- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
دولة المعارضة .. دولة الموالاة
بقلم: سعاد حسن الجوهري
الانظمة الديمقراطية التي سبقتنا بعقود او حتى سنوات حلقت بجناحي المعارضة والموالاة ووصلت بهما الى علياء الهدف الاسمى المتمثل بتحقيق مفهوم "دولة المواطنة".
من رحم هكذا دولة انتظم نمط الحكومات التي تاتي عبر بوابة صناديق الاقتراع الى سدة القرار ليجد كل معسكر (موال او معارض) نفسه في المكان الصحيح ويؤدي الدور المطلوب المتكامل من حيث الاداء والرقابة المشددة.
فالاول ينطلق بترسيخ بنود البرنامج الإنتخابي الذي نجح على اساسه. واللافت ان الكثير من الانظمة الحرة تحترم موالاتها حق المعارضة والرأي الآخر في كافة المسائل المثارة فتعمل على توسيع دائرة المشاركة في الحكم وتعود للشعب في المسائل الأساسية كلما إستدعت الضرورة.
دولة المواطنة - في عرف هذه الدول - هي تطبيق القانون وإحترام الدستور وعدم القفز عليه ومحاربة الفساد والتفرد ونبذ كل المظاهر الخاطئة والسلبية الى جانب تعزيز الرقابة والمساءلة للجهات المسؤولة دون إستثناء ووضع الخطط المنهجية القصيرة والمتوسطة والطويلة لخلق شروط التنمية المستدامة في الشروط الطبيعية للحكم الرشيد.
واللافت ايضا ان كلا المعسكرين يرجعان بنحو دائم للمؤسسة التشريعية لتقوم بدورها الرقابي الهام وتفرض سلطة التشريع والرقابة على ميدان العمل الديمقراطي بنحو علمي رصين.
ففي عرف ومنهج تلك الدول ايجاد او ترسيخ معايير للموالاة والمعارضة لإدارة المجتمع وتفادي الأزمات، والتخفيف منها على الاقل وبالقدر المتاح. وإذا أخذنا مسألة المعارضة من المفترض ان يقتصر ادائها على النقد البناء وليس الهدام ، ان تشارك في ترسيخ الرأي السديد لا ان تدخل في صراع مع الحكم والموالاة وبالتالي تنشغل عن دورها الوطني الهام والفاعل.
تلك الانظمة المتقدمة في المسار الديمقراطي تعمل فيها الموالاة والمعارضة في مضمار سباق لا يغادر الهدف الاسمى الا وهو تغليب المصلحة العامة ومصالح الشعب العليا على الحسابات الفئوية الضيقة فالمعارضة الوطنية الصحيحة هي من تسلط الضوء على الأخطاء والسلوكيات والسياسات الخاطئة للحكم ولكن دون مغالاة.
في مفهوم تلك الدول فان إحترام التداول السلمي للسلطة ونتائج صناديق الإقتراع وعدم اللجوء للإتهامات الباطلة للتشويش على الحكم او تجييش الشارع وفرض سياسة الامر الواقع حرصا وحفاظا على جوهر الدولة والحيلولة دون تمدد منهج اللادولة وبالتالي الفوضى وعدم الاستقرار وكسر جرة الوطن بنحو مرعب ومخيف. اخيرا وليس آخرا فان المتتبع لخطوات تحالف قوى الدولة في العراق سيلمس هذا المسعى للفرز بين المعسكرين وتوحيد رؤاهما في مصب واحد يخدم مساري التنفيذ والرقابة بما يسهم بالارتقاء الوظيفي لكل مفاصل الحكومة ومؤسساتها وبالتالي تحقيق الصالح العام.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً