- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المتغطّي بالدولار عريان.. ياعراق !
بقلم: سمير داود حنوش
عندما تكون هناك قيادة حكيمة تنتصر الأوطان ذلك مادوّنته لنا سرديات السياسة وتجارب الشعوب ونجاح الأوطان وليس الخيانات والعمالة وتدمير كل ماهو عنوان للهوية الوطنية للبلد.
قرار بخبرة سياسية وحكمة يُحسب لبلاده ذلك الذي إتخذه الرئيس الروسي بوتين لبيع صادرات الغاز والطاقة بعملة (الروبل) بل كان التحدي الأكبر عندما أعلن الروس شروطهم لتصدير الغذاء للدول الصديقة فقط وبعملة الروبل، ماجعل العالم يستسلم لهذا القرار صاغراً في ظل وجود أزمة غذاء عالمية ويحقق لروسيا الإبتعاد عن قرصنة عملة الدولار وتبعيّة الإقتصاد الروسي لإقتصاديات دول أخرى تتزعمها أمريكا.
في أغلب الدول ذات الإقتصاديات المستقرة تكون العملة الوطنية هي العنوان السياسي والهوية للبلد بحيث أن هناك دولاً تُجرّم المواطن الذي لايقبل التعامل بالعملة الوطنية التي تكون قديمة أو ممزقة من أبجديات إستراتيجية إقتصادية لبسط نفوذ سيطرة العملة الوطنية وعدم إذلالها أو تذبذبها أمام العملات الأخرى.
ومن متغيرات قوى التوازن التي بدأت تظهر على السطح هو إثبات وجود عملات تلك الدول وفرضها في إقتصاديات التبادل التجاري مع الدول الأخرى كما تفعل الصين من تعظيم شأن عملتها (اليوان) بدل الدولار في تعاملاتها التجارية وحتى في المجالات العسكرية والتسليح مع بعض دول الخليج. إتهام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للولايات المتحدة بطباعة عملة الدولار بشكل غير مسبوق خلال جائحة كورونا فتح الباب على مصراعيه أمام حقيقة مؤكدة هي أن الإنجرار وراء تبعيّة الدولار ومستقبله المجهول قد يُحدث ما لايُحمد عقباه في إقتصاديات دول مرتبكة أصلاً وتعاني الفوضى في إستراتيجياتها الإقتصادية، فحديث بوتين لقناة (روسيا-1) بأنه خلال الوباء وبسبب الركود للإقتصاد العالمي كان من الضروري إنعاشه حيث لم تجد السلطات المالية الأمريكية حلاً أفضل من ضخ مبالغ طائلة من المال لدعم قطاع الإقتصاد، أثار المعروض النقدي الأمريكي البالغ (5,9) ترليونات دولار خلال عامين من شباط 2020 حتى نهاية 2021 شكوك وإستغراب بوتين في حدث غير مسبوق لمطبعة الدولار الأمريكي بزيادة إجمالي المعروض للمطبعة بنسبة (38,6%) يُوحي بأن طباعة العملة الأمريكية أو تعويمها وإرتباط إقتصاديات دول بهذه السياسة التضخمية المنفلتة ليس من الصواب، بل من الخطأ القاتل حين نُدرك النتائج الوخيمة التي ستحققها تلك التبعيّة لسياسة الدولار المتذبذبة.
لكن مع كل هذه الحقائق التي لاتقبل الشكوك والوضوح الذي لايغطيه غربال عن أشعة الشمس لازال العراق ذلك البلد الذي تتحكم به التبعيّة في كل شيء إبتداءاً من السياسة وصولاً إلى عملته الوطنية التي إرتأى البعض من ساسته إلى تخفيضها أمام الدولار بحجة توفير رواتب للموظفين وهي حجة أقبح من مُطلقها، حيث لايدرك هؤلاء أن التبعيّة الإقتصادية التي تتسبب بربط العملة الوطنية بالدولار ماهو إلا إحتلال مبطّن يقود إلى نهايات مظلمة وخواتيم تُنهي مستقبل شعوب وإقتصاديات أمم. وإن من الأجدى بل الأصوب لتلك الدول ومن بينها العراق تنويع مصادر العملة والبحث عن بدائل ناجحة تتخطى الدولار ومضارباته التي تطرق أبواب السياسة.
حكاية الدولار بدأت بالتذبذب والتراجع وهي حقيقة لاتُنكر خصوصاً مايشهده العالم من صعود لإقتصاديات ومتغيرات إقليمية في مراكز القوى وموازين القرار في إيحاء واضح بضرورة أن تبدأ الدول ذات التبعيّة الإقتصادية بمراجعة سياساتها النقدية.
ذكرتني هذه المقالة بكلمات الرئيس المصري الراحل حسني مبارك حين قال "المتغطي بأمريكا عريان".. حقاً المتغطي بعملتهم عريان.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!