- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هذا هو الإقتصاد .. هذا هو الإقتصاد
بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
للتذكير بالبديهيات فقط ..
فإنّ النهوض بالزراعة والصناعة و السياحة والصحة والتعليم والطاقة والطرق والجسور.. و ترسيخ أسس دولة القانون و دولة العشائر معاً، وتطبيق أنظمة المرور في الشوارع السائبة، حيث يقف شرطيّ المرور (لا يدري ما يفعل)، جنباً إلى جنب مع الكلاب السائبة، و"الطليان" شاردة الذهن، و"التكاتك" الطائشة، والكيّات المُنفَلِتة، ودرّاجات "الديلفري" غير المُنضبِطة.. و حَصْرِ أسلحةِ الكاتيوشا "التي لا تَمِلّ"، والـ PKC "الما يسكُت"، و "الشاجور الما يِخلَص" بيد الدولة .. و"دعم" الفقراء في مواجهة أزمة التضخمّ والركود وانقطاع سلاسل توريد الغذاء على مستوى العالم.. هذه القضايا الكبيرات "المُصخّمات" لا يمكن النهوض بها كلّها معاً، وفي ذات الوقت.
هذه فوضى، ومسخرة، وعنتريّات، وأناشيد.. وليست اقتصاد.
والإقتصاد ليس "فزعة" ولا "دكَة" عشائريّة، ويُعجبني أو لايعجبني، و أريدُ أو لا أريد، ولا كُن فيكون .. إنّهُ اقتصاد.
وفي الإقتصاد لن تُنقذنا بركات "مولانا" خام برنت (حتّى لو اعتمدنا سعر 120 دولار للبرميل في الموازنة العامة)، ولن تنفعنا "شعارات" من قبيل: "الخيرات الوفيرة"، و"الموارد التي لا تنضب"، و "النهران العظيمان"، و "الجبل والهور"، و "السهل الرسوبي العظيم"، و "الجنائن المعلّقة والزقّورات وأسد بابل" .. فهذه كلّها "إمكانات وفُرَص" لا تتحرّك من مكانها قيد شعرة، ولا تُدِرُّ دخلاً .. إلاّ بالاقتصاد.
والإقتصاد ليس مجرّد نوايا طيبة، ولا هو جمعية خيريّة، ولا هو "هبّة" جماهيريّة... إنّهُ اقتصاد.
وأخيراً فإنّ الإقتصاد ليس لعبة روليت روسية، تهدّدوننا بممارستها على مزاجكم، بعد كل حفلة سياسية صاخبة.. تُمسكون من خلالها بالمسدّس، و"تفرّون البكرة"، و تضغطون على الزناد.. فمرّةً تنطلقُ علينا بركات "السوق الحرّة"، ومرّةً تغمرنا "الإشتراكية" برعايتها الكريمة .. و تارّةً توزّعون الرواتب بالقطّارة، وتارّةً أخرى بالزنابيل.. و تمنحونَ "المكارم" السخيّةَ لزبناء التخادم، وتخصّصون الموارد حيناً لـ "التنمية" و"النهوض" و"البناء" و"الإصلاح"، وتنهبونها حيناً آخر بإسم "التنمية" و"النهوض" و"البناء" و "الإصلاح"، وكأنّ العراقييّن (حالهم حال مواردهم المستباحة)، فئرانُ تجارب، وكرةً تتقاذفها أرجلُ كُلّ من هبّ ودبّ.
احترموا الحدّ الأدنى من "القواعد"، والقوانين ، والتنظيمات، و"الميكانزمات" الفاعلة في السوق والمجتمع، وأنتهِجوا الممارسات العقلانيّة، والسلوك الرشيد، وتحسّبوا للمتغيرات.. سيحترمكم الإقتصاد.
وإلاّ فأنتم، وحدكم ، مسؤولون عن نتائج أعمالكم، وعن "لملمة" مُخلّفات الفوضى التي تركتموها وراءكم ، بفعل ادارتكم الإقتصادية المشينة لهذه البلاد، لسنين طوال .
وهذه ليست مجرّد "هفوات" سياسية ، لكي تسقط تهمة تبديد الموارد الوطنيّة بالتقادم، وتهمة سوء استخدام السُلطة بـ "التخادم".
هذا اقتصاد .
لقد قوّضتم أسس الدخل الدائم للناس، وفرّطتم بمصادر دخلهم الكريمِ والمُستدام، وأغرقتم النشاطَ الإقتصاديّ في الفوضى.
وهذه ليست لعبة كرّ وفَرّ سياسية تضحكون بها علينا، وتتبادلونَ فيها أدوار النصر والهزيمة، لتُحكِمون من خلالها قبضاتكم على رقابنا المكسورة سلَفاً.
هذا اقتصاد.
والإقتصادُ لا ينتَظِر أحداً.
الإقتصاد إمكانيّات وفُرص.. ولكنّهُ ليسَ إمكانيات وفُرَص الأجل القصير فقط .
الإقتصاد هو ما يمنعنا من أن نكونَ فاشلينَ، وعالةً على أنفسنا وعلى العالم.. في الأجل الطويل.
الإقتصاد هو أن لا نكونَ بلاداً ميّتةً، ولا "أُمّةً" ميّتة، ولا "شُعوباً" موتى.. لا في الأجل القصير، ولا في الأجل الطويل.
هذا هو الإقتصاد.
هذا هو الإقتصاد.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً