أشار سماحة السيد أحمد الصافي إلى المناقشات السياسية التي تحدث بين الفرقاء للوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف، مذكرا أن هذه المناقشات حالة جيدة وإن الخلاف أمر طبيعي ينبغي أن لا يفسد في الود قضية، حيث أن الحوار السياسي فيه دائما اخذ ورد وقبول ورفض، وكلما استطعنا من إزالة الألغام في الحلول كلما استطعنا الوصول إلى الرأي الصائب، والمشكلة أحيانا تكمن في عدم الإحاطة بظروف المرحلة، وأخشى أن تنعكس عدم الإحاطة في الأمور على المواطن العراقي سلبيا الذي هو ينتظر الكثير من الحلول للكثير من المشاكل، والقبب البرلمانية كلما كانت ساخنة كلما كانت توصياتها جيدة، والعراق يعاني الكثير من المشاكل التي تنتظر بدورها الوضوح في الرؤية والمعالجة من جميع الفرقاء السياسيين.
هذا ما أكد عليه ممثل المرجعية الدينية العليا في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 6 شعبان 1429 هـ الموافق 8/8/2008 م وأضاف:
أننا بحاجة إلى تقييم المرحلة بمعنى أن هناك حالة من حالات الغموض وعدم الرؤية، ولعلنا لم نقيم المرحلة بشكل دقيق وتبعا لذلك تكون الكثير من الحلول فيها من الضبابية الشيء الكثير، وبطبيعة الحال أن المسؤول في الدولة يكون على رأس الهرم وتتحرك تحت مظلته مجموعة من العاملين ولابد لكل واحد منا إذا ما أراد النجاح في عمله أن يقيم المسيرة التي يعمل ضمنها من أين بدأ والى أية محطة يسير؟! ولابد للمسؤول أن يؤدي دور الأبوة حيث يحتضن جميع التوجهات والتوصيات وينطلق من خلالها لتقديم أفضل الخدمات للمواطن الكريم، وان تقييم المرحلة في أية وزارة مسؤولية في غاية الأهمية وينبغي أن يتبنى الجميع هذه السياسة من أعلى مسؤول في الوزارة إلى اصغر مسؤول فيها، لنحاسب أنفسنا في كل يوم ولنر أين نحن في مسيرة الإصلاح والاعمار؟! لا يطلب بطبيعة الحال نسبة نجاح 100% ولكننا نسعى إلى أن تكون أكثر من 50% ، إذ أن روح الخدمة لابد أن تسود بين المسؤولين، أما أن نضيق الدائرة ولا نراجع المسيرة فهذا هو عين الانحراف، وبالنسبة إلى إدارة العتبات المقدسة فإنها تقوم بتنسيق الجهود مع المسؤولين في المحافظة قبل الزيارة لتلبية الحاجيات وبعدها لمراجعة السلبيات لتخطيها في الزيارات القادمة، هكذا نستطيع أن نتعامل مع الظروف الصعبة ونتغلب عليها قدر الإمكان، أما الإنسان الفاشل والجاهل فانه يتنصل من الفشل والجهل حيث أن الإنسان بطبيعته يطمح نحو النجاح، ولا يكون ذلك إلا في خلق جو لتوفير مقومات النجاح.
وعرج سماحة السيد الصافي إلى مسألة في غاية الأهمية ألا وهي الفساد المالي والإداري الذي ينخر في جسد مؤسسات الدولة المختلفة بقوله: إننا بحاجة إلى قنوات للقضاء على الفساد المالي والإداري، وكما هو معلوم أن هنالك إعلاما خارج مؤسسات الدولة وهناك إعلاما للدولة، لابد أن تتضافر الجهود من الجميع ضمن الضوابط القانونية للقضاء على ظاهرة الفساد، فإننا نقف على خروقات لا ينبغي التغاضي عنها من قبيل سرقة الأموال الطائلة من مرافق الدولة المختلفة، وكذلك التعيينات التي تجري بلا ضوابط مهنية، فلا بد أن تكون ضابطة للتعيين بحيث لا تخترق من أي جهة كانت، وعدم الالتفات إلى هذه الكلية أخطر من سرقة الأموال حيث أن الرجل عندما يكون في غير موقعه فانه لا يحسن الأداء في موقعه الجديد، وسلبنا عنه مواهبه التي يمكن أن تتفتق في أماكن أخرى (سلب ما وهب واسقط ما وجب).
إننا بحاجة إلى ماكنة إعلامية لخلق جو ينفر الناس من الفساد المالي والإداري، وهذه الظاهرة بحاجة إلى تثقيف وبحاجة إلى مقومات علمية ينبغي إيجادها قبل الشروع في وضع الحلول، أنا عندما اسمع إن المشروع الفلاني في البرلمان لا يوقع عليه نائب إلا بعد أن يضعوا في حسابه المصرفي كذا مبلغ من المال، ومبالغ طائلة تصرف على أشياء تافهة من مخصصات الموازنة الأصلية والتكميلية، ولو وضعنا هذه الأموال الطائلة في مكانها الطبيعي لشهدنا قفزات نوعية في مجالات التنمية، ولكن مع الأسف تصرف الكثير من هذه الأموال على حساب إثراء البعض الذي لا يحلم بتلك الأموال لا هو ولا عشيرته طيلة عمره.
نحن نتكلم بشكل عام دون ذكر الخصوصيات والمفروض مراقبة سير العمل والشفافية في جميع دوائر ووزارات الدولة، بحيث لا يتمكن مسؤول من العمل خارج نطاق القانون والمساءلة، والحال أننا نرى أن شخصا ما يجرم ويسرق وفي نهاية المطاف يهرب إلى خارج البلاد من دون أن تحاسبه أو تطاله أي جهة قضائية أو حكومية، هذه الظاهرة ينبغي أن نقضي عليها أداءً لحق المواطن الذي ينتظر منا الكثير في الظروف الصعبة التي يمر بها في هذه المرحلة.
وفي نهاية خطبته أكد سماحة السيد الصافي إن إعلام الدولة ينبغي أن يكرس عمله في فضح المتلاعبين في المال العام، والجانب الإعلامي مثلما هو مهم في محاربة الإرهاب كذلك هو مهم في تفعيله لمكافحة الفساد المالي والإداري، ومثلما ندعو إلى مكافحة المفسدين فإننا ندعو في الوقت نفسه إلى تكريم المنزهين الذين يحافظون على المال العام، أما المفسدون يجب محاربتهم بلا هوادة، لان الفساد المالي والإداري ليس مبغوضا من الدين الإسلامي فحسب بل انه مبغوض من كل الأديان والمذاهب.
أقرأ ايضاً
- سكان 80 قرية في ذي قار يهربون من الجفاف إلى المدن بحثا عن فرصة حياة
- التعداد السكاني: قرابة 400 ألف منزل في كربلاء.. ومنازل غير موجودة ضمن خرائط ذي قار
- في السيدة زينب بسوريا :العتبة الحسينية توزع ملابس وعربات ذوي الاحتياجات الخاصة على اللبنانيين