حجم النص
بقلم:احمد جنديل
منذ أن وضعت الموازنة على مائدة البرلمانيين والسياسيين ، كوجبة شهية ساخنة ، والجميع مشغول بأناقته الفكرية ، التي يستطيع أن يخرج من خلالها بمظهر الوطني الحريص على أموال الشعب وثرواته ، ففريق صرحّ بضرورة التقشف و فرض الضرائب على السلع التي يحتاجها الناس ، وفريق خرج مهللاً ومكبّراً بأن الموازنة يجب ألاّ تمس رواتب الموظفين الصغار ، وتجملّ الآخرون بالصمت و بذرف الدموع التي تعلن الأسف لما وصلت إليه الحالة التي نحن فيها ، واكتفى ما تبّقى منهم بالوقوف متفرجا ضاحكاً على ما يحدث .
ورغم أنّ الفساد المالي والإداري ما زال يسير على طريق معبّد ومريح ، وان أموال الشعب ما زالت مشروعاً للنهب والسلب ، ورغم أنّ ما حصل من كشف لفضائح الفساد ، وما أعقبه من عقوبات ، لا يخرج عن دائرة المسكنات ، إلا أنّ البرلمانيين وغيرهم ، ما زالوا يعتقدون بأن الانهيار الاقتصادي كان بسبب الفقراء والعاطلين والمهجرين والمتقاعدين ، ولابد من استهداف هؤلاء لمعالجة الأزمة .
وإذا كان فن القيادة يتطلب المهارة الفائقة في إدارة المؤسسة التي يقودها الإداري ، فانّ القانون الأخلاقي ، يكون المحرك لكل أطراف اللعبة ، من الأمانة ، والعدل ، والقدرة على فهم متطلبات الموقف ، وقوة الاحتمال ، وتوقيت ساعة الحسم ، ولابد من الالتفات إلى التراث الروحي والثقافي للمجتمع .
وفي العراق ، ومع غياب منهج المنطق ، وفقدان الرؤية الشمولية ، والتفصيلية لإدارة الدولة ، ظهر الخطاب الإسمنتي المدجج بالمثل العليا ، والمواعظ الكثيرة ، وحلّ محل القائد ، ممّا نتج عنه ظهور طبقة من الموظفين ،لا يفقهون معنى القيادة ، ولا يتمتعون بصفات القائد .
وفي بلد الرافدين ، يهتم القائد بعرض حسبه ونسبه على الرعية ، ويتفاخر ببطولاته الشخصية ، والرعية تدرك أن لا حسب ، ولا نسب لمن يسرق رغيف الفقراء ، ويذل كرامة الناس بغطرسته وتعاليه عليهم ، ويعاملهم بروح التشفي والانتقام .
وفي بلد الفساد المالي والإداري ، يتحفنا المسؤول بسيل من النصائح الفارغة ، ويتقمص شخصية الواعظ ،الذي يمارس الكذب الأسود ، عندما يتحدث عن انجازاته العظيمة للشعب ، وفقراء الشعب يعرفون جيداً ، انه لم يقدم انجازاً لصالح الناس ، وكل ما أنجزه كان لصالح عائلته وحزبه وعشيرته .
أتركوا موضوع الوباء وما تمخض عنه من خسارة ، وابعدوا عنكم موضوع النفط وتدني سعره ، فالمشكلة مصدرها الفساد بكل اشكاله وصوره ومسمياته ، اجتثوا هذا الورم الخبيث من جسد العراق ، سيخرج العراق معافى ، وسيخرج لكم شعب العراق بالهتاف والتصفيق .
القيادة فن ، والقائد فنان ، والحياة لا تستقيم الا بوجود الفنان المخلص النزيه .
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- "خُوارٌ جديدٌ".. برامجُ إلْحاديّة بطرقٍ فنيّة !! - الجزء الثالث والاخير