بقلم:علي حسين
سيقول البعض حتما يارجل أنت تتهم نوابا انتخبهم الشعب ولا يزال مصرا على انتخابهم ثانية.. نعم صديقي القارئ نحن جميعا شركاء في إقرار قانون المحكمة الاتحادية الذي يريد مجلس النواب أن يوهمنا أنه قانون سيخدم جميع العراقيين.. المشكلة الكبرى في هذه البلاد أن الجميع يشعر بالمتعة وهو يطلق بالونات الخديعة، وفي الدول العادية يكون القضاء سيفا قاطعا لإقامة العدالة الاجتماعية. أما في بلاد "محكمة الفقهاء" فأكثر ما يخشاه المواطن أن يخرج عليه ساسته للحديث عن الدولة المدنية.
منذ سنوات عاشت البرازيل صراع سياسي بين احزاب اليمين واليسار، وكان القضاء المسيس والذي لا يختلف كثيرا عن قضائنا قد اصدر قرارا بحبس الرئيس البرازيلي السابق "لولا دا سيلفا" بتهم فساد، وكان "سيلفا" الاقرب الى الفوز في انتخابات الرئاسة التي جرت قبل اعوام، قبل ايام كانت المفاجاة، فقد اصدر قاضي فدرالي قرارا بتبرئة "سليفا" ، كان عامل مصنع الحديد، الذي عندما قرر أن يقاتل الفقر، لم يجعلها معركة ثأرية بل جعلها حربا من أجل فقراء البرازيل، لم يطل "لولا" الخطب بل أطال العمل والجهد وتعمق في محبة الناس. وجعل شعاره إغناء الفقراء لا إذلال البلاد.
لقد شهدت بلدان العالم، ولادة صنف جديد من السياسيين، سوف يأخذون المواطنين معهم إلى الحرب على الفقر والأمراض والجهل والأمية والانتهازية، لم يكن لولا يحمل الشعارات الثورية، بل بدأ من عائلة معدمة ليخوض النضال من أجل جعل البرازيل ثامن أكبر اقتصاد في العالم ولينقذ ثلاثين مليون جائع من موت محقق. كأنما الدرس الذي تعطيه بعض الشعوب موجه على نحو خاص، إلى بلد البرلمان الذي يصر على إقامة الدولة الدينية.
ظل لولا في الحكم حتى عام 2010 عندها شعر أهالي البرازيل بنوع من الخيبة لأن الدستور لا يسمح لـ"رئيسهم المحبوب" بالبقاء رئيسا للبرازيل، قدم صورة أخرى للزعامات في العالم، فبينما يلقي بعض الرؤساء الخطب الرنانة أعطى الفقراء وعدا وقطع لهم عهدا.. لم يكذب عليهم ولم يركب على أكتافهم.. لم ينس يوما أنه فقد والده بسبب الفقر وسيطرة احزاب اليمين التي تتشدق بالفضيلة.