في خبر مغاير لمساعي العراق نحو إخراج القوات الأجنبية، كشف موقع أمريكي عن استعداد 1500 جندي للالتحاق بالقوات المنتشرة في العراق وسوريا، ورغم النفي الرسمي العراقي، إلا أن مسؤولين ومراقبين رموا الكرة بملعب رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة تحديدا، لكونه المسؤول عن قبول هذه الزيادة أو إنهاء وجود هذه القوات بشكل كامل.
وفيما قلل المراقبون من إمكانية إقدام الحكومة العراقية على إنهاء هذا الوجود الأمريكي، أشاروا إلى أن إقليم كردستان والكتل السنية ترفض إخراج القوات الأمريكية، لكن مسؤول في البيشمركة أكد على أن هذا القرار بيد الحكومة الاتحادية، وحتى مرور القوات الأمريكية لنحو سوريا مرهون بموافقة رئيس الوزراء العراقي، لكنه كشف أن أي قرار بهذا الصدد لم يتخذ حتى اللحظة، وهذا الأمر دفع الإطار التنسيقي إلى تأكيده على تكثيف الضغط على رئيس الحكومة لإنهاء الوجود الأمريكي ورفض أي زيادة بأعداد قواتها.
ويقول المحلل السياسي محمد علي الحكيم، إن "الحكومتين السابقتين برئاسة عادل عبدالمهدي ومصطفى الكاظمي، أعلنتا عن السعي لإخراج القوات الأمريكية من العراق، وعملتا على ذلك عبر لجان تفاوضية وعقد أكثر من جولة تفاوضية، لكن على أرض الواقع كان هناك زيادة بعدد القوات وليس تراجعا".
وكان موقع شبكة سي بي سي الأمريكية، كشف يوم أمس الاثنين، عن استعداد 1500 جندي في ولاية نيوجيرسي، للانتقال إلى العراق وسوريا، ضمن عملية العزم الصلب، وهي العملية التي أطلقت ضد تنظيم داعش.
ويضيف الحكيم، أن "إخراج القوات الأمريكية من العراق يتطلب إجماع سياسي، وهذا الإجماع غير موجود، خصوصاً وأن هناك تأكيد سياسي سني وكردي على ضرورة هذا التواجد لحماية العملية السياسية والأوضاع بصورة عامة في العراق، إضافة الى وجود رغبة بهذا البقاء من قبل أطراف سياسية شيعية، تنادي بإخراج القوات الأمريكية في الإعلام فقط".
ويؤكد أن "كل التصريحات الحكومية الحالية بشأن السعي لإخراج القوات الأمريكية، هي للاستهلاك الإعلامي ولتخفيف الضغوطات على السوداني وحكومته من قبل بعض الفصائل المسلحة وقوى بالإطار، لكن في الإروقة الرسمية لا يوجد تحرك عراقي حقيقي بهذا الصدد، وأي تحرك سيكون مصيره مشابها لتحركات الحكومات السابقة".
يشار إلى أن رئيس خلية الإعلام الأمني اللواء تحسين الخفاجي، نفى يوم أمس الاثنين، الأنباء التي تحدثت عن دخول قوات أجنبية إضافية إلى العراق، مؤكدا عدم حاجة العراق إلى أي قوات أجنبية ووجود التحالف الدولي يقتصر على تقديم المشورة والتدريب والمعلومة الأمنية، كما كشف عن رؤية للذهاب إلى عقد مذكرات ثنائية واتفاقيات بين العراق وبعض دول التحالف بشأن التسليح والتدريب وتبادل المعلومات.
يذكر أن صحيفة بوليتيكو الأمريكية، نشرت الأربعاء الماضي، تقريرا أوردت فيه أن السوداني قال للمسؤولين الأمريكيين سراً أنه يريد التفاوض بشأن بقاء القوات الأمريكية في البلاد على الرغم من إعلانه الأخير أنه سيبدأ عملية إخراجهم، وذلك عبر كبار مستشاريه.
