تتباين الآراء بشأن تداعيات انخفاض أسعار النفط دون الـ70 دولاراً للبرميل على الاقتصاد العراقي، الذي يواجه أزمة خطيرة، قد تدفع الحكومة إلى الاقتراض مجددا أو السحب من الفائض المالي المتحقق سابقاً بعد أن أعدّت الموازنة بأعلى من السعر الفعلي للنفط العراقي، في ظل الانخفاض المستمر بالأسعار العالمية.
وفي هذا الإطار، أقر المستشار الإقتصادي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، أن العراق يواجه أزمة موازنة في عام 2025، بسبب هبوط أسعار النفط، المصدر الرئيسي لإيرادات الحكومة.
ويعتمد العراق، ثاني أكبر منتج في منظمة «أوبك»، بشكل كبير على عائدات النفط، ويمثل قطاع الهيدروكربونات الغالبية العظمى من عائدات التصدير، ونحو 90 في المائة من إيرادات الدولة، هذا الاعتماد الضخم على النفط يجعل العراق عرضة بشكل خاص لتقلبات أسعار الخام العالمية.
ومع ذلك، زاد العراق موازنته في عام 2024 حتى بعد الإنفاق القياسي في عام 2023، عندما تم توظيف أكثر من نصف مليون موظف إضافي في القطاع العام المنتفخ، وبدأت عملية تجديد البنية التحتية الوطنية المكثفة رأس المال، كما أن الموازنة تفترض سعر نفط 70 دولاراً للبرميل في عام 2024، أي أقل بنحو 6 دولارات من متوسط السعر المحتمل هذا العام.
إذ قال مظهر صالح في مقابلة صحفية، “لا نتوقع مشاكل كبيرة في عام 2024، لكننا بحاجة إلى انضباط مالي أكثر صرامة في عام 2025”.
وأضاف أن “موازنة عام 2024 ارتفعت إلى 211 تريليون دينار (161 مليار دولار)، من 199 تريليون دينار (153 مليار دولار) في عام 2023، مع الحفاظ على عجز متوقع قدره 64 تريليون دينار”.
وأوضح أن “دفع الرواتب والمعاشات التقاعدية في الوقت المحدد يظل أولوية قصوى، فهي تمثل 90 تريليون دينار (69 مليار دولار)، أو أكثر من 40 في المائة من الموازنة، وهي عامل رئيسي للاستقرار الاجتماعي في العراق”، مؤكدا بالقول:”ستدفع الحكومة الرواتب حتى لو كلفت كل شيء. الرواتب مقدسة في العراق”.
وأشار إلى أن “تطوير البنية التحتية يمكن إعادة التركيز عليه في الوقت نفسه على المشروعات الأكثر استراتيجية مثل أعمال الطرق والجسور الرئيسية في العاصمة بغداد إذا وجدت الدولة نفسها في أزمة مالية”.
ولفت إلى أن “العراق يركز لتعزيز المالية العامة على زيادة الإيرادات غير النفطية من خلال تحسين تحصيل الضرائب، لكنه لا يستكشف أي ضرائب جديدة”، مقدرا أن “العراق يخسر ما يصل إلى 10 مليارات دولار سنوياً، بسبب التهرب الضريبي والمشاكل المتعلقة بالجمارك”.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت، اليوم الأربعاء، 39 سنتا بما يعادل 0.6 بالمئة إلى 69.58 دولارا للبرميل في حين سجلت العقود الآجلة للخام الأمريكي 66.19 دولارا للبرميل بزيادة 44 سنتا أو 0.7 بالمئة.
وانخفضت أسعار الخامين القياسيين بنحو ثلاثة دولارات، أمس الثلاثاء، مع تسجيل برنت أدنى مستوى له منذ ديسمبر 2021 وتراجع خام غرب تكساس الوسيط إلى أدنى مستوى له منذ مايو 2023، وذلك بعد أن خفضت أوبك+ توقعاتها للطلب للعامين الحالي والمقبل.
وكان عضو المالية النيابية، مصطفى الكرعاوي أكد في 8 أيلول الجاري أن الموازنة مبينة بنسبة 90% على الإيرادات النفطية، وكلما تغير سعر النفط سيكون هناك تأثير مباشر على الموازنة، وبالتالي كلما انخفضت أسعار النفط العالمية سيكون هناك عجز في نسبة الإنجاز للموازنة.
وأكدت وزارة المالية، في 10 حزيران الماضي، أن حجم الإيرادات في الموازنة الاتحادية خلال أربعة أشهر تجاوزت 42 تريليون دينار، مؤكدة بقاء مساهمة النفط في الموازنة بنحو 89%.
وبحسب جداول المالية فإن إيرادات النفط بلغت 38 تريليوناً وثلاثة مليارات و728 مليوناً و183 ألف دينار، وهي تشكل 89% من الموازنة العامة، في حين بلغت الإيرادات غير النفطية أربعة تريليونات و698 ملياراً و785 مليوناً و9 آلاف دينار.
ورفعت شركة بي.إم.آي للأبحاث التابعة لفيتش سولويشنز توقعاتها لعجز ميزانية العراق في 2024 من 3.3% إلى 7% ما يرجع في الأساس إلى ضعف آفاق الإيرادات النفطية التي تمثل 93% من إجمالي الإيرادات الحكومية.
وأتم مجلس النواب العراقي، في 3 حزيران الماضي، التصويت على جداول قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم 2024 والتي بلغت 228 ترليون دينار، بعدما حصدت موازنة العام الماضي 199 تريليون دينار، فيما وصفها مختصين بالـ”مجازفة” من الحكومة باقتصاد البلاد ووضعها المالي، لاسيما في حالة انهيار أسعار النفط، الذي تعتمد عليه كليا، كما حدث في أعوام سابقة.
ويعتمد العراق بنسبة كبيرة على بيع النفط الخام في تأمين إيراداته السنوية ودفع الرواتب وبقية المستحقات الأخرى، فيما يواجه قطاع الزراعة الذي كان يمثل أحد روافد الإيرادات في السابق، تدهورا كبيرا، ومنذ عام 2022، برزت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تم تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.
أقرأ ايضاً
- رغم المشاكل..العراق وتركيا يتفقان على زيادة التبادل التجاري
- النفط العراقي ينتعش ويتجاوز حاجز الـ70 دولارا
- مع اغلاق البورصة.. انخفاض طفيف بأسعار الدولار