- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
شرح دعاء اليوم السادس عشر من شهر رمضان المبارك
بقلم: الشيخ محمود الحلي الخفاجي
(اَللّـهُمَّ وَفِّقْني فيهِ لِمُوافَقَةِ الأبْرارِ، وَجَنِّبْني فيهِ مُرافَقَةَ الأشْرارِ، وَآوِني فيهِ بِرَحْمَتِكَ إلى دارِ الْقَـرارِ، بِإِلهِيَّتِكَ يا إِلـهَ الْعالَمينَ).
الدعاء تضمن ثلاثة أمور:
- الأول: التوفيق لموافقة الأبرار
التوفيق هو العون والمدد الإلهي للعبد، وهنا الدعاء يعلمنا كيف نتوجه إلى الله عز وجل بأن يعيننا ويسددنا لموافقة الأبرار، فمن هم الأبرار الذين حث الدعاء على موافقتهم والتشرف بصحبتهم؟. ومن هم الأشرار الذين حث الدعاء على مجانبتهم وعدم صحبتهم؟.
الأبرار هم المطيعون، فيقال بار بوالديه أي مطيع لهم، والبر هو كل عمل حسن ينتفع به بحكم العقل والشرع, والقرآن الكريم قد أشار إليهم بصفاتهم في أكثر من موضع، وهنا نشير إلى موضع واحد وهو الآية ١٧٧ من سورة البقرة: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ), فهذه الآية الكريمة بينت صفات الأبرار وأعمالهم لتبين لنا مسألة مهمة: وهي التفريق بين الإيمان الظاهري وبين الإيمان الحقيقي المبني على التقوى، حيث إن هناك تلازماً واضحاً بين البر والتقوى، فصارت صفة الأبرار صفة ملازمة للمتقين، فالبر مصدره التقوى وهو صورة مجسدة للتقوى وهذه هي صفاتهم العملية بحسب منطوق الآية الشريفة، والتي أشارت إليها تباعاً
إذن..الأبرار نخبة من المؤمنين منهاجهم السلوكي هو التقوى والعمل الصالح. و لا نجد من يتحلى بهذه الصفات إلا من اصطفاه الله تعالى وهم النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام (عليهم السلام)، لذا إن الدعاء عبر عن عون الله وتوفيقه بموافقة سلوكنا لمنهج الأبرار وصفاتهم.
-الثاني: عدم مرافقة الأشرار
والتعبير في الدعاء دقيق بلاغياً، حيث عبر في صحبة الأبرار بموافقتهم أي ما يكون موافقاً لنهجهم وسيرتهم، أما في الأشرار عبر ب(المرافقة)، والفرق واضح بين التعبيرين، حيث أن الموافقة أعم من المرافقة. والأشرار هم الذين يشكلون مصدر الشر والقبائح والمنكرات, وأن صحبة الأشرار تكسب الشر للآخرين وتسري شرورهم في المجتمع لتشكل خطراً يحدق بالجميع، وقد أشار أمير المؤمنين (عليه السلام( الى ذلك بقوله: (صُحْبَةُ الْأَشْرَارِ تَكْسِبُ الشَّرَّ كَالرِّيحِ إِذَا مَرَّتْ بِالنَّتْنِ حَمَلَتْ نَتْناً).
- الثالث: الإيواء في رحمة الله
الإيواء: معناه وضع الشي في مكان آمن مع شموله برعاية معينة, ومعنى الإيواء هنا في الدعاء هو المستقر في رحمة الله عز وجل, و هذا النوع من الإيواء يكون برحمة الله (والباء هنا سببية) أي بسبب وبواسطة رحمتك يا إلهي أدخلنا وآونا وآمنا يوم القيامة برحمتك، وهذا المستقر الآمن والإيواء لم يحصل إلا بموافقة الأبرار والسير على نهجهم وهم النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، وشهر رمضان أفضل فصل زمني لموافقة الأبرار والصالحين ومتابعتهم سلوكاً وعملاً.
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الاول
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر