اذا مررت ماشيا او راكبا على طريق مدينة السماوة ستشاهد اصطفاف المواكب الحسينية وتراصها بطريقة توحي للناظر انها قطعة عسكرية تقف امام قائدها لتؤدي التحية وتنفذ كل الاوامر، حتى يشد بصرك وتركيزك موكبا اختلف عن غيره بتصميم بنائه ونظافته وترتيبه، والكتابات التي خطت بيد خطاط ماهر على جانبيه، هذا الموكب اجتمع فيه جيلين من المربين في محافظة المثنى جيل معلمين ومدرسين ما زالوا في المهنة يعلمون الطلبة والطالبات دروسهم في المناهج التربوية ودروسا اخرى في حب الإمام الحسين (عليه السلام) وجيل آخر انهى خدمته الوظيفية واحيل على التقاعد لكنه استمر طالبا في مدرسة سيد الشهداء للاجر والثواب وحسن العاقبة لانه رفع شعار "لا شيخوخة في خجمة سيد الشهداء انه موكب "المعلم الاول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لمعلمي محافظة المثنى".
الفكرة والتنفيذ
في البداية كانت الفكرة تقديم الخدمة الحسينية على طريق الزوار لاسيما ان محافظة المثنى تمر عبرها ملايين الزائرين من اهالي محافظات البصرة وذي قار والمثنى والعرب والاجانب لنيل الاجر والثواب وكانت الخطوة الاولى هي توزيع الطعام عبر التنقل بسيارات المعلمين التي تحمل المواد الغذائية وتوزيعها على المشاية، هكذا يصف مدير احدى المدارس في السماوة حميد كشيش فزاع كفيل موكب المعلم الاول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لمعلمي المثنى لوكالة نون الخبرية الخطوة الاولى في خدمتهم ويكمل قائلا " بعد ان شاهدنا الاقبال الكبير على توزيع المواد ولرغبتنا في تقديم افضل الخدمات لزوار ابي عبد الله (عليه السلام) قررنا ان ننصب موكبا في مكان ثابت على طريق الزوار، اخترنا هذا المكان بالتعاون بين الهيئات التعليمية والتدريسية في العام 2011 وتولدت الفكرة في جمع الاموال من الهيئات طوعيا ونصبت اول خيمة على شكل سردق وبدأنا بتقديم الخدمات بشكل اوسع، لاسيما في فصل الصيف الذي يحتاج الى الماء البارد والعصائر ووقت النهار اطول، وفي كل عام تزداد الخدمة لازدياد عدد السائرين نحو كربلاء الشهادة والدليل ان عامي (2020 ــ 2021) كان تقديم الخدمة اكثر وافضل ونوعا وكما بالرغم من وجود وباء كورونا".
ويتابع فزاع كلامه بالقول ان" بذرة التأسيس كانت بين خمسة عشر معلما ومدرسا من مجموعة من المدارس واحيل منهم عدد على التقاعد ولكنهم تمسكوا بالخدمة الحسينية، لان خدمة الإمام الحسين (عليه السلام) لا شيخوخة فيها ولذلك ترى الجميع يخدم حتى العجزة والمعاقين والشيوخ والاطفال لان الحسين اعطى لله كل شيء فاعطاه الله كل شيء، ومنها انظمت حوالي (150) هيئة تعليمية في هذا الموكب والمقصود بالهيئة التدريسية هو مدير المدرسة ومعلميها من سبعة الى ثلاثين معلم واخذنا الفكرة من احد مواكب الهاشمية في محافظة بابل المميز بكل شيء الذي سخر كل امكانيات النشاطات المدرسية في الموكب من خط ورسم وفعاليات واطعام ومبيت واخذها منا موكب المعلمين الناصرية، ونتواصل فيما بيننا، والتحق معنا عدد من طلابنا واستمروا بالخدمة معنا حتى بعد تخرجهم واصبح عدد الخدام من المعلمين والطلاب بحدود مئة خادم حسيني"، مؤكدا ان " خدمتنا الان جعلتنا نتحسر على سنين عمرنا التي ضاعت بسبب منع النظام المقبور لاحياء الشعائر وكنا نتمى ان نخدم ابي عبد الله في ذروة وعنفوان شبابنا لنرتقي لهذا المصاف ان تكون خادما حسينيا".
