بقلم: علي حسين
منذ أن صدرت طبعتها الأولى في بلاد الإنكليز عام 1706، أصبحت أشهر الحكايات في تاريخ البشرية، لا نعرف كم مؤلفاً كُتب عنها. من كتبها؟، كيف جُمعت؟، لماذا هي ألف ليلة وليست تسع مئة؟ أسئلة شغلت الباحثين، فمنهم من اعتقد أن أصلها ليس عربياً، وكان صاحب هذا الرأي المصري حسين فوزي في كتابه (حديث السندباد القديم)، فيما انتهت سهير القلماوي إلى أن الليالي نصفها عراقي والآخر مصري، وظلّ عدد هذه الحكايات ألفاً وواحدة بالتمام والكمال، حتى ظهر العلّامة العراقي محسن مهدي ليقول لنا إننا عشنا مع ألف حكاية من الخيال، وإن السيدة شهرزاد لم تسهر مع شهريار سوى 282 ليلة فقط لاغير، لكنّ المفاجأة الأهم التي فجّرها المرحوم مهدي، وهو يقدم نسخته المحققة من الليالي، هي أنّ علي بابا ومعه الحرامية "الأربعون"، وعلاء الدين ومصباحه السحري لم يتنزّهوا في شوارع بغداد، من أين جاءوا إذن؟ وهل يعقل أن هذه البلاد التي انتشر فيها مئات علي بابا هذه الأيام، لم تكن هي الراعي الرسمي لهذه الماركة من السرّاق خفيفي اليد والظل، من أمثال أيهم السامرائي وفلاح السوداني وصاحب المصباح "النووي" حسين الشهرستاني الذي أخبرنا قبل أكثر من عشر سنوات أننا سنصدِّر الكهرباء للصين، وبما أننا نتحدث عن الوهم فلا حديث لصفحات التواصل الاجتماعي في بلاد الرافدين هذه الأيام سوى أخبار جلسة البرلمان القادمة ومتى تعقد، وهل ستعقد؟.
إذا سألت رأيي، فأنا أيضا مثل ملايين المواطنين لا نعرف ما اهمية البرلمان في هذه البلاد؟ وأيضا لا ندري سر هذا الاهتمام بعقد جلسة لبرلمان كسيح.
أتساءل: لماذا يصرّ البعض من ساستنا ومسؤولينا على أن يتحول إلى خطيب "مفوّه" عندما تسأله عن الخراب الذي يمر به العراق، فيصرخ بوجهك: لا حل إلاّ بأن يتولى فلان المسؤولية، فيما آخر يطالب بأن يتسلم "علّان" مسؤولية هذه البلاد، لأن هؤلاء، وحدهم، القادرون على السير بهذه البلاد إلى بر الأمان.. الساسة "المتحاصصون" يتصورون أن العيش في ظل حكاية كنز علي بابا، أفضل من بناء دولة مؤسسات، ما هو هذا المنجز الكبير الذي نباهي به شعوب العالم؟، وماذا يعني إيهام المواطن البسيط بأن النجاحات التي حققتها العملية السياسية في العراق، هي أكبر مشكلة للامبريالية التي تتأمر علينا، وهي تشاهد آخر انجازاتنا في تترميم تمثال المسكينة كهرمانة لأنها اصرت على حرق اللصوص.
ماذا يعني أن على العراقيين أن يتحملوا فشل البرلمان ؟ وهل هناك نظام سياسي حقيقي يعتبر الخراب والأزمات دليلاً على النجاح؟، وكيف يريدون من العراقيين أن يؤمنوا بأن كهرمانة متامرة ويجب ان تُعاقب.