منذ اربع سنوات وفنادق المدينة القديمة في كربلاء المقدسة تعاني من انقطاع مستمر في ضخ المياه الصالحة للشرب الى المناطق السكنية والتجارية التي تقع فيها فنادقهم، وكانوا يتعاملون معها بطرق تضمن ملئ الخزانات وتوفير المياه خلال القطع المبرمج لساعات والضخ لساعات اخرى بل وصل الامر الى القطع ليومين او اكثر والضخ لساعات معدودة، لكن هذا العام زادت ساعات قطع ضخ الماء حتى وصل الى اكثر من ستة عشر ساعة في اليوم، ومعها واجه اصحاب الفنادق مشاكل كثيرة، كونها سكن عمودي لا تستطيع مضخات الماء (الماطورات) فيها من املاء الخزانات وسد حاجة النزلاء، ما دفع الكثير من الزائرين لترك الفنادق التي تعرض اصحابها الى تحمل خسائر مالية كبيرة بعدما اصبح السؤال لاصحاب الفنادق من قبل الراغبين بالسكن ( الفندق بيه ماء) بدل السؤال عن الكهرباء او التكييف، ورغم كل ذلك ما زالوا يسددون رسوما شهرية مقطوعة تحتسب على عدد الغرف وبمبالغ كبيرة دون الالتفات الى ايام وساعات القطع التي لا تستفيد منها الفنادق.
معاناة الزائرين
جاء الزائرين ( حبيب ابراهيم علي وحجي محمد) من منطقة الاحساء بالمملكة العربية السعودية لزيارة العتبات المقدسة كما يأتون في كل عام لكنهم ورغم انهم تعودوا على قطع الكهرباء المبرمج الا انهم تفاجئوا بانقطاع المياه في الفندق الذي يسكنون فيه ولاوقات عدة فيقولون عن هذا الحال لوكالة نون الخبرية اننا " نأتي الى العراق لزيارة العتبات المقدسة منذ عقود مضت وتعلمنا على انقطاع التيار الكهربائي منذ زمن النظام المباد، ولكن بعد العام 2003 واستخدام المولدات الخاصة بالفنادق تحسن الحال وكنا لا نرى اي انقطاع للماء، اما في السنوات القريبة فكانت الفنادق توفر المياه والقطع ساعاته قليلة لكن هذا العام انقطاع الماء سببا لنا احراجات كثيرة فدرجات الحرارة في اعلى ذروتها ويحتاج الساكن في الفندق الى الماء لمختلف الاستخدامات واولها الاستحمام وغسل الملابس والوضوء ولكن هناك معاناة كبيرة، ورغم ان اهل العراق هم اصل الكرم والجود والعطاء لكن اذا لم يتوفر لهم الماء فكيف يوفرونه لفنادق يسنكها عشرات الالاف من العراقيين والعرب والاجانب، وهو امر لابد من معالجته من قبل الجهات المعنية واذا استمر هذا الحال فإن حالة عزوف كبيرة ستكون من الزائرين على المجيء الى زيارة كربلاء خاصة اذا علموا ان الفنادق لا تتوفر فيها المياه".
قطع وشحة وبئر
من ساعات قليلة لقطع ضخ المياه الى منطقة الطاق تحول الامر الى ايام وتسبب بشحة كبيرة اول من يعاني منها هم اصحاب الفنادق الذين لجأ بعضهم الى حفر الآبار لتوفير اكبر قدر من الماء لضمان سكن الزائرين عندهم عن هذا الحال يقول الحاج انور الاسدي صاحب فندق الشارقة لوكالة نون الخبرية ان " موقع فندقا يعتبر في منطقة تعد مركز مدينة كربلاء القديمة والكل يعرف ماهو حجم الزخم البشري للزياراة المليونية بعد انحسار وباء كورونا وقد تعودنا على معاناة انقطاع التيار الكهربائي بتوفير مولدات خاصة للفنادق، الا ان معاناة قطع ضخ الماء لا حل له، وكان الماء في السنوات السابقة يقطع ضخه لمدة ساعتين او ثلاث ساعات، اما الآن فاصبح الامر بالعكس تماما فبعد قطع ضخ الماء ليومين او ثلاثة ايام يضخ لمدة ساعتين او ثلاث ساعات فقط، ومرات لمدة نصف ساعات فقط ومن شدة معاناتي نصبت كاميرات مراقبة على خزانات الماء لمراقبة ضخ الماء واصبح هاجس يؤرقني، واضطررت الى حفر بئر تحت الفندق ولكنه لا يفي بالغرض لان حجم صنبور سحب الماء قطره نصف انج واستهلاك النزلاء في هذا الوقت من ذروة الصيف والارتفاع غير المسبوق بدرجات الحرارة يجعل الشحة في المياه ورادة في اي ساعة، وفي مثل منطقة باب الطاق القديمة جدا لا يستطيع من يريد حفر بئر ان يتعمق كثيرا لان البناء المحيط بفندقك متداخل ومحاط بمجموعة مباني قد تكون احداها متكئة على الاخرى وقد يولد تخسفات في الارضية والاسس".
