ما يزال جدل رئاسة مجلس النواب مستمرا على الرغم من المبادرات الكثيرة التي قدمت للكتل السنية سواء من الإطار التنسيقي صاحب الأغلبية الشيعية أو حتى من الأحزاب الكردية والأطراف الخارجية ذات التأثير في القرار السياسي العراقي، إلا أن كل هذا لم يفلح في حلحلة عقدة الاتفاق على رئيس جديد خلفا للحلبوسي الذي تمت إقالته بقرار قضائي منذ نحو تسعة أشهر.
ويوم أمس الاثنين طرح زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي مبادرة في سبيل حل قضية رئاسة مجلس النواب، والتي قال فيها إن الإطار التنسيقي مستعد للتنازل عن إحدى وزاراته سواء لحزب تقدم الذي يرأسه محمد الحلبوسي، أو للسيادة برئاسة خميس الخنجر، في حال اتفاقهم على مرشح واحد لمنصب رئاسة مجلس النواب.
وأكد المالكي في خطاب متلفز أن هناك لغط أثير حول إرادة المكون الأكبر السيطرة على رئاسة مجلس النواب وهذا غير صحيح، مستدركا “اتفقنا كأطراف سياسية على تقديم مرشح من أحد الأطراف السنية مقابل التنازل عن أحد الوزارات للطرف الآخر”.
وحول هذا الأمر، يقول عضو الهيئة العامة لحركة الصادقون، أحمد عدنان، إن “المبادرة فهمت بشكل خاطئ أو أن المالكي طرحها برؤية أخرى حيث أن الاجتماع الأخير للإطار بحضور كل الأطراف وبضمنها السيادة وتقدم، وطرح خلاله رأي وليس اتفاق وهو ترشيح شخصية واحدة لرئاسة مجلس النواب والجهة التي ترشحه هي من تتنازل عن الوزارة وليس الإطار هو من يتنازل كون هذا الأمر شأن داخلي سني”.
ويضيف “هذا الشأن سني وليس للإطار علاقة باختيار شخصية رئيس مجلس النواب، هذا مجرد رأي تم طرحه وسيتم إنضاجه خلال الاجتماع المقبل”.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد قررت في تشرين الثاني 2023 إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي على خلفية قضية رفعها ضده النائب ليث الدليمي اتهمه فيها بتزوير استقالة الدليمي من مجلس النواب، لينتهي الحكم بإنهاء عضوية الاثنين.
ومنذ ذلك الحين ولغاية الآن وبعد مرور أكثر من ثمانية أشهر لم تتمكن الكتل السياسية والنواب من انتخاب رئيس جديد بديلا للحلبوسي على الرغم من عقد عدة جلسات لهذا الغرض.
بدوره يوضح المحلل السياسي غالب الدعمي، أن “هذا التصريح هو للاستهلاك الإعلامي لا أكثر حيث لا توجد كتلة سنية أو شيعية أو كردية تتنازل عن حقها لصالح مكون آخر ما لم تكن هناك فائدة كبرى للجهة التي تتنازل عن منصب وزاري”.
ويؤكد “وفقا للمنطق فإن الخلافات السياسية الحالية هي بسبب المناصب فكيف يتنازل الإطار التنسيقي عن أحد مناصبه؟ وأي جهة هي من ستضحي من أجل الوصول إلى اتفاق سني؟”.
ويعدّ منصب رئيس مجلس النواب من حصة السنة وفقا للعرف السياسي الدارج في العراق منذ تشكيل النظام السياسي بعد العام 2003، في حين يذهب منصبا رئيس الوزراء للشيعة، ورئيس الجمهورية للكرد.
وكان رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، أكد في 25 حزيران الماضي، أن ما يدور في البيت السني حول منصب رئاسة مجلس النواب اختلافات وليست خلافات وستحل قريبا، لافتا إلى تدخل زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني على خط الأزمة.
وفي السياق، يشير القيادي في تحالف السيادة مهند الراوي، أن “المالكي شخصية سياسية محترمة ورأيه في إطار المبادرة لحل الأزمة لكن هذه المبادرة تحتاج إلى خطوات عملية واليوم لدينا مرشحين وهم محميين بتنظيم قانوني من قبل المحكمة الاتحادية ومسألة إضافة مرشح جديد تحتاج إلى قرار من المحكمة التي أعطت قرارا سابقا بعدم جواز دخول أي مرشح”.
ويتابع “نحن بحاجة إلى قرار خاص يتضمن انسحاب كل المرشحين الحالين لمنصب رئاسة مجلس النواب من أجل السماح بإعادة فتح الترشيح”.
ويرى أن “تعديل المادة 12 من النظام الداخلي لمجلس النواب والتي يطالب بها حزب تقدم فهي أيضا غير جائزة ومخالفة لقرارات المحكمة الاتحادية، وعلى جميع الأطراف التنازل من أجل تغليب المصلحة العليا على المصالح الخاصة”.
وفشل مجلس النواب، في 18 آيار الماضي، في اختيار رئيس جديد له، بعد أن أخفق في عقد جولة ثالثة “حاسمة” لترجيح كفة أحد المرشحين النائب سالم العيساوي عن حزب السيادة، ومحمود المشهداني المدعوم من حزب تقدم.
وشهد التصويت منافسة محتدمة بين النائبين سالم العيساوي، ومحمود المشهداني، حيث حصل الأول على 158 صوتا في حين حصل الثاني على 137 صوتا، كما حصل النائب عامر عبد الجبار 3 أصوات، بينما بلغت الأصوات الباطلة 13 صوتا، وأدلى 311 نائبا (من إجمالي 329) بأصواتهم في الجولة الأولى التي انطلقت في الساعة الرابعة عصرا بتوقيت بغداد.
إلا أن الجولة الثالثة لم ترَ النور بسبب شجار بين النواب تطور إلى اشتباك بالأيدي، حيث وثقت هواتف النواب، مشادة كلامية وتشابك بالأيدي بين نواب من تقدم وزملاء من كتل أخرى على خلفية انتخاب رئيس للبرلمان.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- بعد مؤتمر حنون "الفضائحي".. نور زهير يضع الجميع "على المحك"
- المالكي والسوداني و"الإطار".. خطوة أخرى نحو الانقسام
- كشف حجم الخلافات داخل الإطار.. ماذا يريد المالكي؟