- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
كي لا أقع فريسة الحرب الشيعية ـ الشيعية
حجم النص
بقلم:نجاح بيعي
نسمع وكما هي العادة في كل أزمة تضرب البلد ,وتهزّ جل الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية, الداخلة في العملية السياسية في العراق, من أن هناك أجندات خارجية تدفع لحرب شيعية – شيعية!؟. ومن حقّنا هنا أن نطرح بعض التساؤلات المشروعة !. ـ هل فعلا ً هناك أجندات تدفع الى حرب شيعية شيعية؟. أم أن هناك أجندات تدفع الى حرب بين أحزاب إسلامية سياسية شيعية متنافسة فيما بينها, حول السلطة والنفوذ والمصالح؟. وهل سجل لنا التاريخ حربا ً شيعية شيعية حتى نهابها ونخشى تكرارها!. وهل المعارك التي تشتد أوارها بين الفينة والفينة, كالتي تقدح بين العشائر في الجنوب نموذجا ً لتك الحرب؟. ماذا لو كانت هذه كلها إشاعة وكذبة أطلقتها الأحزاب الشيعية ذاتها, لتتخندق وتتمترس بالمذهب, حفاظا ً عن مصالحها ومكاسبها الحزبية والسياسية وتسقيطا ً لمنافسيها؟. ولو افترضنا جدلا ً وقوع مثل تلك الحرب, هل بإمكاننا أن نسمّي المتحاربين ــ شيعة؟. وهل الشيعة يتقاتلون فيما بينهم؟. وهل يمكن أن نتصور حينها انقسام المراجع الدينية الى خندقين أو معسكرين متحاربين, هذا يفتي بقتل ذاك, وذاك يفتي بقتل هذا؟. ـ لكي لا أدخل في معمعة معرفة الأجندات ومن يقف ورائها؟, وعلى ماذا تهدف ولماذا؟. وأوفّر على نفسي (دوخة الراس) بمعرفة الطرف (أ) الشيعي الباغي, من الطرف (ب) الشيعي المعتدى عليه أو العكس. وأتجنب الإصطفاف الدموي الذي لا يبقي ولا يذر لو وقع المحذور لا سمح الله, لهذا الطرف أو ذاك, واتنزّه عن كل مظاهر (الإمّعيّة) التي برعت بها الكيانات السياسية الشيعية, بامتلاكها الآلة الإعلامية والوسائل الأخرى, لغسل أدمغة من يمكن أن يغرر بهم, وأنجو بنفسي من أن اكون حطبا ً لنار كان يفترض أن تقتدح للعدو المشترك, فضلا ً عن الدين والمذهب والتشيع, الذي يتربص بالجميع الدوائر, والذي كان آخر وجه قبيح له هو (داعــش), إن لم يكن (الآتي) هو الوجه الآخر له لا قدّر الله تعالى. عليّ أن أعرف أولا ً ـ مَـــنْ هُــوَ الــشِــيــعِــي ّ حــقّــا ً؟!, وما هي صفاته التي أثبتها أئمّة أهل البيت المعصومين (عليهم السلام), إذا كنّا فعلا ً من أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)!. ـ فقد ورد في كتاب وسائل الشيعة عن الإمام أبي الحسن الرضا (ع) أنه قال: (شيعتنا المسلمون لأمرنا الآخذون بقولنا المخالفون لأعدائنا فمن لم يكن كذلك فليس منا). فمع وجود الكم الهائل لأحاديث أئمّة اهل البيت (ع) التي تبين العديد من صفات الشيعة, وتصنفهم حسب مستويات إيمانهم ووعيهم وثقافتهم, ودرجة قربهم وابتعادهم عنهم (ع), ألا أن هذا الحديث الشريف المنقول عن الإمام الرضا (ع) يبرع لأن يعطي المحصلة النهائية, والنتيجة التي يجب أن يكون عليه الشيعي, بعُد أم قرُب عنهم (عليهم السلام) . فقد ألزم الإمام الرضا (ع) الشيعي بـ(ثلاث) أمور ثابتة لا تتغير بالشيعي تحضنه من الإنحراف عنها, ولا