- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المنتخب العراقي .. المَشْغَـل المُربح للمدربين العاطلين والمعتزلين !
سلطة المهمّة المونديالية على محك مزاج جنرالين !
أبحثوا عن سر "ديك" في الإمارات .. ولا تهربوا من صراحته المُزعجة !
بقلم: إياد الصالحي
تشاء الصدفة أن يوقِد المدرب الهولندي المخضرم "ديك أدفوكات" شمعة ميلاده الخامسة والسبعين في السابع والعشرين من أيلول القادم، بالتزامن مع مهمّة قيادته منتخبنا الوطني بكرة القدم، والتي من المؤمّل أن يجتاز خلالها كوريا الجنوبية وإيران في مواجهتي تثبيت الحظوظ المبكّرة يومي (2و7) الشهر نفسه من الدور النهائي لتصفيات المجموعة الآسيوية الأولى المؤهّلة الى بطولة كأس العالم بنسختها الثانية والعشرين في قطر العام المقبل.
وينقسم الشارع الرياضي، كالعادة، حول مدى كفاية المدّة المتبقية (31 يوماً) قُبيل انطلاق مباراة منتخبنا الأولى مع كوريا الجنوبية لينجح في تعزيز الثقة به، سيما أن وقتاً ثميناً ضاع ما بعد مباراة إيران المثيرة في الدور الثاني من التصفيات يوم الخامس عشر من حزيران الماضي، بسبب أزمة الترقّب لمصير السلوفيني سريتشكو كاتانيتش المدير الفني السابق للمنتخب، والبحث المستمر عن المدرب المناسب وفقاً لقناعات عدنان درجال وزير الشباب والرياضة دون غيره من مسؤولي الهيئة التطبيعية في اتحاد الكرة الذين همس بعضهم لثُقاة بضرورة إبقاء السلوفيني الى نهاية الدور التأهيلي لأنه أدرى بإمكانيات اللاعبين!
التدخّل الفَظّ
ديك أو (الجنرال الصغير) تعبيراً عن وصف النُقاد لقامته القصيرة وشخصيته السلطوية، عطفاً على مُماحكاته مع مسؤولي الأندية والمنتخبات التي قادها خلال مشواره، لا يعرف شيئاً عن الطبيعة العراقية في التعامل مع الملاكات الأجنبية وقد مرّ العديد منهم بمواقف حرجة جرّاء التدخّل الفَظّ في شؤونهم، وغادروا دار السلام مُحمّلين بذكريات مؤلمة تركت انطباعات سيّئة ضد إدارة منظومة كرتنا، فكيف بـ"ديك" القادم من مجتمع يمتاز المواطن فيه بالصراحة، ويقول عباراته من دون اي مبالاة للمقابل مواطناً كان أم مسؤولاً حتى لو تسبّبت في ازعاجه، فهو يُبرّر ذلك بأن المُشكلة ليست عنده، وهناك من يرى بأن الهولندي بصورة عامة لا يُبدي تعاطفاً مع الموقف بقدر ما يضع أولوية للصدق وبعدها يتماهى مع المشاعر!
نشير الى ذلك، ونحن أدرى بأن قيادة "ديك" للمنتخب الوطني في كفّة وتصادمه بمزاج المسؤول الأول عن كرتنا في كفة أخرى، ولا تخفى شخصية الجنرال عدنان درجال المرشّح لرئاسة اتحاد اللعبة بتأييد برلماني أحاط الاتحاد الدولي علماً به بأن (الاتحاد منظمة غير حكومية لا تتقاطع مع توصيفه كوزير رياضي) فهو الشخص المتفاعِل مع المنتخب بأعلى درجات الحرص الوطني بالأمس عندما كان خارج دائرة المسؤولية، فماذا ستكون ردّات أفعاله وأشكال تدخّلاته اليوم وهو يواكب سير الأسود في حقول ألغام التصفيات في معركة فنية بحتة لا تحتمل رأيي جنرالين؟!
مراقبة سلوك
حساب من هذا النوع، حريّ أن نستدركه، ونثق بأن الكابتن درجال يعي قيمة الحِكمة في مقولة الأديب والفيلسوف الفرنسي مونتيسكيو (إذا أردتَ أن تعرف أخلاق رجل، فضع السُلطة في يده ثم أنظر كيف يتصرّف) واستعارتنا هنا لا علاقة لها بخُلقه الشخصي والرياضي الذي قدّمه أحد أبرز العراقيين الأوفياء ونجم الكرة لاعباً ومدرباً، إنما نراقب سلوكه الإداري حينما تكون سُلطة اللعبة في يده رسمياً لأول مرّة، فما تناقلته الاوساط المُقرّبة منه بأن كاتانيتش رفض بشدّة انتقاداته المباشرة ومُساءلته له في أرض الملعب عقب الخسارة أمام إيران طالباً منه العودة الى المقصورة حيث مكانه المناسب وعدم محاسبته عن أمور فنية خطّط لها بقناعة ويتحمّل نتائجها وحده!
