نفى مسؤولون حكوميون تضمين اتفاقية العمل مع طهران استقبال العمالة الفائضة لديها، كما أشار مسؤول إيراني يوم أمس الاول الإثنين، فيما استعرض متخصصون بالاقتصاد سلبيات توافد العمالة الأجنبية، وأبرزها ارتفاع نسبة البطالة محليا وتهريب العملة إلى خارج البلاد.
وأعلن المسؤول بوزارة العمل والرعاية الاجتماعية الإيرانية أمير ملك، أمس الاول الإثنين، استعداد وزارته لإرسال فائض القوى العاملة الإيرانية إلى العراق على المستويات الوظيفية كافة، وفيما طالب الجانب العراقي بتوفير الاحتياجات الوظيفية والحماية القانونية اللازمة للموجودين منهم، أكد استعداد بغداد لتشكيل لجنة مشتركة بهدف تنفيذ تلك الأمور.
إلى ذلك، يبين كاظم العطواني، مستشار وزير العمل، أن "تبادل العمالة بين البلدان يتم عبر اتفاقيات وبروتوكلات خاصة تبرم بين الحكومات والوزارات المعنية، ووزارة العمل العراقية تؤكد على أن سوق العمل أو العمالة الأجنبية يجب أن تكون للاختصاصات النادرة والتي يتطلبها السوق العراقي أو يفتقر إليها".
وينفي العطواني "وجود أي اتفاق أو تنسيق بين العراق وإيران على تبادل العمالة بين البلدين"، مبينا أن "تصريح وزارة العمل الإيرانية بخصوص استعدادها لإرسال العمالة الفائضة لديها إلى العراق هو أمر طبيعي، لكن ذلك يتطلب تنسيقا واتفاقات ومذكرات تفاهم بين الوزارتين المعنيتين وهذا لم يحصل".
ويتابع أن "وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، أبرم في وقت سابق مع الجانب الإيراني اتفاقية تتعلق بتبادل الخبرات والتدريب وتجهيز الورش بالمعدات، ولا يوجد ضمن الاتفاقية بند ينص على تبادل العمالة أو استقبال عمالة".
وحول مدى تأثير العمالة الأجنبية على العراقية، يوضح العطواني، أنه "لا يمكن لأي عمالة أجنبية أن تؤثر على العمالة العراقية، إذا كانت أصولية وضمن الأطر القانونية ومحددات وزارة العمل، فالوزارة لا تعطي إذنا بالعمل لأي اختصاصات متوفرة في البلاد، وكذلك الحال بالنسبة للشركات الكبرى ومنها النفطية، فللعراق شرط يتمثل بأن يكون مقابل كل 30 بالمئة أجنبي، هناك 70 بالمئة عراقيون".
يشار إلى أن إيران، تعاني من أزمة اقتصادية حادة، نتيجة للعقوبات الأمريكية المفروضة عليها، وهو الحال ذاته مع لبنان، التي انهار اقتصادها بشكل كلي، ما دفع بالعمالة اللبنانية، إلى التوجه للعراق، وقد قدم العراق تسهيلات تمثلت بإلغاء سمة الدخول للبنانيين.
ومتابعة لحقيقة التصريح الإيراني، اكد مصدر مسؤول في رئاسة مجلس الوزراء، إن "العراق ليس لديه أي فكرة أو توجه لاستقدام العمالة الإيرانية ومن مختلف المستويات، وأن التصريح الإيراني هو رغبة من قبلهم، وليس هناك رغبة عراقية لهذا التوجه اطلاقا".
ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "الجهات الحكومية تعمل منذ فترة طويلة لتنظيم عمل العمالة الأجنبية في العراق من أجل تقليل نسبتها، خصوصاً وأن غالبيتهم يتواجدون دون اوراق رسمية، وهذا الأمر كان له تبعات على ارتفاع نسبة البطالة في العراق خلال الثلاث سنوات الماضية".
