أكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، السبت، ضرورة تعزيز الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لوضع ستراتيجية لمكافحة الإرهاب، فيما قدم مقترحاً لإنشاء بنك الشرق الأوسط للتنمية والتكامل.
وقال الكاظمي في كلمته خلال مؤتمر جدة وتابعته وكالة نون الخبرية، إن "عمر النظام الديمقراطي الدستوري في العراق يقارب من العقدين، عقب عقود من الدكتاتورية، وهذه الديمقراطية الناشئة لا تزال تتقدم رغم التحديات والأزمات الكبيرة".
وأضاف "لا تزال هناك مصاعب سياسية بعد الانتخابات، وهي تؤكد الحاجة للحفاظ على مبادئ الديمقراطية في الحياة العامة، وهو مسار يستلزم المزيد من الوقت وتراكم الخبرات".
وفيما يلي النص الكامل لكلمة رئيس الوزراء في قمة جدة للأمن والتنمية:
بسم الله الرحمن الرحيم
سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان،
رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، السيد جو بايدن،
أصحاب الجلالة والسيادة والسمو،
أصحاب المعالي والسعادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسـرّني أن أتقدم بوافر الشكر والتقدير إلى الأشقاء في المملكة العربية السعودية ملكاً وحكومةً وشعباً على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وحسن تنظيم هذه القمة المهمة التي نتمنى أن تسهم في تكريس التعاون والتكامل في منطقتنا.
نلتقي اليوم وسط تحديات إقليمية ودولية حساسة وأيضاً وسط آمال وتطلعات كبيرة أن تثمر جهود التعاون ومدّ جسور الثقة وتغليب لغة الحوار من أجل تحقيق بيئة آمنة ومستقرة تضمن الحياة الكريمة لشعوب المنطقة.
لقد كان للعراق بتعاون أشقائه وجيرانه وأصدقائه دور أساسيّ في محاربة الإرهاب والانتصار على تنظيم "داعش" ولكن لا يزال أمامنا طريق إضافيّ لاقتلاع جذور الإرهاب ما يستدعي تعزيز الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لوضع استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله عبر التعاون الأمنيّ المشترك وتبادل المعلومات والخبرات.
إن المخاطر التي أفرزتها تداعيات الأزمة في أوكرانيا تتطلب تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد الحلول السـريعة وتوحيد المساعي في مجال ضمان الأمن الغذائي لشعوبنا وتأمين إمدادات الطاقة.
منطقة الشـرق الأوسط تضررت بصورة ملموسة من تبعات التغيير المناخيّ وأزمة المياه ومخاطر التصحّر مضافاً إلى ذلك كلّه التحديات الصحية إثر ظهور وانتشار الأوبئة مثل جائحة كورونا. وكل هذه الأزمات تستدعي أن نتحرك متكاتفين وموحدين لمواجهتها.
أصحاب الجلالة والفخامة والسموّ،
يقترب عمر النظام الديمقراطي الدستوري في العراق من العقدين، عقب عقود من الدكتاتورية، وهذه الديمقراطية الناشئة لا تزال تتقدم رغم التحديات والأزمات الكبيرة. ولكن لا تزال هناك مصاعب سياسية بعد الانتخابات، وهي تؤكد الحاجة للحفاظ على مبادئ الديمقراطية في الحياة العامة، وهو مسار يستلزم المزيد من الوقت وتراكم الخبرات.
بعدما تجاوزنا مرحلة طرد تنظيم «داعش» من أرضنا امسكت قواتنا العسكرية والامنية بالملف الأمني، وهي تتطور بشكل مستمر لحفظ أمن العراق ومقدرات شعبنا.
يسعى العراق إلى تعزيز بيئة الحوار في الشرق الاوسط، ويعتبر أن أجواء التعاون الاقتصادي والتنسيق الأمني بين جميع الأشقاء في المنطقة تخدم بشكل مباشر مصالح شعبنا كما تخدم مصالح كل شعوب المنطقة.