والاقبال على الموكب سببه اسم الموكب هكذا يصف الزخم الحاصل على تقديم الخدمة عندهم ويضيف لان نهج الامام الحسين (عليه السلام) تربوي وانساني فان اسم المعلم والمدرس يجذب الزائر الينا، ناهيك عن الترتيب والنظافة والتصميم وما يقدم من مواد مغلفة ونظيفة، واصبح الموكب دلالة للزائرين وتكونت لنا علاقات مستمرة مع الزائرين ومنهم مواكب قائمة بذاتها يتصلون بنا ليتناولوا الطعام عندنا واعداداهم بالمئات من البصرة وذي قار وهناك مواكب تصل الينا وتشاركنا في تقديم الخدمة للزوار وهيئنا لهم كل سبل تقديم الخدمة، ويتناول اطراف الحديث المعلم باقر كاظم الموسوي بالقول ان " المدرسة تتميز ان جميع العائلات ترتبط بها لان الطلبة هم ابنائهم فلذلك تجد الدعم والتبرعات من العائلات للموكب كبيرة جدا، ففي البداية قدمنا العصائر والماء والشاي والتمر الذي تشتهر به السماوة، ثم بدأت العائلات تجلب الطعام المطبوخ في بيوتها ايفاءً لنذر او طلب حاجة او مساهمة في عزاء ابي عبد الله ونقدمه للمشاية ونستقبل التبرعات كونها من مصدر نثق به ونعرفه جيدا لنحافظ على صحة الزائر، وتطور الامر من خيمة بدون كهرباء الى ايصال الكهرباء ثم بناء من البلوك وتغطيته بجادر وهو بناء من تبرعات الناس والمعلمين، وفكرة هذا التصميم يعود لمعلمين صمما هذا البناء على طريقة مكاتب المهندس المقيم في المشاريع وهدفنا المستقبلي هو بناء نفس النموذج في محافظة كربلاء المقدسة وتقديم الخدمات فيها بنفس اسم الموكب على طول السنة، وحاليا نستمر بتقديم الفطور من صلاة الفجر الى العاشرة صباحا ونقدم فيه سندويجات الكباب فقط، وبعدها نقدم الغذاء مما نطبخه وتجلبه العائلات ولدينا مطبخ خاص تديره حوالي عشرون معلمة من الهيئات التدريسية ويصنعن خبز التنور، والغداء يتضمن التمن والمرق والتشريب باللحم او الدجاج، وبعدها نقدم الفاكهة وسندويجات الكص باللحم او الدجاج ونقدم بعدها طعام العشاء ونختم العمل باستضافة الزائرين للمبيت في بيتونا وتتميز السماوة بان مبيت زائريها لا يكون الا في بيوت اهلها وجميع البيوت تتنافس على مبيت الزائرين ونستمر بالخدمة لمدة ثمانية ايام ونلتحق بمسيرة الزائرين سيرا الى كربلاء المقدسة، ونجتمع بعدها لتسجيل ملاحظات ما يحتاجه الموكب وماذا يجب ان نوفر او نطور والانفاق تضامني في صندوق تشارك بك جميع الهيئات التدريسية ونخدم خلال الموسم الواحد الاف الزائرين يوميا".
قاسم الحلفي ــ المثنى
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- تصل الى (29) تخصص في اربع فروع العتبة الحسينية: الاعدادية المهنية للبنات تدرس (5) اقسام الكترونية علمية
- تستقبل طلابها في العام المقبل :العتبة الحسينية تُشـّيد جامعة تقنية تضم معاهد واقسام نادرة في العراق
- شاهد عيان: جيش الكيان الاسرا..ئيلي قصف الانسان والحيوان والشجر والحجر