بقلم: حيدر عاشور
بمناسبة ما تردده الصحف والإذاعات، ومحطات الفضائيات، والتلفزيون من أخبار واردة من جنبات الأرض عن أفاعيل الطبيعة: من زلازل تتنقل من أمريكا إلى تركيا إلى الصين إلى ايران. ومن أعاصير تجتاح المدن والأرياف وسيول تجرف كل ما في طريقها من بنيان وأشكال من الطوفان الذي يذكر المرء بأيام نوح . ولمناسبة ما يفعله الأنسان الجشع الأرعن والمتجرأ على ذات الله المقدسة ورسوله وأنبيائه، بنفسه في هذا العصر التكنولوجي الألي المعادي للحياة والأحياء من تخمير وتخبيث للأفعال التي تفسد الماء والهواء ووجه السماء.. ونحن في زمن التناقض في كل شيء.
تنقاض في المعيشة والدين والاقتصاد والحصة التموينية، والتربية والتعليم، ونعمة الكهرباء.. وأشياء بسيطة جداً أصبحت عصية وفي مثابة الحلم في تحقيقها.. والسبب واضح السياسة المريضة والنفوس الضعيفة وحب السلطة بجهل او التبعية من أجل المصالح. وعلى سيرة المصالح.
هناك ذو الأقنعة يمشون حسب مصلحتهم "الملحد الذي يجهر بكفره، والشيطان الذي يحرق كل جمال في الأنسان.. رغم ان ذكر الله ورسوله وأنبيائه وحججه لم يتحملها حتى الحديد فآمن.. والكثير من هذه الأشكال تسعى كالأفعى لدس سمها في كل شيء يظهر جماله على ارض البسيطة.
أما على أرضنا كأنما كتب على إنسانها العراقي بكل مكوناته من أحكام القدر ان يبحر دائما في خضم المفاجآت.. فما ان يبزغ نور حتى ينطفئ نور. وما ان يشع أمل حتى يخبو رجاء. وما ان نلمس خيوط الشروق حتى نمس معها غيوم الغروب.. والناس حيارى يتحكم بهم الخوف على الحياة وعلى المصير، وعلى المستقبل وعلى العقيدة وعلى المذهب وعلى الوطن.. يغرقون في الظلمات العذاب واليأس والتنهد.. ويلوذون بعدئذ بالصبر والترقب والجحوظ بالعيون.. خوفاً من العيون الفئرانية، والأفعى الغادرة التي تتلون من أجل مكونها أو خط معينها المادي، أو هي أصلا منتمية لجهات تساعد على سقوط الإنسان والبلاد دائما في خانة القلق. أخرها حدوة الدولار والدينار زادت في الفقير فقراً والغني تضخماً.
لكن الواعين الشجعان يدركون ان قوام الحياة أربعة، العمل، الإقدام، الحب، العبادة.. وطالما انهم يعملون ويقتحمون ويحبون ويعبدون، فان نوائب الدهر لا تلبث ان تزول، وان الاحداث الجسام لا تفتا ان تنحسر، وان الحقوق المشروعة لا بد ان تسترد، والقلوب الخائفة لا تذوق ابدا المطالب. مطالب الدنيا بالتمني بل بالقوة التي تركز على الحق والإرادة والتصميم على النصر.
والحكمة تقول الدنيا حلم والأخرة يقظة ونحن بينهما.