وجاء نشر ذلك التقرير من قبل الصحيفة الأمريكية، بعد ساعة من نشر وكالة روتيرز مقابلة مع السوداني، أعلن فيها صراحة عن التوجه لإخراج قوات التحالف بشكل "سريع"، وهو ما وصفته صحيفة بوليتيكو، بأنه محاولة من السوداني لـ"إرضاء جماهير سياسية محلية".
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أعلنت الأسبوع الماضي، إنها لا تعتزم سحب القوات الأمريكية الموجودة في العراق بناء على دعوة من حكومتها.
إلى ذلك، يبين الخبير الأمني والأمين العام السابق لوزارة البيشمركة جبار ياور، أن "دخول أي قوة أمريكية إلى العراق لا تتم الا بعد موافقة الحكومة العراقية، وتكون الموافقة حصرية من قبل رئيس الوزراء، وكل القوات التي تدخل للعراق هي بموافقته".
ويضيف ياور، أن "القوات الأمريكية التي تدخل إلى سوريا، فهي تدخل عبر الأراضي العراقية وهذا أيضا يتم بموافقة من قبل رئيس الحكومة العراقية، وكل الأسلحة التي تدخل للقوات الأمريكية في بغداد والانبار وحتى إقليم كردستان وسوريا، تدخل بعلم وموافقة الحكومة الاتحادية".
ويبين أن "إخراج القوات الأمريكية من العراق قرار بيد الحكومة العراقية حصراً وهي من تستطيع فعل ذلك عبر طلب رسمي، لكن حتى الآن لا يوجد هكذا طلب رسمي وما يجري فقط تصريحات إعلامية".
وأعادت حرب غزة قضية خروج القوات الأمريكية إلى الواجهة من جديد، حيث دعت العديد من الفصائل العراقية إلى الخروج النهائي لجميع القوات الأجنبية، بعد أن بدأت باستهداف القواعد الأمريكية في الأنبار وأربيل وداخل العمق السوري.
لكن الدعوات لانسحاب قوات التحالف كانت موجودة منذ سنوات، حيث صوت البرلمان في عام 2020 لصالح خروجها بعد اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، قرب مطار بغداد.
يذكر أن الحكومة العراقية، أكدت أكثر من مرة، أن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة على القوات الأجنبية والبعثات الدبلوماسية في العراق غير قانونية وتتعارض مع مصالح البلاد، وأعلنت سابقا عن القبض على بعض المتهمين بهذه الهجمات.
من جهته، يبين النائب عن كتلة بدر كريم عليوي، أن "سعي وتحرك السوداني لانهاء التواجد الأمريكي العسكري في العراق حقيقي، فالحكومة الحالية لن تسمح بأي زيادة بعدد القوات الأمريكية، بل تعمل على إخراجها بشكل كامل من كافة الأراضي العراقية".
ويلفت إلى أن "السعي الحكومي لإخراج القوات الامريكية يشمل كل المدن العراقية، بما في ذلك إقليم كردستان، وأي تواجد بخلاف ما تريده الحكومة العراقية يعتبر تواجد غير شرعي وهو تواجد محتل، وكل الطرق متاحة لمواجهته لاخراجه من البلاد"، مضيفا أن "الحكومة العراقية لم تتلق أي طلب بزيادة عدد القوات الامريكية في العراق، وأي طلب بهذا الخصوص سيتم رفضه، ونحن لم نقبل به وسنعمل بكل الطرق الممكنة للضغط على الحكومة لمنع قوبل أي زيادة، والإسراع بحسم التواجد الأمريكي".
يشار إلى أن الدعوات وإعلان السوداني لإنهاء الوجود الأمريكية، ارتفع بعد أن اغتالت واشنطن في 4 من الشهر الحالي، القيادي في الحشد الشعبي وحركة النجباء أبو تقوى السعيدي، حيث استهدفت عجلاته بصواريخ موجهة عند دخوله لمقر تابع لحركة النجباء في بغداد.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