مضت ستة أشهر على انتهاء العمر الدستوري لمجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، دون اختيار أعضاء جدد، ومع صعوبة التوافقات السياسية الحاسمة في اختيارهم، يتجه مجلس النواب إلى تمديد عمل المفوضية، وسط تحذيرات من التمديد لأكثر من عام.
وانتهى عمل مجلس مفوضية الانتخابات بشكل رسمي في شهر كانون الأول 2023 وذلك بعد إتمامه الفترة القانونية، إلا أن ذلك تزامن مع إجراء انتخابات مجالس المحافظات ولهذا ارتأت الكتل السياسية التمديد لهم لحين إكمال الانتخابات.
ومن المتوقع أن تجري انتخابات برلمان إقليم كردستان نهاية العام الحالي وبما أن المفوضية الاتحادية هي من سيشرف عليها لهذا تم تمديد عملها أيضا، كون الكتل السياسية لا يمكنها حسم ملف المفوضين بوقت قياسي وقد يؤثر ذلك على موعد انتخابات الإقليم.
وحول قانونية التمديد للمفوضية من قبل مجلس النواب، يقول الخبير القانوني علي التميمي، إن “تمديد عمل مجلس المفوضين من قبل البرلمان جائز قانونا وهو إجراء يوافق الدستور العراقي من المادة 61 و59 منه والتي تنص على أن البرلمان له صلاحية التشريع والرقابة”.
ويضيف التميمي، أن “مجلس النواب هو بالأساس من يصوت على المفوضية العليا للانتخابات، وعليه فإن التمديد دستوري وقانوني تقتضيه المصلحة العامة على اعتبار أن إقليم كردستان مقبل على انتخابات، ولابد من إشراف المفوضية عليها، كون المفوضية الخاصة بالإقليم غير موجودة وتم حلها”.
يشار إلى أن مجلس المفوضين يتكون حسب قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من تسعة أعضاء ومدة تفويضهم هي أربع سنوات فقط.
يذكر أن لغطا كبيرا أثير حول مفوضية الانتخابات الحالية، وخاصة بعد إجراء الانتخابات النيابية عام 2021، حيث جرت اتهامات بالتزوير والتلاعب بالنتائج من قبل الإطار التنسيقي، الذي تقدم بدعاوى كثيرة أمام المحكمة الاتحادية لإلغاء النتائج وإعادة الانتخابات.
وأجرت المفوضية الحالية، انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، كما وقع على عاتقها إجراء الانتخابات في إقليم كردستان، بناء على قرار المحكمة الاتحادية، التي حلت مفوضية الانتخابات في الإقليم، نظرا لإنتهاء مدتها الدستورية.
من جهته، يبين عضو مجلس النواب باقر الساعدي، أن “الكتل السياسية ومجلس النواب الآن في عطلة تشريعية وبعد انتهائها سيكون ملف مفوضية الانتخابات مطروحا على طاولة النقاشات”.
ويكشف الساعدي، أن “الرأي السياسي السائد الآن فيما يخص مفوضية الانتخابات، يقول بأنه سيتم تغيير بعض أعضاء المفوضية مقابل الإبقاء على البعض الآخر”.
يشار إلى أن التوافقات السياسية دائما ما تتسبب بتأجيل حسم تشكيل المفوضيات والمؤسسات الأخرى المرتبطة بتصويت البرلمان، ومنها مفوضية حقوق الإنسان التي انتهت المدة الدستورية لمجلس مفوضيها وتم حلها دون تشكيل مجلس جديد منذ ما يقارب العام.
وتخضع كافة المؤسسات للمحاصصة السياسية، حيث ترشح الكتل السياسية أعضاء مجالس المفوضية ويتم التصويت عليهم من قبل البرلمان، بعد التوافق على الأسماء وحصة كل كتلة سياسية في هذه المؤسسة.
وفي السياق، يوضح المحلل السياسي المقرب من رئيس الحكومة، علي البيدر، أن “إعادة مفوضية الانتخابات الحالية ذاتها من قبل البرلمان في دورة جديدة يقلل الثقة بالمنظومة السياسية والفكرة الانتخابية وحتى التجربة الديمقراطية من قبل الشارع العراقي، ولذا لا يمكن تمديد عملها لأكثر من سنة”.
ويلفت البيدر إلى أن “الكتل السياسية قد تحتاج إلى تمديد عمل المفوضية ربما لعام واحد بسبب صعوبة اختيار مفوضية جديدة ولكن تجاوز هذه المدة يعد أمرا كارثيا”.
ويوضح أن “خضوع المشهد الانتخابي للأمزجة السياسية والمحاصصة خطأ كبير، فالمنظومة السياسية اليوم لم تستطع صناعة مفوضية انتخابات حقيقية ووطنية يمكنها أن تضع المعايير الخاصة للعملية الانتخابية، وتواكب التجارب الديمقراطية في العالم رغم المحاولات التي اصطدمت بجدران وحواجز المحاصصة”.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