ومنذ سنوات عديدة، برزت ظاهرة العمالة الوافدة في العراق، وشملت كافة القطاعات، ولاسيما أن أغلب العمالة كانت من بنغلادش، فيما أصبحت مؤخرا من سوريا ولبنان، في ظل الأزمات الاقتصادية التي طالت البلدين، وتركزت هذه العمالة في المطاعم والفنادق والمقاهي أيضا.
وكان وزير العمل، قد وجه بعد تسنمه منصبه بفترة وجيزة، دائرة العمل والتدريب المهني بعدم ترويج طلبات جديدة خاصة بالشركات المرخصة بتشغيل العمالة الأجنبية، مبينا أن الوزارة بصدد وضع آليات دقيقة وفقا للقانون، تضمن تشغيل العاطلين عن العمل من العراقيين قبل منح أي فرصة للعمالة الأجنبية.
من جهته، يبين الخبير في الشأن المالي أحمد التميمي، أن "ما يقارب 11 مليار دولار، تخرج سنويا من العراق كتحويلات مالية للعمالة الأجنبية، وهذا المبلغ كبير جداً، والأمر لا يخلو من قضية تهريب العملة عبر الحوالات التي يجريها بعض العمال الأجانب في العراق، عبر طرق مختلفة".
ويتابع التميمي، أن "غالبية العمال الأجانب الذين يعملون في مهن مختلفة داخل العراق، هم بلا إقامة عمل قانونية، والبعض منهم يدخل العراق بصورة غير شرعية عبر أربيل، ثم ينتقل براً إلى بغداد وباقي المحافظات، وهنا تكون أجورهم أقل من حيث الراتب".
ويستطرد أن "عدد العمال الأجانب غير معروف لدى الجهات الحكومية، فهناك الكثير منهم مسجلون لدى وزارة العمل، وهذا الأمر فاقم بشكل كبير في ارتفاع نسبة البطالة في العراق، وأصبح الاعتماد الرئيس على العمالة الأجنبية، لأسباب عدة، منها أن أجورهم أقل من أجور أي عامل عراقي، إضافة إلى أنه يعمل لساعات طويلة عكس العامل العراقي".
وتتضارب الأرقام الرسمية بشأن عدد العمال الأجانب، ففيما أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في كانون الثاني الماضي، أن عددهم بلغ 4 آلاف عامل فقط، كشف وزير العمل الأسبق، باسم عبد الزمان، في عام 2019 أن عدد العمال الأجانب بلغ 750 ألفا، لكن بحسب لجنة العمل والشؤون الاجتماعية السابقة في البرلمان فإن هناك نحو 1.5 مليون عامل أجنبي في العراق.
يذكر أن نحو 95 بالمئة من هذه العمالة الأجنبية تدخل البلاد بطرق غير شرعية، لتجنب السياقات القانونية في العراق وتجديد الإقامة، بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا.
من جانبه، يؤكد قال الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، أن "ارتفاع نسبة البطالة في العراق له علاقة مباشرة بالارتفاع الكبير في نسبة العمالة الأجنبية داخل البلاد، فالكثير من الأعمال أصبحت تحت سيطرة العمالة الأجنبية".
ويردف أن "العمالة الأجنبية في العراق، لم تختصر فقط على قضية أعمال الخدمة، بل وصلت إلى أعمال أخرى من المحاسبة والحراسة وحتى بعض الأعمال الطبية في مراكز التجميل، وهذا أثر بشكل كبير وملحوظ على قضية زيادة نسبة البطالة في المجتمع العراقي".
ويلفت إلى أن "زيادة نسبة العمالة في العراق، بالتأكيد له تأثير على قضية خروج العملة الصعبة من العراق إلى الكثير من البلدان، فكل هؤلاء العمال الأجانب يأخذون الرواتب بالدولار".
وقد كشفت الإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي، أن مستوى البطالة في العراق بلغ 13.7 في المئة، وهو المعدل الأعلى منذ عام 1991، وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، مبينا أن نسبة الفقر في العراق شهدت أيضا ارتفاعا خلال العام الماضي لتصل إلى 31.7، لكنها انخفضت قليلا هذا العام لتصل إلى 30 في المئة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