بقلم: القاضي إياد محسن ضمد
الحياة الزوجية والأسرية مشروع معقد حاله كحال بقية مشاريع الحياة، يحتاج لإدارته وتحقيق النجاحات فيه إلى امتلاك مهارات شخصية واجتماعية، هذا ما حدا ببعض المنظمات المعنية بشؤون الأسرة إلى الدعوة لإدخال الشباب دورات في القيادة الأسرية، يتعلمون خلالها مهارات إقامة حياة زوجية ناجحة، بل وذهب البعض إلى ابعد من ذلك وطالب بأن يتم الحصول على رخصة القيادة الأسرية كشرط من شروط الزواج، بعد ان يتم تشكيل مؤسسة معنية بتدريب الشباب على مهارات قيادة الأسرة وإخضاعهم الى اختبارات نظرية ومن ثم منحهم رخصة للقيادة الأسرية، وتقدم هذه الرخصة في معاملة عقد الزواج حالها حال الفحص الطبي والمستمسكات الشخصية.
قد يبدو الأمر شكلا من أشكال الترف الفكري في ظل تعقيدات الواقع الاجتماعي، لكن ما يضيف الواقعية لهذه الفكرة هو الازدياد المخيف لعدد حالات الطلاق والانهيار الأسري المتزايد الذي تتعرض له العديد من الأسر وما ينتج عن ذلك من أطفال يفتقدون للعناية الاسرية مما يولد مشاكل اجتماعية وبشرية تثقل كاهل الدولة وتزيد معدلات انفاقها العام، وما كان لكل هذا التفكك الاسري ان يحصل لو كان الشباب الذين يقدمون على الزواج يتقنون فن إدارة الأسرة وقيادتها.
ومن ذلك تظهر أهمية تدريب الشباب على تعلم مهارات حسن اختيار الشريك وتنمية توقعاتهم المستقبلية عن ماهية الحياة الزوجية ومتطلباتها وكيفية التعامل مع مشاكلها وتجاوزها حيث ان اغلب الشباب يقدمون على الزواج وهم محملون بوهم انه فقط وسيلة لإشباع الجانب العاطفي والغريزي حتى يُصدموا بتعقيدات الحياة الزوجية وصعوبة مواجهة متطلباتها، مما يوجب تدريبهم على التعامل مع موضوعة انجاب الأبناء وتربيتهم والتأسيس لمستقبلهم واستقلالهم، وكيفية ادامة التواصل الأسري، فتحديد الأولوية من الاحتياجات الاسرية وإشباعها تحتاج الى قيادة، وتعليم الابناء وتمشية امورهم الدراسية يحتاج الى قيادة، وادارة اقتصاديات الاسرة ومواردها تحتاج الى قيادة، وحيثما كانت القيادة هادئة وحكيمة ومتميزة ستصل مركبة الأسرة إلى برّ أمانها، ويكون قائدها مجازا برخصة القيادة باستحقاق عال، وعكس ذلك، إذا فشل رب الأسرة في قيادتها فإنه سيزيد لقائمة معدلات الطلاق والانحلال الأسري.