واضاف الاسدي ان " فندقي صغير ورغم وجود بئر وضخ لساعات الا انه لا يفي بالغرض وقد اغلق باب الفندق وانتم الآن شاهدتم كيف يسأل الراغب بالسكن عن الماء قبل السكن ( شاهدنا خلال اجراء اللقاء خروج اربع عائلات من الفندق بسبب عدم توفر الماء) وهي حالة بات يتعرض لها اصحاب اغلب الفنادق في المدينة القديمة حيث اصبح السؤال التقليدي للزائرين ( اكو مي لو لا) بعد ان كان السؤال عن التكييف والكهرباء، وكذلك يعاني اصحاب المطاعم والمحال من نفس الشحة بل وصل الحال بعدم القدرة على املاء مبرادات الهواء بالماء، وهذا الامر بدء منذ بداية فصل الصيف الحالي والزائرين في فندقي من الكويتين والسعوديين والبحرينين والايرانيين والعراقيين باتوا يعانون من هذا الامر، وهي حالة مخجلة لبلد فيه نهرين عظيمين، وسببت تلك الحالة خسائر مادية واضرار كبيرة كبيرة بسبب عزوف الزائرين عن السكن بل وصل الحال اني استقبل الزائرين واسكنهم في الفندق من الصباح او الظهيرة على امل ضخ الماء عصرا وعند استمرار الانقطاع يترك النزلاء غرفهم ويغادروا الفندق بعد ان يستعيدون اجور السكن واتحمل الخسارة واستهلاك الطاقة والفندق والماء، ونطالب الجهات المعنية بايجاد حلول سريعة لهذه المعضلة، لاسيما واننا مقبلون على الزيارة الاربعينية المليونية التي تستمر لنحو عشرون يوما، مع العلم ان اغلب الفنادق هي تأجير من مالكين والخسائر تقع على رؤوسنا نحن المستأجرين، ونتحمل الضرائب والرسوم واجور الماء التي نسدد منها شهريا (214) الف دينار كمبلغ مقطوع عن عدد الغرف في الفندق سواء شغلت ام لم تشغل ومع ضخ المياه الذي لا يتعدى عشرة ايام في الشهر، اي ندفع بحدود مليونين و(500) الف دينار سنويا".
اعذار غير مقنعة
في منطقة باب النجف وتحديدا في سوق الميدان افرغ صاحب فندق سيد الفضة علاء جواد محفوظ ما في قلبه من ألم ومعاناة متحدثا لوكالة نون الخبرية عن شحة المياه بقوله ان" معاناتنا من شحة المياه بدأت منذ اربع سنوات وفي الزيارات المليونية تقطع المياه عنا لمدة (16) ساعة بشكل متواصل وما موجود من خزانات وعددها ثمانية لا تكفي لسد حاجة النزلاء من المياه ونتعرض لتحمل عتاب وكلام النزلاء ونتصل بدائرة ماء كربلاء ونسأل عن اسباب الانقطاع فيأتينا الجواب بأن اوساخ في النهر وتحتاج الى تنظيف او انتاج الماء لا يكفي وهي اعذار غير مقنعة بالمرة، ونحن نسدد اجور الماء بشكل تخميني لعدم نصب عدادات ماء من قبل مديرية ماء كربلاء لفنادقنا، وهي اسعار نعتبرها مجحفة وندفع (280) الف دينار كل شهرين رغم انه لا يصلح للشرب وفيه شوائب، ودفعت هذه الحالة اغلب اصحاب الفنادق في الازقة الضيقة الى حفر آبار للحصول على الماء وسد النقص وتوفيره للنزلاء، والبئر ليس حلا ايجابيا لانه سيؤدي الى ضرر بقاع المنطقة القديمة جدا وقد يسبب تخسفات تحلق الأذى بالآخرين".
واوضح ان "هذا الموسم زاد فيه عدد الزائرين بشكل ملفت للنظر وارتفعت معها درجات الحرارة بمستوى غير مسبوق وقلة الماء تسببت بعزوف الزائرين عن السكن في فنادقنا والحقت بنا خسائر مادية لنا لاننا مجبرون على تسديد الضرائب والرسوم واجور العاملين واجور توفير الكهرباء، وفي السنتين التي ضرب وباء كورونا العراق خفضت مديرية ماء كربلاء اجور الماء لمدة ستة اشهر وعادت لجبايتها في وقت كانت المدينة شبه خالية من الزائرين والناس بسبب الحظر الذي كان يفرض بين مدة واخرى حينها ومنع التنقل بين المحافظات"، مشيرا الى انهم "يتخوفون من ايام الزيارة الاربعينية التي باتت على الابواب حيث يدخل الى مدينة كربلاء المقدسة اكثر من عشرين مليون زائر وما زالت الاعذار من مديرية ماء كربلاء غير مقنعة، ولابد ان تأخذ بزمام المبادرة وتوفر الماء للمدينة القديمة، وتحاسب جهات كثيرة ومنها اصحاب المواكب في الزيارات المليونية الذين يقومون باحداث ثقوب في انابيب ضخ الماء الرئيسة واستخدام الماء بشكل عشوائي وهدر مبالغ فيه"، مشددا على ان "هذا العام اصبحت الازمة شديدة جدا، والدليل ان زيارة العاشرة من المحرم قطع فيها الماء في ايام ذروة الزيارة التاسع والعاشر فكان توفيره صعبا جدا علينا".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)
- المجلس الشيعي الاعلى في لبنان: السيد السيستاني الداعم الاقوى والاكبر للشعب اللبناني في هذه المرحلة المصيرية(فيديو)
- وسط دمار مدينة النبطية :مساعدات العتبة الحسينية الطبية والغذائية تصل مستشفى نبيه بري الحكومي(فيديو)