عمـار سـاطع
أدركُ ومعي الكثير من الزملاء الملتزمين المهنيين، إننا نعيش في زمنِ الفًلًتان.!
وحينما أقول إننا نعيش في زمنَ الفَلَتان، فإنني وغيري نعرف تماماً ان الكثير من المتواجدين في وسطنا فهموا ويفهمون ان معنى الحرية المطلقة في يومنا هذا هو اعلى درجات السب والاساءة والتشهير والتجريح والانتقاص والتنمر والى ابعد مما نتوقع، بل انها الحالة الطاغية في كل مفاصل الواقع العام والرياضي على وجه التحديد.!
ليس من السهل ابداً ان تتم معالجة الاخطاء المُشَخصة بجملة مماثلة من الاخطاء، مثلما ليس من الهَين ان يتم تشخيص اماكن الخلل بطريقة الانتقاص او ايصال اشارات الى الرأي العام على أنها محصورة باسماء اشخاص بِعَينِهم من اجل الكشف عن حقيقة غير صحيحة وربما منقوصة وباسلوب التصويب غير الدقيق للحصول على مآرب شخصية او امتيازات الهدف منها التسلق على اكتاف الآخرين او نيل المنافع بغير حق.!
لقد امتازت الفترات السابقة التي جرت فيها تغييرات ضرب معاقل القيادات الرياضية بِرِمَتِها وصناعة القرار بالكثير من الضغوطات والتأثيرات، مثلما كانت النسبة الاكبر ترتبط بشكل او بآخر بعوامل الاحزاب والمتحزّبين او الجهات السياسية التي أكلت من جرف التحديات التي واجهها أهل الرياضة اولاً والعاملين في هذا الوسط.!
نعم.. لقد كَثُرَت في فترة الـ 19 عاماً الماضية الفئوية وتكاثرت الاصطفافات وتعددت الجبهات واصبحت الرياضة العراقية في واقع لا تبحث فيه عن النجاحات حتى غابات الانتصارات والبحث عن الميداليات في المحافل، وأصبحت المحصلة والاهتمام الأكبر في كيفية الوصول الى الواجهة او الايقاع بالغرماء وبات ديدن من وصل الى موقع المسؤول هي كيفية البقاء لأكثر فترة ممكنة او استغلال موقعه لمآرب شخصية وما زاد الطين بلّة هو دخول (حيتان) كان هدفها بعيد كل البُعد عن تحقيق الانجاز الرياضي او الارتقاء بواقع الرياضة سواء كان ذلك على صعيد الاندية او الالعاب والكشف عن المواهب.
وما اسهم في كل ما حصل هو اولئك المنتفعين الذين تصدروا المشهد الرياضي، من المسيئين والمستغلين الذين دسوا السم بالعسل تارة وهمشوا الحقائق وناصروا الاخطاء واضرموا النار كيفما شاءوا وفقاً لمصالحهم وما اشتهته رغابتهم، بينما كانت نقطة الحياء التي تبقت على جبينهم قد سقطت بعدما تعمدوا عدم الاكتراث الى آراء المحترمين او وجهات نظر الخيّرين او نصائح العارفين من ناضجين ابتعدوا عن الواجهة لان زمانهم اصبح من اطلال الماضي الجميل!
لقد وصل الحال ببعض المسيئين الى اعتماد اسلوب الهجوم خير وسيلة للدفاع وراح البعض يرفع شعار (انا ومن بعدي الطوفان) من اجل الوصول الى غاياته الشخصية وهو يعلم ان الواقع الرديء هو من أوصلهم لما وصلوا اليه، بعد ان اضحى (الفلتان) العنوان الأهم في زمانٍ ضاع فيه الحق واصبح الباطل الحاصل الفعلي للكثير من المفاصل بقطّاع يُعنى بشريحة واسعة هي الأكبر في المجتمع ألا وهي الشباب والرياضة!
وفي تصوّري الشخصي، ان من اسهم وساعد في انتشار هذه الظاهرة هي وسائل الإعلام التي تكاثرت وازدادت وباتت افكارها التي تتبناها سبباً من اسباب نزوح الكثيرين عن الواقع الرياضي ودخول من هم ليس لهم اي محل من الاعراب، مثلما كانت لمواقع التواصل والصفحات التي يتولاها بعض المغتصبين تأثيراً على مواقع القيادة والقرار الرياضي من بين أسباب التراجع المخيف اشغال الوسط عموماً بحل المشاكل بدلاً من تصحيح الأخطاء وتعديل المسار.
وفي تقديري ايضاً ان من بين الاسباب التي ساهمت فيما حصل لرياضتنا، انصياع القادة والمسؤولين لأهواء أولئك المهيمنين على الشاشات اصحاب الاصوات النشاز العالية التي باتت حديثاً لأغلب مجالس الرياضة والتجمّعات، وأضحت حديث الشارع الرياضي والجمهور الذي بات الكثير منه يتهرّب من قضايا رياضة العراق نتيجة التهافت والتكالب والبحث عن أجندات دمّرت الرياضة ورفعت من شأن اشخاص لا ناقة لهم في رياضتنا ولا جمل.
إننا اليوم نقف على مفترقٍ من الطرق التي قد تبقي رياضتنا في هكذا مسار من الركود او ان نرفع من شأن واقعها شريطة ان تتضافر الجهود بأبعاد المسيئين عبر تشخيصهم اولاً وانهاء دورهم، ومن ثم التخطيط من اجل ايجاد صيغ صحيحة ودراسة مستفيضة وإعداد برامج اصلاح تشمل كل المفاصل الرياضة وإحداث ثورة تنهي حقبة زمنية إزدادت فيها المشاكل واختصرت فيها النجاحات.