ختمت إيران انتخاباتها بفوز “الإصلاحي” مسعود بزشكيان، بعد تفوقه في الجولة الثانية على منافسه “المحافظ” سعيد جليلي، وفي قراءة للتغير الذي سيطرأ على المنظومة السياسية الإيرانية بعد وصول الإصلاحيين للسلطة الإيرانية من جديد، يعتقد مراقب للشأن السياسي في إيران، أن سياستها لن تتغير، بل هي مرتبطة بالمرشد الايراني السيد علي خامنئي، إلا أن مراقبين عراقيين يؤكدون أن تغيبرا سيحدث تجاه العراق، وخاصة في ملف الفصائل المسلحة.
ويقول المحلل السياسي الإيراني حسين الديراني، إن “العلاقات الإيرانية العراقية بعد انتخاب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان من التيار الاصلاحي، لن تتغير قيد أنملة، فالرئيس الجديد سيكمل مشروع الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، في تعزيز العلاقات مع الدول المجاورة”.
ويضيف الديراني، أن “العراق له أهمية خاصة بالنسبة لإيران، وعلاقات سياسية إستراتيجية نظرا للموقع الجغرافي في المنطقة العربية والإسلامية”، مبينا “أما قضية دعم فصائل المقاومة، فهو نهج ثابت لا يتغير مع تغيير الرئيس بالنسبة لإيران، ومهما كان انتمائه السياسي، وهنا نذكر أن إعلان الانتصار على دولة الإرهاب الداعشية كانت في زمن الرئيس روحاني المنتمي للتيار الإصلاحي، فدعم المقاومة هو نص في الدستور وأي رئيس لا يستطيع أن يعمل خلافا للدستور”.
ووفقا للمتحدث باسم لجنة الانتخابات في إيران، محسن إسلامي، فقد حصل مسعود بزشكيان على 16 مليونا و384 ألفا و403 أصوات فيما حصل سعيد جليلي على 13 مليونا و538 ألفا و179 صوتا، بعد فرز 30 مليونا و530 ألفا و157 صوتا من مراكز الاقتراع في البلاد وخارجها، حيث بلغت نسبة المشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية 49.8 بالمائة، وفقا لوكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”.
وكانت الجولة الاولى لانتخابات الرئاسة قد جرت يوم 28 من حزيران الماضي، بين المرشحين الأربعة، سعيد جليلي ومسعود بزشكيان ومحمد باقر قاليباف ومصطفى بورمحمدي، ولم يستطع أي منهم الفوز بالغالبية المطلقة، مما استوجب خوض جولة ثانية بين المرشحين الحائزين على أعلى عدد من الأصوات وهما بزشكيان وجليلي.
ولقي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، وحاكم محافظة أذربيجان الشرقية مالك رحمتي، ورئيس وحدة حماية رئيس الجمهورية سردار سيد مهدي موسوي، وقوة من فيلق أنصار المهدي، بالإضافة إلى طيار ومساعده، مصرعهم، بتحطم مروحية كانت تقله مساء يوم 19 أيار الماضي، شمال غرب إيران.
ويعد إبراهيم رئيسي ثامن رئيس لإيران، وقد انتخب عام 2021 خلفا للرئيس حسن روحاني، وتولى رئيسي مناصب عدة في المؤسسة القضائية قبل أن يصير رئيسها، وقد نسج علاقات قوية مع المرشد الإيراني السيد علي خامنئي، الذي اختاره في العام 2016 مسؤولا عن مؤسسة “آستان قدس رضوي”، وهي مؤسسة وقفية دينية لها ميزانية تقدر بمليارات الدولارات، وتمتلك أكثر من 30 من الشركات والمصانع والمناجم، ولها أذرع اقتصادية متعددة ومتنوعة.
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي غالب الدعمي، أن “وجهة النظر الإيرانية تجاه العراق لن تشهد أي تغيير ما دام النظام الحالي موجودا، حيث أن رئيس الجمهورية في إيران لا يكون صاحب القرار النهائي، بل القرار بيد المرشد، وهو من يرسم السياسات، وما تبقى يسمعون ويطيعون وينفذون”.
ويؤكد الدعمي، أن “قضية العراق باقية ما لم تحدث تفاهمات جديدة ضمن الشرق الأوسط الجديد، الذي سيكون لإيران دور جديد فيه أما ابعادها او إعطائها بعض المنافع وربما طهران خسرت بعض مواقعها عالميا على مستوى سوريا ولبنان وفلسطين أيضا”.
ويلفت إلى أن “المشهد المقبل سيكون شائكا، ولكن السياسة الإيرانية تجاه العراق ستكون ثابتة ولن تتغير لأن بغداد تعتبر حديقة منتجة خصبة تدعم الحكومة الإيرانية”.
يشار إلى أن العديد من الأحزاب والحركات السياسية العراقية الشيعية والكردية ترتبط بعلاقات وطيدة مع إيران منذ عهد النظام العراقي السابق فيما كان يُعرف حينها بـ”المعارضة” التي كان الكثير من قياداتها يقيمون في إيران، وفيما بعد العام 2003 ارتبطت معظم الفصائل المسلحة العراقية بطهران التي أمدتها بالسلاح والمال والتدريب والدعم اللوجستي.
من جانبه، يبين المحلل السياسي أثير الشرع، أن “المنطقة ستشهد تغييرات مفصلية على صعيد الأمن والاقتصاد والطابع السياسي والانتخابات الإيرانية الأخيرة التي أفرزت فوز الإصلاحي بزشكيان، حيث ستنتج تغييرات جديدة تطرأ على سياسة الجمهورية مع أمريكا والدول الإقليمية”.
ويشير الشرع، إلى أن “إيران تريد تغيير بعض العلاقات مع الدول وعندما اختارت مصلحة تشخيص الدستور الإصلاحي الوحيد ومعه عدد من المحافظين، فإن هذا يدلل على وجود رؤية جديدة ستطرأ على سياسة إيران الخارجية”.
ويوضح “سنشهد تغيير في سياسة إيران مع بعض الفصائل العراقية وليست كلها، خاصة التي لم تنتهج سياسات ايران خلال الفترات السابقة، وفوز الرئيس بزشكيان لم يكن بمحض الصدفة، بل يوجد تخطيط مسبق له، كما سنشهد تغييرات في العلاقات الإيرانية مع دول المنطقة”، مضيفا أن “هناك الكثير من الملفات التي تنتظر المنطقة وأيضا العلاقة مع أمريكا والملف النووي والعلاقة كذلك مع الأحزاب والفصائل العراقية”.
يذكر أن إيران، سبق وأن أعلنت عدم صلتها بالفصائل العراقية، وذلك عبر ممثليها في الأمم المتحدة، ونفت بشكل قاطع أي صلة بها، على عكس حزب الله اللبناني، الذي يعتبر الذراع الأبرز لإيران في المنطقة العربية.
وتنقسم إيران داخليا، بين جهاز المخابرات “الإطلاعات الإيرانية” والحرس الثوري، ويمثل الجناح الأول المحافظين، الذي ينتمي لهم الرئيس الجديد، فيما كان الرئيس السابق مقربا من الحرس الثوري، وهو الجهاز الذي ترتبط به معظم الفصائل المسلحة العراقية.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