في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها الدولة العراقية، والتي تتطلب متابعة دقيقة وإدارة فعالة للموارد المالية لتحقيق التوازن الاقتصادي المطلوب، تعاني وزارات الدولة العراقية من ترهل وظيفي يعرقل عمليات الإنتاج في الغالب، ويسبب إرهاقا لخزينتها، من دون تحقيق مردودات مالية تكفي على أقل تقدير لتأمين رواتب العاملين فيها.
وفي هذا الإطار، أظهرت حسابات وزارة المالية، اليوم الأحد، ارتفاع النفقات خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي بنسبة 12% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بسبب الرواتب والترهل الوظيفي.
يشار إلى أن إنتاجية الموظف في العراق لا تتجاوز الـ17 دقيقة يوميا، في ظل حاجة العراق إلى قانون لتنظيم العطل الرسمية التي تتسبب بهدر الوقت وتحول دون الإنتاج والتطور.
إذ بلغت النفقات الإجمالية للدولة العراقية، بحسب حسابات الوزارة، في هذه الفترة 41.5 تريليون دينار عراقي، مقارنة بـ 37 تريليون دينار عراقي في عام 2023، مما يمثل زيادة بقيمة تقدر بحوالي 4.5 تريليون دينار.
وأشارت البيانات، إلى أن “الرواتب شكلت الجزء الأكبر من هذا الارتفاع، حيث ارتفعت من 17.9 تريليون دينار في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023 إلى 22.3 تريليون دينار في نفس الفترة من عام 2024، بما يمثل 98% من إجمالي الزيادة في النفقات.
في المقابل، بلغت زيادة النفقات الأخرى حوالي 0.1 تريليون دينار عراقي فقط، مما يبرز أهمية الرواتب كعامل رئيسي في الزيادة الإجمالية للنفقات العامة.
وأجلت الحكومات المتعاقبة خلال العقدين الماضيين، النظر إلى مشكلات التنمية البشريَّة في القطاع الخاص، ولجأت إلى حركة توظيف في القطاع العام، لتصبح الوظيفة الحكومية “حلم الشاب وغايته”، لتتراكم هذه المشكلات وتتضافر حتى باتت عبئاً ثقيلاً على الموازنات المتتابعة مهما كانت انفجارية استثمارياً.
ووفقا قانون الموازنات العامة الاتحادية للسنوات 2023، و2024، و2025، يبلغ عدد الموظفين في العراق أربعة ملايين و74 ألفا و697 موظفاً وموظفة، وحدد القانون نفسه عدد موظفي إقليم كردستان بـ658 ألفا و189 موظفاً وموظفة.
وكان الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه، أكد في تصريح سابق، أن “الترهل الوظيفي هو بطالة مقنعة تحدث أضرارا بمؤسسات الدولة، كما أن هناك صعوبة في تنقل الموظفين بين الوزارات بسبب سلم الرواتب الذي يختلف من وزارة إلى أخرى”.
وينوه عبد ربه، إلى أن “أعداد الموظفين الفائضة عن الحاجة في وزارتي الكهرباء والصناعة ومؤسسات الدولة غير المنتجة، تتطلب تشريع قانون لتوزيع الموظفين يتم بموجبه نقلهم بين الوزارات والمؤسسات التي تعاني من التخمة الوظيفية إلى أخرى فيها نقص ولها تماس مباشر مع المواطنين، مثل دوائر الجوازات والبطاقة الوطنية والضريبة وجميعها تواجه زخما كبيرا من المراجعين مقابل أعداد قليلة من الموظفين”، مؤكدا على “أهمية إعادة توزيع الملاكات الوظيفية ضمن خطة وقانون يتم من خلاله التساوي في الرواتب لتسهيل نقل الموظفين بحسب الحاجة الفعلية لهم”.
وتتجسد في بعض مؤسسات الدولة مشاهد درامية متكررة بسبب أعداد الموظفين الكثيرة، حيث أن بعض الموظفين لا يجدون مكانا يجلسون فيه، وآخرون يتناوبون على الجلوس، يضطر بعضهم إلى شراء المقاعد وجلبها للمؤسسة بعد تدوين أسمائهم عليها كي لا يشغلها سواهم.
ويعود إقبال المواطنين على الوظائف الحكومية، بحسب معنيين، لأسباب عديدة، منها تفشي البطالة وعدم وجود دعم حكومي للقطاع الخاص أو قانون ينظم عمله، إضافة إلى الراتب التقاعدي الذي تضمنه الحكومة للموظفين، والرواتب المجزية التي كان يتقاضاها الموظفون.
يشار إلى أن 9.5 ملايين عراقي يعتمدون في معيشتهم على الدولة بصورة مباشرة (موظفون ومتقاعدون وذوو الرعاية الاجتماعية)، وهو ما قد يشكل نسبة 23% من سكان العراق الذي تقدر وزارة التخطيط عدد سكانه بنحو 42 مليون نسمة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- خلال أسبوع.. البنك المركزي العراقي يبيع نحو مليار ونصف المليار دولار
- 34.1 مليون دولار خلال شهر.. العراق ثانيا بين أكثر الدول استيراداً للفواكه والخضروات التركية
- التجارة الإيرانية: 7 مليارات دولار من العراق في 7 أشهر