سرّ التدريب!
ليس من باب التشاؤم لما ستؤول اليه قيادة "ديك" للأسود في التصفيات، لكن تجارب سلفه منذ عام 2003 في الأقل لم تترك لنا مساحة للتفاؤل، فمهنة التدريب لا تمنح سرّها العجيب بتطويع المصاعب وتحقيق المكاسب بدوام الحال، مهما كانت شهرة المدرب طاغية في عالم الكرة، فما حصل لمنتخبنا في عهدة البرازيلي جورفان فييرا "المغمور" وهو يظفر بكأس آسيا الرابعة عشرة في 29 تموز 2007 عقب شهرين من قبوله العمل مع الأسود مقابل 40 ألف دولار لمدة ستين يوماً غير مُلزم بأي نتيجة جيدة، لهو خير دليل على ما نقول، مع الإشارة الى أن المناخ الاجتماعي والسياسي الذي عمل فيه فييرا أصعب ممّا سيواجهه "ديك"، إذا ما سلّمنا بأن الموهبة العراقية متوفرة في جميع مراكز المنتخب، لكن لم ينجح أي من المدربين الأجانب باستثمارها لإرساء قواعد متينة لكرتنا، يضمن بها التأهّل لبطولات كأس العالم 2006 و2010 و2014 و2018 برغم تعدّد المدارس الألمانية والنرويجية والبرازيلية والصربية والسلوفينية! فجزء كبير من أسباب الاخفاق يتحمّله نظام المسابقة المحلية وتكرار مدربي الأندية مناهج تدريب اللاعبين بطريقة تقليدية لا تنمُّ عن تطوير قدراتهم مُذ أن ولجوا المهنة بعد حصولهم على الشهادة.
ثقة بلا حدود
150 مليون دينار عراقي شهرياً، مبلغ كبير يتقاضاه "ديك" ويفترض أن يؤدّي واجبه من أيلول 2021 لغاية آذار 2022 الفترة التي تتطلّب منه مرافقة الأسود في ثلاث مناسبات، هي تصفيات كأس العالم، وكأس العرب في الدوحة، وكأس الخليج في البصرة، والمتابع لظروف بلدنا وكرتنا جيداً أننا نمنح الثقة بلا حدود مع مبالغ يُسيل لها اللعاب لمدربين إما عاطلين لا ترغب فيهم الأسواق الكروية في العالم، أو أنهم أعلنوا اعتزال التدريب مع المنتخبات منذ سنين طويلة، مثلما حصل مع فييرا وأولسن وبورا وبتروفيتش وحتى زيكو (الأفضل فيما بينهم) غادر مهمته مع اليابان بعد هزيمتها أمام البرازيل بالأربعة في مونديال 2006 ولم يتعاقد معه أي اتحاد حتى جاء الى العراق عام 2011 وغادر بعد سنة من دون أن يواصل المشاوير الدولية!
جمع معلومات
لابد أن يدفع مشروع التأهل الى المونديال اللجنة الفنية في اتحاد كرة القدم المؤمّل انتخابه في منتصف أيلول المقبل الى جمع معلومات وافية (وإن جاءت بعد توقيع العقد) عن الأسباب العملية التي دفعت "ديك أدفوكات" للتخلي عن مهامّه مع الإمارات وصربيا بعد ثلاثة أشهر من عمله معهما، وكذلك بالنسبة لبقية المنتخبات مثل كوريا الجنوبية وبلجيكا وروسيا، باستثناء هولندا التي بدأ العمل معها مساعداً للمدرب الراحل رينوس ميتشلز حامل كأس أوروبا 1988 برفقة ماركو فان باست ورود غوليت أبرز نجوم كتيبة "الطواحين"، ودراسة تحليل انتقاد مواطنه رونالد كومان بأنه (يعتمد على ذات العناصر ولا يضخ الدماء الجديدة وأسير الأسلوب الدفاعي) وهُما من دَفعْنا ثمنهما بالتدحرج من قمة المجموعة بصحبة كاتانيتش مؤلف حكاية (كابوس المنامة)!
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً