بقلم: رعد العراقي
لم يكن أفضل المتفائلين يحلُم أن يصل منتخب عربي الى الدور نصف نهائي كأس العالم حتى وإن تنبّأت إحدى العرّافات قبل انطلاق البطولة من دون أن تُحدّد هويّة هذا المنتخب.
الحُلم بات حقيقة بعزيمة وإرادة "أسود الأطلس" المنتخب المغربي الشقيق، الذي قلب الموازين وأزاح عروش منتخبات عالميّة بدءاً من بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، وأكاد أجزم أن منتخب فرنسا الذي سيكون بمواجهة أسود الأطلس اليوم الأربعاء يعيش في وضع نفسي قلق خوفاً من أن يصبح الضحيّة الرابعة لرجال وليد الركراكي!
مواجهة اليوم تكاد تكون موقعة تاريخيّة للكرة العربيّة تشرَّفَ المنتخب المغربي بحمل لواء المُنازلة فيها، وهو أهلٌ لها عطفاً على قوّة الأداء والإصرار والتحدّي الذي كان عنوان لكلّ مواجهاته السابقة، وأثبت أنها لم تكن ضربة حظّ كما روّج لها البعض، بل هو نتاج عمل وفكر وتخطيط استمرّ لسنوات طويلة كاد أن تثمر نتائجه في نهائيّات كأس العالم 2018 في روسيا لولا أن الحظ جانبه وأدار ظهره عنه برغم أداءه الراقي في حينه.
يجب أن يتوقّف لاعبو المنتخب المغربي وكادره التدريبي أمام سؤال مهمّ وجوهري: ماذا نريدُ من لقاء منتخب فرنسا، حامل لقب 2018؟ قبل الإجابة على هذا التساؤل لابد أن نخرج من أجواء الفرح والاحساس بنشوة الانتصارات الكبيرة من أجل المحافظة على التوازن الفكري، والسيطرة على الانفعالات وتشذيب النفوس من عوالق الشعور بالثقة المُطلقة أو الغرور المُفرط حتى ندخل المباراة بروحيّة جديدة وعزيمة أكبر وطموح يُفاجئ الفرنسيين لو حاولوا أن يراهنوا على تلك النقطة الجوهريّة.
صراحة وبلا مُغالاة، أن ما تم تحقيقه بالوصول للمربّع الذهبي هو إنجاز بحدّ ذاته من دون أن نلغي الطموح بالذهاب نحو اعجاز مُعانقة الكأس الذهبيّة.
تلك الرؤية يمكن أن تضع لاعبي المنتخب المغربي في أجواء نفسيّة مُسيطر عليها، وتتعامل بذكاء مع دقائق المباراة بين كبح جماح الديوك أوّلاً والمحافظة على الشباك، ثم التدرّج بأسلوب تشتيت تركيزهم الذي سيكون منصبّ نحو الثأر لمنتخبات أوروبا المُنكسرة، ومحاولة تسجيل نتيجة كبيرة تداوي بيها جروح الكرة الأوربيّة النازفة! وهو ما يجب أن نمنع حدوثه أوّلا ومن ثم نفكّر بالاجهاز على مُخطّط المنتخب الفرنسي كخطوة ثانية.
بعيداً عن نتيجة اللقاء المغربي الفرنسي اليوم 14 كانون الأول لحساب مونديال قطر 2022، فإن الدرس المغربي يمكن أن يكون منهاجاً عمليّاً لجميع المنتخبات العربيّة في كيفيّة استثمار المواهب وتسويقها للاحتراف الخارجي في دوريّات عالميّة، والعمل على الارتقاء بالدوري المحلّي لخلق مزيج بين المحلّيين والمحترفين توفر أمام الملاك التدريبي مساحة كبيرة لبناء منتخب يمتلك القوّة والخبرة والثبات في الميدان، ويتسلّح بالثقة بالنفس، ويواكب التطوّر على صعيد الكرة العالميّة.
الوصفة هذه من كانت أحد أسرار التفوّق المغربي حين منحت اللاعبين الاحساس بالقدرة على مجاراة الفرق الكبيرة، وتجاوز عامل الرهبة أو الشعور بالفوارق الفنيّة بينهم.
باختصار..لا مستحيل مع أسود الأطلس، هكذا تصدح حناجر وقلوب الجماهير العربيّة وهي تترقّب بلهفة كبيرة عبورهم نحو المجد العالمي من أرض العرب، ولتكن حافزاً لبقيّة المنتخبات العربيّة في استلهام ودراسة التجربة المغربيّة والتحضير من الآن لمواصلة التألّق العربي في المونديال القادم إن شاء الله.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!