بقلم: علي حسين
أُشفق على المواطن "المسكين" الذي ينتظر "بفارغ الصبر" انتهاء الازمة السياسية، متوهماً أن هناك صراعاً سياسياً حقيقياً بين أطراف العملية السياسية، فمنذ ايام ووسائل الإعلام مشغولة ومنشغلة بتصريح أعضاء في كتلة فتح النيابية بأنهم يستعدون لإعلان حكومة الأغلبية!!، وظلت الناس حيرى؛ هل تصدِّق الدموع التي ذرفتها بعض القوى السياسية على حكومة التوافق والمحاصصة؟، أم تثق بتصريحات نواب كتلة فتح وهم يبشروننا بأن حكومة الأغلبية قريبة جداً؟.
فيما أُصيب العراقيون بخيبة أمل بسبب امتناع النائبة حنان الفتلاوي عن التغريد عقاباً لهذا الشعب الناكر للجميل الذي وقف حجرة عثرة أمام تشكيل حكومة محاصصة توازنية، وكانت الفتلاوي قد حذرتنا قبل خمسة أشهر بالتمام والكمال من أن الداعين لتشكيل حكومة أغلبية سيضيعون حقوق الأغلبية وسيندمون عاجلاً أم آجلاً.. ولم تنس أن تكتب في ذيل التغريدة عبارة "تذكروا ذلك".
وخلال هذه المدة تعرض العراقيون بمختلف أطيافهم إلى قصف بالمدفعية الثقيلة من نواب وجدوا في حكومة الأغلبية محاولة إمبريالية للسيطرة على العراق، فيما ظل "المحللون" مصّرين على أن الصهيونية ومعها بلدان الخليج، لا تريد حكومة توافقية، لأن في ذلك إجهاضا لمشاريعهم التوسعية في المنطقة.
لم يتبق لنا ونحن نسمع أن ما يسميه البعض بمؤتمرات الإجماع الوطني، سوى أن نشكر كل النواب والسياسيين الذين أدوا أدوارهم بكل مهنية وإخلاص وهم يساهمون في تقديم نهاية ممتعة لمسلسل درامي جديد اسمه "حكومة توافقية" الذي سيقابل بتصفيق حاد من العراقيين المساكين الذين ستدهشهم الأحداث قبل رفع الستار!.
لقد مضت سنوات على مسلسل الأزمات السياسية، وعُقد أكثر من اجتماع مجاملة، وصدر أكثر من بيان تطمين وسمعنا أكثر من مسؤول يقول: إن القوى المتحاربة ستجلس للحوار، لكن الواقع يقول إننا ما زلنا نواجه سياسيين لا يعرضون أفكاراً ولا يطرحون مشاريع بناءة، وإن اجتماعاتهم لا تعطي أملاً للناس ولا تبشر بفرص حقيقية، فهم منهمكون بطرح قدر مهول من التصريحات، التي دائماً ما تنتهي بجمل وعبارات ملت الناس من سماعها.
يدرك معظم الساسة أنهم خسروا الناس، وأنهم اليوم لا يمثلون ناخبيهم بقدر ما يمثلون طموحاتهم الشخصية، وأن الخطب النارية التي يلقيها البعض والتلويح بحكومة الامر الواقع، ما هو إلا ابتزاز منظم للناس كي تسكت وتنشغل عن الهم الحقيقي، وهو إعادة بناء البلاد على أُسس حديثة.
و إذا كان البعض يرى أن بناء البلاد يتطلب تدخلاً شخصياً منه، فإن العراقيين مدينون له بالشكر على هذا الإنجاز الكبير، لأن ترجمة ذلك تعني أن الأوضاع ستبقى على ما هي عليه، وستبقى الرصاصة مصوّبة بدقة نحو كل أمــل في التغيير.
أقرأ ايضاً
- المرجع السيستاني.. المواقف تتكلم
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- كلية الذكاء الاصطناعي.. قرار متسرع؟