يقضي سعد (41 عاما) سبع ساعات يوميا بالتداول عبر "الفوركس"، لكنه مازال حذرا من الاحتيال الذي عادة ما يصحب هذه التعاملات في العراق، إذ يؤكد أن المقربين منه يحذّرونه بشدة من دخوله إلى هذا العالم، لذا فإنه يضطر لإخبار الكثيرين بأنه يعمل في صيانة الحاسوب والهواتف.
ويذكر سعد، الذي اكتفى بذكر اسمه الأول، أن "الفوركس هو تداول بالعملات الأجنبية في سوق عالمي عن طريق شركات الوساطة وفق منصات خاصة وسيرفر معين داخل كل منصة"، لافتا أن "من ضمن التعاملات هو التعامل بالذهب".
ويضيف، أن "التداول بالذهب يتم مع باقي العملات الأجنبية داخل المنصة كنوع من أنواع السلع، كما يتم تداول سلع أخرى داخل المنصة غير الذهب مثل الفضة والنفط والغاز وحتى القمح وفول الصويا وغيرها الكثير".
ويشير إلى أن "أحد أهم أسباب ارتفاع أسعار الذهب ناجم عن كون الذهب يمثل ملاذاً آمناً للمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال والشركات والبنوك الاستثمارية حيث يمثل أداة للتحوط ضد التضخم الذي يؤدي إلى فقدان العملات الورقية قيمتها الحقيقية لذلك يلجأ المستثمرون الى التحوط بالذهب وشرائه وتخزينه ليحتفظوا بقيمة ممتلكاتهم".
وتداول الفوركس أو ما يعرف بتداول العملات الأجنبية، هو عبارة عن تحويل عملة إلى عملة أخرى، ويعد واحدا من أكثر الأسواق المُتداولة نشاطًا في العالم، حيث يبلغ متوسط حجم التداول اليومي 5 تريليونات دولار تقريباً.
ومن جهته، يشير الخبير الاقتصادي منار العبيدي، إلى أن "الفوركس نظام موجود في كل أنحاء العالم يعمل على جذب رؤوس الأموال واستثمارها في الذهب وغيره الكثير من السلع والعملات".
وعن هذا النشاط في العراق، يضيف العبيدي، أن "العراق لم يرخص التعاملات بالفوركس ولم يتم ترخيص الشركات المتعاملة به، الأمر الذي فسح المجال للكثير من حالات الاحتيال على الناس المدفوعين بالأرباح الوهمية لشركات غير موجودة في العراق".
ويذكر العبيدي أيضاً، أن "تداول التعاملات عبر الفوريكس في العراق قد يكون مؤشرا جيدا ولكن إذا تم تحت إشراف ومراقبة وتنظيم الأجهزة الرقابية وفي مقدمتها البنك المركزي العراقي وهيئة الأوراق المالية وإلا سنشهد حالات كثيرة من النصب والتحايل".
ويتم الدخول إلى الفوركس أو سوق العملات الأجنبية عبر منصة تعرف بـmetatrader وهي منصة تقدم خدمة الوصول إلى هذا السوق من خلال الوسطاء المسجلين لديها، ويمكن لأي شخص التسجيل في شركة وساطة معتمدة مسجلة في منصة meta trader ولها سيرفر خاص داخل المنصة.
وتُدار سوق الفوركس عبر شبكة عالمية من البنوك مُوزعة على أربعة مراكز رئيسية للتداول في مناطق زمنية مختلفة: لندن ونيويورك وسيدني وطوكيو ونظرًا لعدم وجود موقع مركزي، فمن المُمكن تداول الفوركس على مدار 24 ساعة في اليوم.
ويؤكد حسن فاهم، وهو متداول آخر في الفوركس، أن "العالم يشهد حالة تضخم مرتفعة ابتدأت منذ جائحة فايروس كورونا وما أعقبها من إجراءات اقتصادية اتخذتها الدول الكبرى لتعافي اقتصاداتها لكن ما فاقم التضخم هو اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية وحرب غزة لاحقا ويتصاعد التضخم مع احتمالات انفجار ازمات دولية كبرى جديدة، وكلها تؤدي الى ارتفاع قيمة الذهب لان المستثمرين نتيجة خوفهم من هذه الأحداث يلجؤون لشراء الذهب وتخزينه بكميات كبيرة والتخلص من النقد الذي كانوا يحتفظون به".
ويضيف: "في عام 2022 ارتفع التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد اكبر اقتصادات العالم إلى مستوى 9.4% وهو مستوى كبير دفع البنك الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع قيمة الفائدة ما رفع من قيمة الدولار وادى الى انخفاض الذهب في عام 2023 لكن الذهب سرعان ما عاد إلى مستويات مرتفعة بسبب تراجع الفيدرالي عن رفع قيمة الفائدة وأدى إلى انخفاض قيمة الدولار مقابل الذهب فيلجأ المستثمرين للتخلص من الدولار الذي اشتروه عام 2023 واستبداله بالذهب للتحوط من انخفاض قيمته التي تؤدي الى انخفاض قيمة ثرواتهم".
ويذكر حسن أيضاً، أنه "من المتوقع اذا قام البنك الفيدرالي بخفض قيمة الفائدة فأن الذهب سيستمر بالصعود التاريخي الذي يحققه في هذه الايام مع استمرار الحروب والأزمات الدولية وعدم توقفها".
وأساس تداول الفوركس هو فعل المضاربة على حركة أسعار الصرف من خلال شراء عملة بينما تبيع أخرى في الوقت ذاته، وترتفع قيمة العملة وتهبط مقابل بعضها البعض بسبب عوامل اقتصادية وجيوسياسية وفنية.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