بقلم: سامر الياس سعيد
مدرّجات ملعب الشعب المكسّرة والتي طالتها فوضى جماهير مباراة القوة الجوية مع غريمه الزوراء أبرزت حقيقة أن الفوضى التي ترافق تلك الاستحقاقات المحلية لا يمكن أن تسهم برسم صورة إلا قاتمة عن واقع تلك المنافسات والاستحقاقات التي تجري على ملاعبنا الرياضية.
مؤثرات الفوضى والتحشيد اللامبرّر للمباراة يتوجّب ألا تتكرّر كونها تجمع لاعبي قمّة جماهيرية لقطبي الكرة العراقية، كنّا نتوقعها فاصلاً لإبراز قوّة فريق ضد آخر وقدرة الجماهير على التأثير الإيجابي لا السلبي باطلاق الهتافات المسيئة والوصول الى مدرجات الملاعب من أجل تحطيمها دون أن يملك الجمهور أي ثقافة رياضية مناسبة وملائمة تسهم بإبعاد مثل تلك الصور المُخدشة عن واقع الرياضة العراقية!
وفي غضون السنوات السابقة حينما كان للإعلام الرياضي دور فاعل في إبراز رؤية نقّاده وكتّابه بترجيح كفّة فريق على آخر أو في الاسهام بالتجمّع الجماهيري المطلوب كانت تلك الانظار ترنو للعقلانية في الطرح والرؤية الإعلامية المناسبة التي تسهم بشكل وبآخر بتوجيه الجماهير في اتخاذ ما يلزم من أجل خروج انشطتنا الرياضية الى برّ الأمان حيث كانت الفوضى وأعمال الشغب بعيدة كلّ البُعد عن تلك المدرّجات التي كانت تحتضن مشجّع الفريق الى جانب الفريق الآخر دون وجود أية انشقاقات أو نرفزة وانفلات اعصاب مثلما دارت كاميرات مراسلي مواقع السوشيال ميديا لتظهر كواليس المدرّجات التي تطايرت منها شرارات العصبية والتشنّج وكأنهم جاؤوا الى الملعب لواجب (فزعة اصحاب) دون وجود أي شيء يؤطّر قدوم تلك الجماهير لمتابعة مباراة حافلة بلمسات الندّية والإثارة.
لقد بدأت العصبية تنفلت من ألسُن المشجّعين والجماهير خلف الملعب وكانت اصابع أيديهم تحلّق في الهواء مُنذرة ومتوعّدة ممّا يؤسف بأن ينحدر التشجيع الرياضي الى درجة التحشيد فضلاً عن ادخال أطر أخرى لا تتعلّق بالرياضة للمساهمة بانفلات الوضع الى غير موضعه، وكأن الرياضة العراقية دخلت نفق الأزمات، وكانت تلك المباراة من بين المحطّات التي تسهم بإغراق الكرة الى مرحلة أكثر عمقاً من الأزمات والمحن التي تعانيها.
لقد وقفت لجنة الانضباط بعقوباتها تجاه مشجّعي فريق نادي القوة الجوية وإدارته موقفاً منضبطاً مهمّاً لوضع حدّ لاستهتار بعض الانفار الضالّة الدخيلة على الرياضة من خلال جملة من العقوبات التي باتت منطقية، لكن التريّث في تنفيذ تلك العقوبات من خلال إجراء تالي اسهم بتشويش الصورة ومنح الانطباع بأن لجنة الانضباط في طريقها لتغيير تلك الاجراءات التي تسهم بشدّة في وضع حدّ للانفلات الجماهيري ومنح ثلّة ضالة من الاسهام بخدش صورة الرياضة العراقية وجرّها الى حدود لا يمكن القبول معها بأن تكون هذه الملاعب ذات قدرة على تضييف الاستحقاقات المحلية فقط، بل مهمّتها بأن تكون مسرحاً مناسباً لتضييف الاستحقاقات العربية أو الدولية المرتقبة .
لابد من الأخذ بنظر الاعتبار أن الاستحقاق الأقرب والذي تترقبه الجماهير الرياضية هو الظفر بحقّ منح البلد لاستضافة كأس الخليج ونخشى أن تسهم تلك الصور القاتمة على ذهاب تلك الطموحات إدراج الرياح خصوصا وإن تلك التصرّفات تزامنت مع زيارة لجنة منتخبة من اتحاد كأس الخليج العربي للملاعب والوقوف على الجهوزية المطلوبة من أجل منح الحقّ النهائي لملاعب الوطن في أن تكون مسرحاً للبطولة الخليجية والعودة الى إطار نحو أكثر من أربعين عاماً حينما كانت بغداد العاصمة مسرحاً للبطولة التي جرت منتصف سبعينيات القرن المنصرم، وكانت من البطولات التي اسهم فيها العراق بأن تكون من المحافل الخليجية المميّزة التي لا تبارح منافساتها ومبارياتها الذاكرة الرياضية.
وأخيراً فإن صور الفوضى والشغب الذي أبرزته الجماهير الرياضية تشكّل حالة نشاز للجماهير التي طالما عُرف عن انضباطها وبُعدها عن التأثير السلبي الذي لابد أن ينعكس بمنحى غير إيجابي تبقى مسؤولية الاهتمام بالمشجّعين مسألة مهمة من جانب الأندية حيث تتركز بالاهتمام بروابط المشجعين وإبعاد الفئات الضالّة التي تحاول أن تندّس بين تلك الجماهير لتحرف غايات الرياضة السامية الى نواحٍ بعيدة عنها خصوصاً وإن الأندية من شأنها أن تختار شخصيات محبوبة سواء من روّاد النادي من اللاعبين أم المدربين لكي يكونوا مسؤولين عن مواقفها في هكذا قمم كروية تثير نتائجها الحساسية!
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!