفرق شاسع ما بيت التفايات والقذارة التي يحملها الأستاذ (م)والنظافة والثقافة والإمعان التي يحملها الأستاذ (ج) وتعلمت حينها إن لكل شي نفايات حتى ألصحافه