تتصدر أزمة الطاقة الكهربائية في العراق، حديث الشارع في ظل عودة ارتفاع درجات الحرارة ونقص التجهيز، منتقدين في الوقت ذاته عجز الحكومات المتعاقبة في رسم سياسة واضحة للبلد منذ 2003 الى اليوم والاعتماد على مصادر قديمة لإنتاج الكهرباء.
وفي هذا الإطار، كشف عضو لجنة الطاقة النيابية وليد السهلاني، عن احتياج بغداد الى أكثر من 8000 ميغاواط من أجل تغطية حاجتها الفعلية، مؤكداً ان وزارة الكهرباء لا تستطيع تأمين هذا الرقم.
ويعاني قطاع الكهرباء في العراق من مشاكل عديدة على الرغم من الأموال الطائلة التي أنفقتها وزارة الكهرباء، وبحسب المستشار الحكومي والخبير الاقتصادي مظهر محمد صالح، فإن الطاقة الكهربائية استنزفت بعد عام 2003 أكثر من 120 مليار دولار، ولكن عملية تأمين الطاقة لا تزال متعثرة بسبب سوء الإدارة والهدر والفساد.
إذ قال السهلاني في تصريح صحافي، إن "مدينة بغداد وحدها تحتاج الى أكثر من 8000 ميغا واط، ولا تستطيع لوزارة تأمين هذه الطاقة"، مشيراً إلى أن "الزخم السكاني والتجاوزات على الشبكة الكهربائية عائق كبير امام الوزارة".
وأضاف أن "المراكز التجارية في العاصمة والمولات والفنادق الكبيرة تستهلك كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية"، لافتاً الى ان "الحكومة يقع على عاتقها تثقيف المواطن وتوفير الكهرباء في آن واحد ورسم سياسات للمدن الكبيرة مثل بغداد والبصرة وغيرها".
وكان تقرير كونترول رسك الأمريكي المتخصص بشؤون المناخ، اكد في7 آب الجاري، ان التغيرات الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة والجفاف تؤثر وبشكل واضح على الأداء الاقتصادي للعراق ودول الشرق الأوسط، مبينا أن "موجات الحر المستمرة والزيادة العامة في درجات الحرارة ومتطلبات تكييف الهواء تستمر في الضغط على البنية التحتية للطاقة في بلدان مثل العراق وباكستان، فيما وجدت دراسة ان 70 بالمائة من استهلاك الكهرباء في دول الخليج ومنها العراق تذهب الى منظومات تكييف الهواء وأنظمة التبريد الأخرى بين أشهر آيار وحتى شهر أيلول".
وشهدت محافظات الوسط والجنوب، خلال الأيام الماضية، خروج العديد من التظاهرات بسبب تردي تجهيز الطاقة، وأدت إلى قطع العديد من الطرقات، من قبل المحتجين، الأمر الذي تزامن مع ارتفاع درجات الحرارة حيث وصلت في الكثير من المناطق إلى 50 درجة مئوية.
ودعا عضو لجنة الكهرباء والطاقة النيابية، وليد السهلاني، في 7 تموز الماضي، الحكومة والقوى السياسية الصانعة للقرار الى تشكيل لجنة متخصصة من أعضاء يتمتعون بخصائص علمية وفنية من شأنها وضع رؤية واستراتيجية جديدة لواقع الكهرباء على أن تدار من خارج الوزارة وحتى خارج البرلمان.
وكشف عضو لجنة الاستثمار والتنمية النيابية حسين السعبري، في 26 حزيران الماضي، عن التوجه لاستجواب وزير الكهرباء زياد علي فاضل داخل قبة البرلمان، وذلك بعد تصريحاته بشأن زيادة الأحمال.
وكان وزير الكهرباء زياد علي فاضل أكد خلال جلسة مجلس الوزراء، في 24 حزيران الماضي، ان "معدل الحمل المطلوب في مثل هذا الوقت من العام الماضي هو 29 الف ميغاواط، الا حمل الذروة الذي ثبت خلال هذا العام هو 48 الف ميغاواط، أي ان العراق شهد مع تغير درجات الحرارة أكثر من 18 الف ميغاواط حمل مطلوب"، لافتا إلى أن "هناك معدل نمو بالأحمال بلغ 20 بالمئة وهذا الارتفاع سبب مشكلة".
ولجأت الحكومة إلى تقليص عدد ساعات الدوام في المؤسسات الرسمية إلى 6 ساعات بدلاً من 8 حتى نهاية شهر آب الجاري، وقال المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر محمد، إن "دوام الموظفين في بغداد سيكون 6 ساعات، يبدأ من يوم الاثنين، وينتهي في يوم 29 من شهر آب 2024".
واحتل العراق، المرتبة الخامسة عربيا و الـ50 عالميا من أصل 211 دولة مدرجة في الجدول كأكبر مستهلكي للكهرباء في العالم حسب مجلة CEO WORLD الأمريكية.
ويستورد العراق في فصل الصيف 70 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني في اليوم لتغذية محطات توليد الكهرباء في البلاد، ويولّد نحو 5000 ميغاواط من الكهرباء بهذه الإمدادات، ويعني هذا التدفق، إلى جانب عمليات الشراء المباشرة للكهرباء من إيران، أن طهران تلبي 40 في المائة من احتياجات العراق من الكهرباء بتكلفة 4 مليارات دولار سنوياً.
ولكن غالباً ما تخفض إيران إمدادات الغاز للعراق، ويساهم ذلك في بعض الانقطاع في التيار الكهربائي والاستياء العام والمشاكل السياسية، وتعزى بعض هذه التخفيضات إلى الطلب المحلي الإيراني.
وفي نيسان 2024، أعلنت شركة توتال اينيرجي على موقعها في الانترنت انها وقعت عقود الأرض وشبكات الربط لمحطة ارطاوي للطاقة الشمسية، وتغطي هذه عملية إنشاء خط نقل عبر الأبراج بطول 180 كم لربطه بشبكة توزيع الكهرباء في البصرة مع نصب محطة توزيع ثانوية.
وقالت شركة توتال ببيان في حينها، إن "المحطة ستكون واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية النظيفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" مشيرة إلى أن "المحطة ستغذي ما يزيد على 350 ألف منزل بالطاقة الكهربائية النظيفة، على أن يكتمل المشروع بحلول عام 2025 عبر أربعة مراحل".
وفي شباط 2024، قال الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، إنه مع الأسف الشديد دخل الفساد في الكهرباء، هذا السبب الرئيسي للأزمة وأنا لا أخفيه، مشدداً على حاجة شبكة الكهرباء في البلاد إلى عملية تطوير شاملة.
ومنذ العام 2003 ولغاية اليوم، لم تشهد الطاقة الكهربائية في العراق أي تحسن ملحوظ، وفي كل صيف تتجدد التظاهرات في مدن الوسط والجنوب، احتجاجا على تردي تجهيز الطاقة.
أقرأ ايضاً
- النزاهة: صدور حكمين جديدين بحق مدير مصرف حكومي في ديالى
- "مبالغ فيها".. تحقيق رسمي بارتفاع فواتير الكهرباء
- تحذير حكومي عاجل: هواء بغداد أصبح ساماً ويهدد حياة 9 ملايين شخص