تصاب الأمم والشعوب بآفات خطيرة تجعل من تقدمها حالة مستحيلة ما دامت تعاني ، وعندها يحسن بمفكري هذه الأمة وقادتها في الفكر والأدب والنقد – وهم أهل لهذه المسؤولية – أن ينهضوا بواقعهم بما ينسجم مع متطلبات العصر وخصائص الخطاب الناجح ، ومن هذه الآفات سيطرة روح العبث واللاجدوى على تصرفات كثير من أبناء هذه الأمة ، ومن هذه الآفات أيضا رمي المبدعين الناجحين بحجارة الفشل التي يمكن أن تكون متجذرة في نفوس أولئك الرماة ، ولعلها تنتمي الى حجارة أصنامهم التي ينتهي فكرهم عند حدودها ، فقد أثبتت حوادث الزمان أن الفكر المغلق المتحجر عند مثابات محددة لا يجرؤ على مغادرتها ، كثيرا ما يعبر عن نفسه حين يكتشف أن الشمس طلعت ثانية بعد أن ظن أنها لن تشرق من غفوة مسائها ، وتعبيره كثيرا ما كان يتخذ شكل عواصف ترابية يذر عبرها رماد عصوره المحترقة في عيون المتطلعين الى المستقبل ، ولعلي لا أعدو الحقيقة إذا قلت إن المستقبل المقصود هنا لأمتنا هو العالم الحر بكل معاني الحرية النبيلة .
وفيما يتعلق بشبابنا العربي الذي كثيرا ما سمعنا انتقادات الآخرين بشأن ميوعته وتشتته وارتباكه ، تبرز صورة مغايرة لكل هذه الاتهامات ، وهي معززة بروح الشباب الناصعة القوية لتحاول النهوض مجددا ، ويرتبط ذلك الشباب بتحديث المناهج الفكرية ، وتناول الحداثة بوجهها وقلبها العربيين ، وأسلمة المعرفة ، وإعادة النظر في المقولات العربية التي تسببت لنا في أزمات إنسانية واجتماعية وفكرية واقتصادية وثقافية خطيرة ، كانت محط اشتغال واعتناء الكثيرين ممن استشعروا أهمية وضرورة التغيير ، ولم تكن العلوم الحديثة ومناهجها عاملة لديهم بمعزل عن الوعي بالمرحلة ، .. الوعي بالزمن ، ... الوعي بمتطلبات التغيير وجدوى البحث فيها ، ومع كل ما يبعثه فينا هذا المشهد الثقافي الحي الواعي ، الذي يبشر بكل ما هو خير قادم ، مع ذلك يظهر من يحاول العودة بنا الى الوراء !! ... وتجده يختبئ خلف أسمائه المنتحلة ليصور حجارة الفشل ويرمي بها ملمحا إبداعيا لعله ينتصر لأصنام تم تفتيت حجارتها فيما مضى من خطوات تحرر الشباب وثقتهم بمستقبلهم ، وسواء أكان ( علي البياتي ) أو أي شيء آخر ، فليس المهم عندي الرد عليه بقدر ما أقصد رصد ظاهرة رمي المبدعين بحجارة الفشل ، في زمن كثر فيه الإبداع وازدادت الحجارة .
