- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بين اعتناقية العقيدة وثقافة التطبع
بقلم: حسن كاظم الفتال
القرآن دستور حياتنا بَلَّغَنا بعظمة أسراره ونقلها لنا أهل البيت صلوات الله عليهم وصانوا لنا جوهر مفاهيمه وكل ما نص عليه القرآن الكريم بل كل الموروث الإسلامي الذي وَرَثوه ووَرَّثوه لنا من قيم ومبادئ سامية ومثل عليا وكل ما يلحظ للرفعة والسمو الإنساني.
حتى أصبح المتتبع لمنهج آل بيت الرسالة صلوات الله عليهم أجمعين العظيم يستلهم أعظم الدروس ويستمد أبلغ العبر من الموروث الديني .إذ أنه أي الموروث الديني يرتبط ارتباطا مباشرا بسياقات حياة الإنسان . لذا مثلما تعتز الأمم بموروثها الديني وتعدُّه جزءاً من المنظومة الثقافية والمعرفية التي تحتفظ بها . ولعل الموروثَ يحق لدلالاته أن تأخذ دور الوصاية على الإنسان من أجل أن تتحكم بسلوكه وتُقَوِّمَ فيه أيَ اعوجاج إن وِجِد ولعلها تتدخل في تنشئة البيئة التي يعيشها المسلم . ويحدد طبيعة العلاقات بين الأفراد وكذلك صيغ تعامل الأفراد مع ما ومن حولَهم من الأشياء .
ضرورة تلاقي الثقافة والعقيدة
ولعل ما يلفت النظر أننا نجد في الأدبيات أن الكلَّ يتحدث أو يشير في حديثه إلى الموروث الديني وإلى العقيدة والعادات والتقاليد والقسم الأكبر منا يختزن في ذاكرته للكثير من النصوص ويدرك بأن هذه الأحاديث التي تلمح إلى الموروث ليست مجردَ أقوال عابرة بل هي نصوص يتحتم على قارئها وسامعها أن يتمسك بمضامينها ومدلولاتها .
إذن هل يصح أن يدعي أو يزعم المسلم التدين الحقيقي ويتصرف بتصرف يوحي بأنه لا يمت للإسلام بصلة ؟.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( خيركم من دعا إلى فعل الخير) .
وقال صلى الله عليه وآله : (خير الناس من ينفع الناس، فكن نافعا لهم ) . وأما أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه يقول: ( خير الناس من تحمل مؤونة الناس ).
هذه الأحاديث الشريفة وغيرها مما يماثلها من الكثير الكثير كل ذلك يلمح إلى بيان روح التعامل الإنساني والتعاطي مع هذا المفهوم .
فحين يكون هكذا إذن لِمَ لا تندمج الأفعالُ والأقوالُ لتصب في مصب المصداقية ؟
هل يدل ذلك على الإزدواجية ؟ أم غياب التوازن واستقلال الشخصية ؟ أم اضطرارية المكانِ والزمانِ والحدث والمُحدِث ؟
أمن العقل والتعقل أن ندعو الآخرين للإصلاح ولا نلتمس الإصلاح لذاتنا أحيانا ؟
ما مدى تأثير الطبع والتطبع على سلوكيات المرء وتصرفاته ؟ وما هي الإنعكاسات السلبيةُ منها على المجتمع ؟
ماذا نعني بالثقافة الإسلامية هل هي التدرج بمنهجية التعليم الأكاديمي العلمي الحوزوي ؟ أم هي الإكتفاء بمعرفة بعض الأحكام الشرعية ؟ أم التعرف على كل ما وَرَّثَه الإسلامُ من قيم سماوية ؟
لِمَ كثيرا ما يمتدح بعضُنا مَنْ هم غيرُ المسلمين ونجتهد في إيجاد عبارات الذم على أنفسنا ؟
حين تغيب الرقاباتُ القانونية والعرفية والمجتمعية والضغوطات الخارجية . هل يخضع المسلم للرقابة الذاتية ؟ أم تغيب عنه أيضا ؟ .وإذا غابت فما هو السبب ؟ وما سوف يترتب على ذلك الغياب من أثر ؟ وما هي النتيجة ؟
ما الذي سبب ضياع َالمسلمِ لهويته وفقدانَ رموزها وطمسَ معالمها ؟
هل إن إثبات التمظر بالثقافة أو التسلح بها يتطلب إعلان الإنسلاخ من ماهية الهوية العقائدية وأصالتها ؟
هل أن الثقافة أصبحت تمثل مجردَ مفردة تتداولها الألسن ؟ أم أنها شعور وتوجس وقناعة يحث الفرد على ممارسة عملية أخلاقية تعكس أبهى صورِ الحضارة ؟
عندما يُلزمنا الظرف لأن نبين حقيقة ما أو يجبرنا على ذلك فإن هذا التبيان أو الإعلان لا يكفي مجرد الإدعاء أو التمظهر بها لإثباته إنما نصبح بحاجة إلى إتيان برهان قاطع وما البرهان إلا التطبيق التام للمفاهيم والممارسة الفعلية لإظهار تطابق الفعل بالقول .
وبيان تطابق الفعل بالقول يمثل التخلق بأخلاق أهل البيت صلوات الله عليهم تلك الأخلاق التي هي عصارة نقية مستخلصة ومستمدة من جوهر القرآن الكريم ومن عمق مفاهيمه ومكنون مضامينه.
وحين نولي الإهتمام الحقيقي بصدق وإخلاص إلى ما نزعم وندعي ترى ما هي الحدود أو الضوابط التي يمكن اعتمادها في إبداء هذا الإهتمام والتعامل مع الناس بشكل عام مما يشيع الفضيلة والصلاح ؟
وإن الرغبة الحقيقية في السعي لإشاعة الفضيلة والصلاح والفلاح ونشر الوعي العقائدي تحتم على كلٍ منا لأن يتدرع بثقافة دينية عقائدية حقة وأن نتعاطي مع ذلك بعقلية متفتحة غير منغلقة تطرح الراي الصائب والقول السديد وتتلقى القول فتتبع أحسنه .
أقرأ ايضاً
- الشيعة بين السياسة والعقيدة
- أسود العقيدة.. ذو الشيبة الزكية
- شبابنا.. وثقافة التسطيح والتمرير والتفاهة.