بقلم: علي حسين
ضحكت وأنا أقرأ الخبر الذي يقول إن مجلس النواب اختار النائبة عالية نصيف نائباً لرئيس لجنة النزاهة البرلمانية، فقد كنت مثل غيري من ملايين العراقيين نؤمن بأن النزاهة في الدولة العراقية تعني الحصول على أكبر قدر من الامتيازات والعقود.
الناس تدرك جيداً أنها تعيش في ظل نواب ظرفاء ولطفاء لا يعجبهم القول إن برلمانهم ولد فاقداً البصر والبصيرة، وإن وجوده ضد الطبيعة البشرية، كونه جاء خالياً من الكفاءات -مع استثناءات قليلة جداً- بعد عملية إبادة جماعية نفذتها الكتل السياسية ضد كل الأصوات التي طالبت بأن يكون البرلمان صوتاً حقيقياً للناس.
إن هؤلاء البرلمانيين لم يتركوا لأحد فرصة كي يصدقهم أو يحترم مواقفهم، فهم من كثرة تقافزهم فوق أسوار حدائق السلطة منذ سنوات يجعلنا نستقبل كل ما يصدر عنهم بالارتياب وعدم الاعتبار، ذلك أنهم في غالبيتهم مسؤولون عن هذه المآسي التي يعيش في ظلها ملايين العراقيين.
ربما سيلومني بعض القراء لأنني أطالب مجلس النواب بأن يغير جلده وربما سيقول البعض إن تغيروا أو لم يتغيروا، لن يفرق كثيراً، فالأمر لا يعدو كونه مصاريف وأموالاً تصرف بلا معنى، استهلاك للمصفحات وتعطيل مصالح الناس وشل حركتهم أثناء توجه هذا النائب أو ذاك إلى المجلس والعودة منه، وتشبع الجو بكميات إضافية هائلة من فقاعات الكلام الأجوف التي من شأنها مفاقمة أزمة الاحتباس السياسي، وهو أخطر كثيراً من الاحتباس الحراري الذي تعاني منه الكرة الأرضية.
فالسادة النواب الجدد حالهم حال النواب السابقين سيقولون نفس الكلام المكرر والممل عن الخطوات التي سيتخذها المجلس لإنقاذ العراقيين من الهلاك والتشرذم والفرقة والانهيار، وسيلقي البعض منهم خطابات تاريخية غير مسبوقة عن الازدهار والتقدم الذي تشهده البلاد، وستنعقد تلك الجلسات وتنفض مخلفة وراءها مئات الأمتار المكعبة من عوادم الكلام المعاد المضرة للسمع والبصر.. والنتيجة دائما صفر.
فنحن إزاء مجلس نواب أصابته شيخوخة أبدية بلا نهاية.. وإن أعضاءه خططوا للبقاء فيه عبر وراثة البرلمان، ولأن الدولة ترفض الكفاءات وتقتلهم في شوارع الغربة ولأن المتحكمين فى السلطة يريدون إعادة انتاج دولة القائد الأوحد التي تدافع عن نفسها ضد التطوير والتحديث.
ماذا تنتظر من مؤسسات لم تحاسب نفسها، لا في قضايا الفساد وسرقة المال العام، ولا في كوارث الأمن؟.. إن أنصار الطائفية والمحسوبية والانتهازية بما يمثلونه من عصابات مصالح ومؤسسات فاشلة مصرون على قتل كل أمل في بناء دولة المواطن لا السياسي.
أيها السادة عالية نصيف + لجنة النزاهة أخرى يعنى تدهوراً لا تطوراً، إحباطاً لا أملاً.. إنها الكوميديا يا عزيزي.