يتغير الشيعي بها الى ضدها لو اتصف بها, لو انطبقت السماء على الأرض وهي: 1ـ التسليم لأمرهم 2ـ والأخذ بقولهم 3ـ والمخالفة لأعدائهم وإلا ّ فهو ليس منهم عليهم السلام. بمن نجد اليوم كلمة (أمرنا) الواردة في الحديث ممثلة ومجسّدة ونحن نعيش عصر الغيبة الكبرى للمعصوم الغائب (ع), قطعا ً نجدها ممثلة ومجسّدة بمراجع الدين العدول, ذلك الكيان المقدّس الذي أمر به وعيّنه واثبته المعصوم (ع) لكي ترجع الأمة إليها في زمن الغيبة, وهم نفسهم رواة الحديث المشار اليهم في: (وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم ، وأنا حجّة الله عليهم). فصارت المرجعيّة الدينية بمقام النيابة المقدسة عن المعصوم (ع) زمن الغيبة. فإذا سلمّنا لهذا الأمر: فما علينا إلا ّ التسليم والأخذ بقول المرجعية الدينية, الذي هو قول المعصوم (ع) من مجمل فيوضاتها المتمثلة بالنصائح والإرشادات والتعليمات والوصايا الدينية والدنيوية, إذا ما جمعنا التسليم والأخذ ـ فيتبقى لدينا النقطة الثالثة المتمثلة بمخالفة الأعداء والخطورة تكمن هنا!. ـ من هو العدو؟ مَن له الأهلية والقدرة اليوم على تحديد العدو ومخالفته, وفق الشروط الشرعية والدينية ؟. القبيلة مثلا ً, أو الحزب الإسلامي السياسي, أو الحكومة, أو أو أو ؟. أنّ مَن يملك الأهلية والقدرة على تحديد العدو, هو مَن له القدرة ويستطيع أن يحقن الدماء, ويصلح ذات البين, ويهدي من الضلالة, ويشير بثقة ولا يخاف في الله لومة لائم الى الحقّ, حتى يعرف من جَهله, ويشير الى العدو حتى يرعوي ويرتدع عن الغيّ والعدوان. ولا يكون بهذا المقام الجليل إلا ّ المرجعية الدينية لإمتلاكها الأهلية والقدرة على ذلك, كما فعلت وحدّدت العدو المتمثل بـ(داعش) وأشارت إليه وأفتت بقتاله, كما وأشارت الى الحق وكان مع الشعب العراقي, بفتواها التاريخية فتوى الجهاد الكفائي. إذن فالشيعيّ الحق هو من: ـ أسلم أمره للمرجعية الدينية النائبة عن مقام المعصوم (ع) ـ وأخذ بقولها ـ وخالف أعدائها ومن لم يكن كذلك فهو ليس منهم (عليهم السلام). وانطلاقا ً مما تقدم.. وإذا ما نظرنا نظرة شاملة لكل مواقف الأحزاب والتيارات والكتل الإسلامية السياسية والشيعية منها بالخصوص, العاملة على الساحة منذ سقوط الصنم عام 2003م والى اليوم, نعرف ببساطة مَن منهم (أسلم) و(أذعن) و(أخذ) بنصائح المرجعية الدينية العليا, ومن وضع يده من قريب أو من بعيد بيد العدو, ممن هم ليسوا كذلك!. وبكلمة أخيرة .. إذا كانت الحرب التي هي نتيجة الصراع المحتدم, والتنافس المبتذل أحيانا ً حول السلطة والنفوذ, بين الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية, تسمّى حرب شيعية ـ شيعية كما يزعمون, فماذا نسمّي الحرب لو نشبت ولنفس الأسباب بين الأطراف أخرى مماثلة, حرب كرديّة ـ كرديّة مثلا ً , وحرب سُنّية ـ سُنّية ما لكم كيف تحكمون. مثل هكذا حرب وإن تعددت تسمياتها, فهو بحد ذاته مؤشر خطير يعرب ويكشف عن صراع دموي جديد محتمل, وقد يرشح بقوة, ليكون العدو الجديد الذي سيخلف داعش, في إنهاك العراق شعبا ً ومقدرات!؟.