إن اللقاءات والمؤتمرات الثلاثية التي جمعت العراق بجمهورية مصر العربية والمملكة الاردنية الهاشمية قد انتجت رؤيةً مشتركةً لفتح مديات التعاون والتكامل في مجالات مختلفة، كما كان مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة معبراً عن الروابط التأريخية التي تجمع بين كل دول المنطقة. وقد خطى العراق ودول مجلس التعاون الخليجي خطوات مهمةً لتمتين علاقاتهم الرامية إلى تحقيق التكامل في مختلف المجالات، ومن هذا المنطلق، أبرمنا اتفاقين للربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية ومع دول مجلس التعاون الخليجي، ونحن ماضون في الربط الكهربائي مع الأردن ومصر.
وقد قمنا بمبادرات لتعزيز الحوار والتعاون والشراكة في المنطقة، والعراق ماض بهذا المنهج بما يصب في مصلحته الوطنية ومصلحة المنطقة بشكل عام.
وفي هذا السياق يدعم العراق مسار الحوار والمفاوضات لإبعاد الأسلحة النووية عن المنطقة، وجعلها منطقةً آمنة بما يصبّ في مصلحة دول المنطقة والعالم بأسره.
وفي هذا الصدد تبرز أولوية إيجاد حلّ شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية، بما يلبي الطموحات والحقوق المشـروعة للشعب الفلسطيني، وضرورة وقف جميع الإجراءات العدوانية والانتهاكات والاعتداءات بحق الشعب الفلسطيني.
ويؤكد العراق أن حلّ الصـراع على أساس قرارات الشـرعية الدولية هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
ويدعم العراق الهدنة اليمنية القائمة بصفتها بدايةً مثمرةً لإنهاء الأزمة اليمنية وعودة الاستقرار، ودعم المبادرات الدولية والإقليمية الرامية إلى إنهاء الصـراع.
كما يدعم العراق الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى حلّ الأزمة السورية، ومعالجة تداعياتها، وإيقاف معاناتها الإنسانية.
ويجدد العراق وقوفه إلى جانب لبنان من أجل تجاوز أزمته السياسية والاقتصادية ، وبناء جسور الحوار والتعاون لعودة الاستقرار إلى البلاد.
وفي سياق التعاون البيئي بين الأشقاء، أودّ التذكير بأن العراق رغم أنه يبقى منتجاً مهماً للنفط ولكن شرياننا الاقتصادي هذا يزيد من تحدياتنا البيئية. لذلك إننا نعمل بسـرعة على استثمار الغاز الذي يحرق في حقول النفط، كما نوسّع نطاق الاستثمار في الطاقة البديلة.
إنّ دولنا التي تشكل الأجيال الشابة نسبتها الكبرى تواجه استحقاقات مضافةً لجهة فهم متطلبات هذه الأجيال التواقة إلى التقدم والإنجاز، وتطلعاتها إلى استثمار الإمكانات وتحويل الأزمات إلى فرص.
في هذا السياق أيضاً، يقترح العراق إنشاء بنك الشـرق الأوسط للتنمية والتكامل بالشـراكة مع دول مجلس التعاون الخليجي ومصـر والأردن. ويهتمّ البنك بالتنمية الإقليمية المستدامة عبر تمويل المشاريع في البنية التحتية التي من شأنها أن تساعد في ربط اقتصادات المنطقة، ويضع البنك في أولوياته تطوير شبكات الكهرباء الإقليمية، وخطوط أنابيب النفط والغاز، وشبكات الطرق السـريعة، والموانئ والمطارات والصناعات الثقيلة ذات السوق الإقليمية الواسعة، كما يموّل مشاريع في مجال إدارة الموارد المائية والتصحر والتخفيف من آثار تغيّر المناخ.
ختاماً، نتمنى لهذه القمة أن تحقق أهدافها المرجوة خدمةً لبلداننا، وأن نجتمع دائماً لبناء مستقبل أفضل لشعوب المنطقة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أقرأ ايضاً
- السفير جعفر الصدر يحتفي بوقف إطلاق النار في لبنان: تحقق النصر كما وعد نصر الله
- رئيس الجمهورية: لبغداد الأحقية بأن تكون عاصمة للسياحة العربية
- نبيه بري بعد وقف إطلاق النار: قدمنا 4 آلاف شهيد.. ونطالب بانتخاب رئيس الجمهورية