بقلم:عباس الصباغ
بالرغم من ان التوصيف العام للسلم الاهلي الذي يؤكد على نبذ كافة أشكال الاقتتال والنزاعات وإيقاف كل أنواع التحريض على العنف والقتال في الدولة ونبذ خطاب الكراهية ونشر قيم التسامح والسلام والأمان في كافة أنحاء البلاد، فانه مازال امامنا كعراقيين شوط كبير لتحقيق ذلك ورغم اهميته القصوى في دعم مقومات ومستلزمات الوحدة الوطنية الجامعة ، الا ان ذلك التعريف لايكفي لوحده في ارساء المفهوم الشامل والاستراتيجي للسلم الاهلي الذي يعدّ من اهمّ عناصر بناء توحد الامة وبدون ذلك يعدّ مجرد شعارات مخملية او مصفوفات لغوية او تعابير مستهلكة ، فالسلم الاهلي ليس مجرد كلام يُكرر ويُجترّ بل هو في الحقيقة اداء وممارسة وايدلوجية وبرنامج رصين تنفذه جميع الفعاليات الوطنية سياسية كانت ام مجتمعية عن قناعة ثابتة تتوخى فيها المصلحة العامة للبلد، ولامحيص لها عن ذلك كما اكدت عليه فعاليات اليوم العالمي لـ(اللاعنف ) . في البدء لايمكن ان يعيش المواطن في جو من الانسجام المجتمعي والتآلف المكوناتي لعناصر المجتمع الاهلي بدون انسجام سياسي فضلا عن تجنب التقاتل والاحتراب السياسي في ادنى صوره والذي قد يفضي الى احتقان وانسداد مدمّر يشي بحرب اهلية طاحنة لايسلم منها جميع المتحاربين ـ لاسمح الله ـ ولايوجد رابح في هذه المعادلة ، او الى احتكاك يُسفر عن سقوط ضحايا ابرياء لاسيما ان كان الجميع يمتلكون السلاح ويشهرونه في وجوه بعضهم البعض ، وهو مايضع اهم عنصر من عناصر تحقيق العقد الاجتماعي على المحكّ ويساهم في تفتيت الانسجام الوطني وعدم امكانية تحقيق الحد المقبول من تراتبية هذا العقد الذي به تتحقق المواطنية الصالحة ويشيع الوئام بين عناصر النسيج المجتمعي ، وبهذا يمكن للمواطن العراقي ان يعيش في ظل عقد اجتماعي متوازن لان اي خلل يصيب هذا العقد حينها تنفلت الامور وتحدث الفوضى وتشيع شريعة الغاب . التعايش المجتمعي والاجتماعي هو اساس السلم الاهلي والذي هو بتراصّه تتحقق الوحدة الوطنية ويكون نتيجة محسوبة له ومن مخرجات السلم الاهلي شيوع ثقافة التسامح وتقّبل الاخر فضلا عن التداول السلمي للسلطة وهو الهدف المتوخى من ارساء السلم الاهلي واعتماد ثقافة التعايش والانسجام وبالنتيجة تمتع البلاد والعباد بسمعة حسنة واحترام المجتمع الدولي وعدم تخوّف الناس من التعامل مع هذا البلد كونه بلدا مثيرا للمشاكل والقلاقل وعدم الاطمئنان ، فهو مجرد ارض محروقة ولايشجع الاخرين على التعامل معه في اية طريقة كانت سواء التجارية او المالية او الاقتصادية او الاستثمارية، وحتى السياحية وغير ذلك فهو بلد غير آمن او مشجع لأنه غير مؤهّل لان يرسم صورة امام المجتمع الدولي قوامها الانسجام والتآلف على جميع الصعد السياسية والمجتمعية فهو بلد لايشجع على ذلك .