تعيش منطقة الشرق الأوسط وضعا مأزوما نتيجة للحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ تشرين الأول 2023 والمستمرة لغاية الآن، والتي خلفت عشرات الآلاف من الضحايا الفلسطينيين بين شهيد وجريح أغلبهم من الأطفال والنساء، وعلى وقع ذلك توسعت دائرة المواجهة لتشمل العراق ولبنان واليمن وإيران، فيما تعمل بغداد وبعض العواصم الأخرى على تهدئة العنف المتصاعد من خلال مقترحات لوقف العدوان المتواصل على قطاع غزة.
ومساء يوم السبت الماضي، شنت 20 طائرة مقاتلة إسرائيلية سلسلة غارات استهدفت منشآت تكرير ومخازن للوقود في ميناء الحديدة اليمني، إضافة إلى موقع رئيس لتوليد وتوزيع الكهرباء ومكاتب تابعة لشركة النفط، ردا على هجوم نفذه الحوثيون قبل أيام بطائرة مسيرة كبيرة أصابت هدفا مهما في إسرائيل.
وفي مساء اليوم نفسه، قصفت إسرائيل بغارات جوية مستودعات ذخيرة تابعة لحزب الله في جنوب لبنان، ما تسبب لانفجارات كبيرة، فيما أغار الطيران الإسرائيلي على محيط بلدتي عدلون والشهابية جنوبي لبنان. وتأتي الضربة عقب رشقة صواريخ كبيرة أطلقتها حزب الله، تجاه شمال الاراضي المحتلة والجولان.
وبعد التصعيد بين لبنان وإسرائيل، زار رئيس حكومة تصريف الاعمال اللبنانية نجيب ميقاتي العاصمة بغداد وعقد مجموعة من القاءات مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وشخصيات أخرى، لبحث أوضاع المنطقة وباقي الجوانب الاقتصادية وغيرها.
وحول هذه الزيارة، يقول المحلل السياسي راجي نصير، إن “الزيارة هي تحصيل حاصل ويجب على الدول العربية التعاون مع بعضها باعتبار أن هناك تشابها في التفكير والمزاجات”.
ويضيف “لبنان شاهد على المواقف العراقية العديدة من تزويده بالنفط وغيره في ظل أزماته، كما أن العراق قريب سياسيا واقتصاديا من الجانب اللبناني والقضية ليست اشتراك العراق في الأزمة اللبنانية لأن المنطقة بالأساس كلها مأزومة وبعض الخنادق باتت واضحة والعراق ممكن يكون شريكا في حل الأزمة وتفتيتها خاصة تلك التي تؤثر على مقاومة الشعب الفلسطيني من خلال فتح جبهات أخرى ليست في صالح القضية العربية”.
ويتابع نصير “زيارة ميقاتي ستكون فاتحة لبلدين يعانيان من أزمة سياسية وإعلامية واقتصادية وبالإمكان الاستفادة من التجربة اليمنية كما يمكن للعراق ولبنان تغيير المعادلة وتغيير المعادلة القائمة حاليا”.
هذا وبات العراق مؤثرا في الوسط الإقلمي والدولي في الآونة الأخيرة خاصة بعد نجاحه في استضافة مؤتمرات عديدة لتقريب وجهات النظر بين إيران والسعودية من خلال جولات حوار أجريت في بغداد، إضافة إلى تحركه الآن لعقد مصالحة جديدة بين سوريا وتركيا بعد قطيعة طويلة في علاقة البلدين.
وفي السياق، يوضح المحلل السياسي غالب الدعمي، أن “زيارة ميقاتي للعراق تتعلق بتجهيز لبنان بالوقود العراقي، لأنها بدون هذا الوقود لا تستطيع أن تفعل شيئا وهذا الوقود هو شبه مجاني، كما أن الزيارة جاءت للمصلحة ولا علاقة للعراق بالضربات الإسرائيلية على مواقع تابعة لحزب الله اللبناني”.
ويتابع “دور العراق لا نستطيع القول إنه تنامٍ إلى مستوى عالٍ من التأثير كونه يحسب على محور المقاومة ولهذا فإن علاقاته مع الدول غير المسحوبة على هذا المحور غير طيبة وإن كانت فيها مجاملة، العراق بدء ينمو بشكل واضح وأنه يسير باتجاه صحيح في تحسين علاقاته وكلما ابتعد عن المحاور يصب ذلك في مصلحته”.
يذكر أن رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، شدد أمس الأحد، على ضرورة وقف العدوان على لبنان وفلسطين وبذل الجهود للحيلولة دون اتساع الصراع إقليميا.
إلى ذلك، يرى المحلل الأمني عقيل الطائي، أن “ظاهر زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى العراق وأجندتها هي تعزيز التبادل الاقتصادي وتوريد النفط إلى لبنان والتعاون بين البلدين على مختلف المجالات”.
ويلفت إلى أن “لبنان يمر بظروف اقتصادية وسياسية صعبة للغاية وكذلك أشبه بالحرب المفتوحة مع إسرائيل، وأن فصائل المقاومة في العراق لم تدخر جهدا للمشاركة في نصرة غزة بالتعاون مع اليمن وباقي دول المحور، والأحداث الاخيرة تثير المخاوف في المنطقة”.
ويشير إلى أن “العراق بعيد جغرافيا عن مناطق النزاع لكن قد يتم تأزيم وضعه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على اعتبار أنه جزء من محور المقاومة والتي لها متبنياتها الخاصة والمشتركة”.
وينبه الطائي “بالتأكيد أن توسع الصراع سيكون له مردود سلبي على البلد من الناحية السياسية والاقتصادية، كما أن لبنان تريد أن تؤمن نفسها اقتصاديا من خلال التعاون مع العراق، لذا حكومة السوداني سوف تكون في وضع حرج خاصة وأنه يحضر للانتخابات المقبلة”.
يشار إلى أن فصائل مسلحة عراقية سبق وأن أعلنت أنها ستقف إلى جانب حزب الله اللبناني في حال شنت إسرائيل حربا شاملة على الحزب أو لبنان عموما، وهو ما وضع الحكومة العراقية في موقف حرج كونها تحاول النأي بالعراق عن سياسة المحاورة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- مع اقتراب موعده.. هل تعرقل المادة 140إجراء التعداد السكاني؟
- رئاسة المشهداني.. هل تمهد لعودة الزعامات الكلاسيكية؟