إن الفكر المبتنى على رمي الآخرين لابد له من أن يظهر تهافته عيانا فيما يحمل من عيوب تكشف حقيقته ، ولذلك كانت للفشل أسبابه المعروفة المكشوفة المفتضحة دائما ، في حين ما زال النجاح يحتفظ بأسراره التي لا يبوح بها لغير أهله ، ولذلك فإن مقالتي التي اقتبس منها ذلك المختبئ في ماض أسقطته المعرفة المعاصرة ، لم تكن مفهومة لديه بالشكل الذي يسمح له باستيعابها ، الى درجة أنه نسبها الى آخر غيري حسبما ذكر في مقالته التي نشرها على موقع ( كتابات ) في ( 28 نيسان 08 20 ) ،ومقالتي كانت بتاريخ 19 نيسان 08 على موقع كتابات نفسه !!على الرابط
http://www.kitabat.com/i37854.htm
وليس هذا فحسب ، بل لقد صعب عليه فهم واستيعاب جملة من المفاهيم النقدية ، ولاسيما المتعلقة منها بشعرية التعالق بين مظاهر مستويات الخطاب التفاعلي ، ومنها أيضا مهمة الأديب التفاعلي ، وعلاقته بالمستويات البصرية والسمعية والحركية التي يختارها لنصّه ، ولا أعرف لم يستسهل ذلك ( المختبئ خلف أسماء عديدة ) المسألة ويصر على أنه فهمها وقرر نفيها بوصفها ( أكذوبة ) .. على حد زعمه !!؟ ، في حين يعمل أهل الخبرة والمعرفة في هذا المجال من دون أي استسهال ، أو ادعاء ، فقط لكي يعبروا بأمتهم أشواطا يعتقدون أنهم لابد أن يعبروها ، وأن أمتهم تستحق ذلك ، وكلنا يعمل بجهد لكي نبرهن أحقيتنا بالاستمرار في عالم المعرفة المتنامية بسرعة ، في عالم الصورة ، عالم الوسيط الرقمي ، عالم التفاعلية المرغوبة والمطلوبة لأنها تحقق مبدأ المشاركة ومبدأ المساواة ، ومبدأ تكافؤ الفرص ، ولا يتطلب الأمر مني شرحا لأبين كيف ومتى وأين فقدنا هذه المبادئ في مجتمعاتنا وما فيها من مفاهيم ، ولاسيما مفهوم الدولة ، ومفهوم القانون ، ومفهوم المعرفة ، ومفهوم المنهج .
إن كلمات بالملايين من العدد قيلت في ما مضى من السنوات والعصور ، ومازلنا نرددها ، وكأنها جديدة ، لأننا نعيد تشكيلها كل يوم بتعالقات جديدة ، وبذلك نشير الى أشياء جديدة ، كل يوم ، ومع ذلك لم تنتقد اللغة على تكرارها لما قيل ، لأن ابداعها يكمن في هذه المسألة بالذات التي علينا أن نعيها تماما قبل التورط في خوض غمارها ، وفي التعالق الشعري تصبح كل المؤشرات المستعملة مفردات جديدة بعد تعالقاتها الجديدة ، فالصور والقطع الموسيقية والحركات تماما مثل الكلمات ، نستعملها مرارا في الجسد الشعري الجديد ( القصيدة الرقمية التفاعلية ) ولكن في كل مرة تكون غيرها لأنها اتخذت مواقع تعالقية جديدة ومغايرة ، وهذا أمر يحتاج الى جهد يفسر جماليته الابداعية ، وكيفية صناعة القيمة الجمالية والمعرفية فيه ، وليس المقام – هنا – مناسبا لذلك .
إنني أحب أن أظهر للآخرين كما أنا ، ولذلك فسأخاطب من ظنهما ذلك ( المختبئ ) على طرفي صراع ، وهو واهم بالطبع لأنه – فيما يبدو- لم يستوعب أيا منهما ، وأعني العزيز ( محمد سناجلة ) والعزيز( الدكتور مشتاق عباس معن ) ، وأقول لهما :
عزيزيّ ..
– ويا ترى هل سيكتب ذلك المختبئ سلسلة مقالات عن ( العزوزيات ) !! .. فقد استعملت ( أخي ) من قبل فظهرت لديه أوهام ( الأخوانيات ) ؟! - ..
اكتبا فيما تعتقدان أنه خير للأدب والفن العربيين ، واتركا من لا عهد له بالإبداع والنجاح ، فإن انشغال الأدباء والمفكرين والنقاد بالتقدم خطوات جريئة الى الأمام خير من انشغالهم بالمماحكات اللفظية ، والمعارك الكلامية ، وفيما مضى من تجارب ما يصدّق قولي ،وفي عصر السرعة .. كل جهد ووقت مهدور على اتهامات تعرقل الإبداع وتؤخر النجاح ، تضييع لفرصة المواكبة الحضارية التي ننشدها فيما نعمل ونقول ، ... اكتبا وأنا معكما وقد طرحت مشروعي ( النقد الثقافي التفاعلي ) لتكون منظومة النجاح الأدبي التفاعلي جاهزة ، في زمن لا يمكن أن تغفر فيه حجارة الفشل للنجاح سطوعه الحي .
أقرأ ايضاً
- جدلية الاختصاص في ابرام الاتفاقيات القضائية
- غاب الجمهور ..... غاب النجاح !
- رحلة الصقور.. والفشل الآسيوي !