- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عن قانون الخدمة العسكرية الإلزامية الجديد
بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
هذا ليس قانوناً "جديداً" للخدمة العسكرية "الإلزامية".
هذا قانون "إعانة اجتماعية".. إضافي .. و"جديد".
700 ألف دينار، راتب للجندي"المُكلّف"!!!!!
لماذا؟
كيف سيتمُّ "تسريحُ" هؤلاء الجنودِ لاحقاً، بعد أن يتعوّدوا على العيش برواتب كهذه؟
من سيقبلُ أن يكونَ راتبهُ "صِفراً" بعد نهاية مدّة خدمتهِ "الإلزاميّة"، ليموتَ بعد ذلكَ من الجوع؟
هل يعرفُ من يُريدُ تشريع هذا القانون بأيّ ثمن، عدد الذين سيتمُّ شمولهم به، وعبء ذلك على الموازنة العامة للدولة؟
هل يعرف كم هو عدد المنتسبين (على الملاك الدائم) في وزارتي الدفاع والداخلية (وفي قطاع الأمن والدفاع بشكلٍ عام) الآن؟ وكم هو عدد الشباب من بينهم، لكي يتذرّع بأنّهُ سيسنُّ القانون لكي يضُخَّ إلى المؤسّسة العسكرية "دماءً جديدة" ؟؟
يتم "تعيين" حملة شهادة البكالوريوس في الوظائف الحكومية براتب قدره 450 -500 الف دينار.. فلماذا كلّ هذا الفرق بين الراتبين، خاصّةً وأن الشخصَ الذي يتقاضى ضعف معدّل الراتب الأدنى للموظفّ الحكومي، هو مجرّد "جنديّ مُكلّف"، في قانونٍ للتجنيد "الإجباريّ"؟؟
وإذا كانت الخدمة "إلزاميّة"، والتجنيد "إجباري"، بهدف تعزيز "الروح الوطنيّة" لدى الشباب.. فهل هناك شبابٌ آخرون سيدفعونَ "البدل النقدي"، مقابلَ تخلّيهم عن هذه "الروح"؟
هل سنتقاضى مبلغاً معلوماً من المال من جزءٍ من الشباب، لا "روحَ وطنيةٍ" لديهم، بل لديهم المال فقط، وندفعهُ لمن يُريدُ الحصولَ على "روحٍ" كهذه، مقابل 700 ألف دينار شهريّاً؟؟
وإذا كانت "الدولةُ" تملكُ المالَ (العام) اللازم (الآن)، لتغطية هذا الكمّ الكبير من الإنفاق.. فهل ستملكهُ دائماً، وتستمرُّ من الإنفاق منه على "أبوابِ" صرفٍ كهذه؟؟
وإذا كانت هناك "نِيّة" لإجراء "مُقايضة" بين المال والخدمة الإلزامية بموجب هذا القانون، فهل لدى الجهات ذات العلاقة بتنفيذ أحكامه، بيانات دقيقة عن عدد الذين سيشملهم هذا القانون، وعدد من سيتمّ إعفاءهم من أحكامه مقابل مبلغٍ من المال.. لكي يتحمّل هؤلاء بالنتيجة "العبء المالي" لرواتب "المُكلّفين" الآخرين؟
ويُقالُ أيضاً في معرض تبرير مشروع القانون، بأنّنا نملكُ "البنية التحتيّة" اللازمة، لإستقبال "المُكلّفين" بالخدمة الإلزامية!!!
وماذا عن"البُنية الوطنيّة"؟
هل نملكها الآنَ بالفعل؟
وماذا عن المجتمع المُنقسِم على نفسه؟
ماذا عن الندوب العميقةِ في روح كلّ واحدٍ منّا، بعد كُلّ هذا الذي جرى لأكثر من عشرين عاماً؟
ماذا عن مؤسّسة و"بُنية" الفساد متعدّدة الأبعاد؟
لماذا لا يتم التنبّه إلى كُل ذلك عند تقديم مشروعات القوانين؟؟
لماذا يتمّ الأستخفاف بـ"الآثار" الإقتصادية والإجتماعية (بل وحتّى النفسيّة)، عند تقديم مقترحٍ لتشريع أيّ قانون؟
لماذا يُترك ذلك للسياسيين (والنوّاب) وحدهم.. أو لـ"المستشارين" العاملين بمعيّتهم، والذين هم في الحقيقة مجرّد "أبواقٍ" لهم، لا أكثر ولا أقلّ؟
شخصيّاً.. تم "تعييني" في "مصلحة البريد والبرق والهاتف"، عام 1970، بوظيفة "مأمور تسجيل"، بأجر يومي مقداره 750 فلساً عراقيّاً (أي أقلّ من دينارٍ واحدٍ يوميّاً).. لاغير.
في العام ذاته كان راتب الجندي المُكلّف 3.750 دينار (ثلاثة دنانير وسبعمائة وخمسون فلساً، فقط، لا غير).. أو (أربعة إلاّ رُبُع) كما كان يُطلَق "شعبيّاً" على راتب الجندي المُكلّف آنذاك.
في ذات العام (أو الذي قبله)، صدر قرار من مجلس قيادة الثورة "المُنحَلّ"، بأن تتقاضى أيُّ امرأة يتمّ تعيينها في دوائر الدولة (لأوّل مرّة)، ولمدّة الخدمة الإلزامية للرجال ذاتها، راتباً مقداره 3.750 دينار فقط.. أسوةً بالجنود "الرجال" المكلفّين!!!!
بعد أكثر من نصفِ قرن.. علينا وضع وتطبيق "القراراتِ" و"القوانين" الأكثر إنصافاً (من الناحية الإجتماعية)، والأكثرُ جدوى (من الناحية الإقتصادية)، والأكثرُ "إنجازاً" من الناحية السياسية.
أمّا كيف يتمُّ ذلك، بأقلٍّ كُلفةٍ (اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ وسياسيةٍ مُمكنة).. فإنّني أتركُ هذا لكم، لأنّني غيرٌ قادرٍ، وغيرُ مؤهّلٍ للبتّ فيه.
أقرأ ايضاً
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- من يوقف خروقات هذا الكيان للقانون الدولي؟
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب