- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
شرح دعاء اليوم الثالث عشر من شهر رمضان المبارك
بقلم: الشيخ محمود الحلي الخفاجي
(اللهم طهرني فيه من الدنس والأقذار، وصبرني فيه على كائنات الأقدار، ووفقني فيه للتقى وصحبة الأبرار).
تعرض الدعاء إلى ثلاثة مفاهيم غاية في الأهمية:
- الأول: الطهارة. ومعناها التنزه من النجاسة بشكل مطلق لأن (الألف واللام) تفيد العموم، سواء أكانت طهارة مادية أو معنوية، وما يهمنا هنا هو الطهارة المعنوية والتي تعني الطهارة غير المحسوسة، كطهارة النفس من النوايا السيئة، أو تطهيرها من رذائل الأخلاق، أو تطهيرها من العقائد الباطلة والأفكار المنحرفة، أو تطهير الجوارح من الآثام وارتكاب المعاصي، فقذارة العين هو النظر المحرم، وقذارة اللسان هو الكذب والغيبة والنميمة.. وقذارة البطن هو إدخال لقمة الحرام.. وقذارة الأذن استماع الغناء والغيبة... وهكذا، وتمتد الطهارة المعنوية إلى طهارة العمل في حياة الإنسان, وهذه الطهارة أمر مهم في حياة الإنسان ويجب السعي إليها وتحصيلها، وقد حثت الروايات الشريفة على تلك الطهارة لأنها تشكل البعد الأهم في حياة الإنسان، والطريق إلى ذلك هو تقوى الله لأنها الحصن الذي يتحصن به الإنسان لينجو من الإنزلاق والإنحراف. فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (طهروا أنفسكم من دنس الشهوات تدركوا رفيع الدرجات).
- الثاني: الصبر على الأقدار. إن من صفات المؤمن هو التحلي بقيمة أخلاقية مهمة مثل الصبر، حيث أن هناك أموراً قدرها الله تعالى على الإنسان بما فيها الخير والشر القبيح والحسن... ومثل هذه الأمور يحتاج الإنسان لمواجهتها الى أن يصبر على ما يراه منها وطلب العون من الله والإستعانة به تعالى، إذ ليس من الصحيح الإحتجاج على الخالق المنعم لأن الله تعالى هو الذي يعلم بالمصالح والمفاسد ، فرب عمل يراه الإنسان نافعاً له فيقدم على تهيأت مقدماته، ولكنه يرى النتائج على خلاف ذلك، لأن الله عزوجل قدر له من مصالح واقعية لا يعلمها الإنسان واقعاً. فإذا رأى الإنسان خلاف ذلك فعليه الصبر والرضا, لذا نجد إن القرآن الكريم يحث على الإستعانة به والصبر عليه، قال تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (إنك إن صبرت جرت عليك المقادير وأنت مأجور، وإن جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور).
- الثالث: صحبة الأبرار. (ووفقني للتقى وصحبة الأبرار). التقوى هي الإمتثال لأوامر الله عز وجل والتورع عن محارمه، وهي التي توصل العبد إلى رضوان الله وتقربه إليه، وهذه طاقة معنوية تمنح الإنسان القدرة على مواجهة الأقدار، ومع هذه القوة المعنوية هناك قوة مادية محسوسة تمنح الإنسان قوة أيضاً على مواجهة الأقدار هي مصاحبة الأبرار، حيث أن المصاحبة لها أثر بالغ على سلوك وعمل وأخلاق المصاحب.
ونشير هنا إلى أن الدعاء ابتدأ بطهارة القلب ثم بفضيلة الصبر ثم بصحبة الأبرار.
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الاول
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر