بقلم: حيدر عاشور
بينما الحكومة وتجار الدولار يناقشون قضية العراق الشاملة في مجلس تصدير القرارات، الذي ننتظر منهم الخير منذ ثمانية عشر سنةً بمصائبها التي لا تنقطع.. وهم ما يزالون يبحثون عن سبل تحجيم التضخم، وكيفية إيجاد البدائل عن استيراد ما نحن نملكه أصلاً؟.. فـ(الغاز والنفط والمياه) متوفرات إلى حدّ الضخامة والزيادة والتوزيع اذا ليس بالمجان فمقابل مبلغ زهيد لا يؤثر سلباً على العائلة العراقية.
أما قضية المال والمصارف والبورصة، والضحك على الذقون قد نشطت بكلمة (تسعيرة الدولار)حفظه الله، وحفظ أربابه، والمضاربين به، والضاربين به السوق بكل وقاحة وتنمر....!. وسط كل هذه المباحثات لصالح العراقيين، كان الدولار يسجل رقماً تاريخياً إلى جانب، ساعة كهرباء من وزارة عريقة، وبطل زيت وكيلو تمن متوقفات من وزارة تفيض بالمواد الغذائية (المستوردة والمحلية)، ويوم واحد للعلم والتربية تعدهُ واجباً الوزارة التي يعتمد على تربيتها الوطن، والعائلة؛ فالظلام وسوء الإدارة والفساد، والتصريحات الانفجارية الرائعة التي يتحفنا بها أهل السياسة، وهي تحكي في كل شيء إلا في رفاهية حياة العراقي وكرامته ولقمته.
علماً ان جميع السياسيين – دون استثناء- لا يكفون عن تبشيرنا بأن العراق في خطر.. (التعليم في خطر، الكهرباء في خطر، الغذاء خطر، الإنسان في خطر)، ولكن أحدً منهم لا يجرؤ على أن يقول الحقيقة بواقعية ونزاهة وبضمير حي.. فقط تصريحات لا تجني منها سوى الأمل في تصحيح الخطأ والعدول إلى الصراط المستقيم.
منهم من يجرؤ على مصارحة الشعب بأن العراق يذوب بين أيديهم وأصابعهم وقبضاتهم وتجارتهم الرابحة في الدنيا، والخاسرة في الآخرة، وهم يتفرجون، ويصرحون بعضهم ضد بعض بالتشهير.. والتشهير والقذف اصبحا هواية السياسي العراقي، يورثها لجيل مخيف جداً في نزعاته التنمرية والتدميرية، فهو يركض مع فحول الدولار بلا مستقبل ولا رادع وهذا ما يبشر بالهاوية وما ادراك من الهاوية.. تحفرها أمريكا وإسرائيل على نار هادئة...
ولكن هناك بصيص أمل من الله، وننتظر من الحكومة والبرلمان بارقة العودة الى نظام يحلم به كل إنسان عاش الأمرين، والأمرين..
ان كانت الحكومة جادة في بناء بلد اقتصادي يحبه الله والعراقيين عليها أن تنعش المواطن في هذه الظروف الصعبة من خلال جعل كل ما يسمى بالوطني شبه مجاني ( النفط- البنزين – الغاز العائلي- الكهرباء) لان الوطنية مثل الحرية هي الإنسان؛ لان كرامته أغلى من كل حصة تمونيه.. صحيح أنه ليس بالطحين وحده يحيا الإنسان اذا انقطع عن العوائل العراقية - ستة أشهر -، والوكيل فاسد لا يملك صفات الحلال والحرام.
إذن بماذا يحيا الإنسان في العراق..؟، فـ(الطحين والسكر والزيت والتمن) أكثر أهمية بكثير من مقاعد مجلس النواب، سواء هذا المجلس الذي ولد وعاش مع كل حرب ضد الشعب العراقي، وتجدد مع كل انتخابات على اصبع المواطن العراقي.
هل يحيا الإنسان العراقي بالتصريحات بالصحف، وموقع الأنترنت والفضائيات المليئة بالأخبار.. اذا كنتم عاجزين عن وقف انحدار الدينار العراقي؛ ورد وحش الغلاء وتأمين شيء من النور وإقناع الموظفين لماذا تقطع وتخفض رواتبهم؟؟، وإلا من أين سوف يولد هذا العراق من جديد والذي يتفقون عليه هم يئنون من خراب انفسهم لرضاء أجنداتهم والمحافظة على كراسيه.. إذن العائلة العراقية تبقى تئن من الجوع والنحول.
نقطة ضوء قرآنية:
وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ [إبراهيم : 42].